على الرغم من الجهود الكبيرة التى تبذلها حكومة السودان من أجل تحسين العلاقة مع الولاياتالمتحدةالامريكية من خلال لعب أدوار جديدة عبر دبلوماسيتها، إلا أنه من الواضح أن هنالك غموضاً كبيراً وتشككاً من الجانب الأمريكي حيال مواقف الحكومة؛ خاصة في ما يخص ملف حقوق الإنسان في البلاد، وربما تعد كلمة السفيرة الأمريكية " سامانثا باور" بمجلس الأمن- مؤخراً- حول مخاوف بلادها من تردي أوضاع حقوق مستشهدة في الوقت نفسه؛ بما نشرته منظمة "هيومن رايس" من تقرير حول حقوق الإنسان في دارفور ، ودعت السفيرة في كلمتها إلى ضرورة العناية بالتقارير التى تكتبها المنظمات المدنية، في إشارة إلى "هيومن رايس" وعللت قوله لصعوبات كبيرة تواجه المهتمين بالحصول على المعلومات أو إجراء التحقيقات المطلوبة، كما انتقدت بشدة نظام العقوبات الذي يفرضه مجلس الأمن على السودان؛ والذي يقوم على حظر استيراد الأسلحة والسفر وأصول الأموال. ومن المهم الإشارة إلى أن هذه الخطوة جاءت عقب تحركات واسع للدبلوماسية السودانية في إطار دعم العلاقة مع امريكا، وكانت بهذا الخصوص زيارة مساعد رئيس الجمهورية ابراهيم غندور، ومن قبله زيارة وزير الخارجية "علي كرتي" التي أثارت لغطاً واسعاً، سيما بعد أن تبرأت منها وزارة الخارجية الأمريكية . ويرى الكاتب الصحفي والمحلل الساسي" محجوب محمد صالح" في "مقال" له بعنوان "علاقة السودان مع أمريكيا إلى أين؟ " أنه ليس من المستقرب أن يكون هنالك تقارباً وحوار بين الخرطوم وواشطن، وأرجع ذلك إلى طبيعة الخلاف بينهم الذي قال بأنه ليس معركة، وإنما خلاف رؤى ومصالح؛ قابلة للأخذ والرد، وأكد أن المدخل الصحيح لحل الأزمة يتمثل في توفر الإرادة السياسية لمعالجة جذور الأزمة ، وأكد بأنه من الطبيعي في العلاقات الدولية وجود ما هو استراتيجي من الأهداف وما هو تكتيكي قابل لتفاوض بين الأطراف، وهذا جلياً؛ حيث أن امريكا؛ ما تزال تضع السودان في قائمة الدول المصنفة " بالداعمة للإرهاب " رغم المواقف الواضح للسودان في محارة الإرهاب والتعاون مع امريكا في هذا الجانب ، كما أن أمريكا في الوقت نفسه، تعتقد أن السودان عليه أن يشهد تحولاً داخلياً يوقف نزيف الحرب ويحقق انتقالاً سلساً للسلطة، بينما تعتبر الحكومة هذا الأمر؛ شأناً داخلياً وليس من حق امريكا الحديث حوله وأن العلاقة الثنائية بين البلدين؛ يجب أن تنشأ بعيداً عن التدخل في الشؤون الداخلية. ويرى كثير من المراقبين أن حالة الاحتقان السياسي التي تشهده الساحة السياسية رغم دعوات الحوار التي تجري قزّمت من مواقف الحكومة في نيل ثقة كثير من الدول الأروبية والغربية خاصة عقب اعتقال قيادات الأحزاب ابتداءً بالصادق المهدي زعيم حزب الأمة وانتهاءً برئيس التحالف المعارض فاروق ابو عيسى، وممثل المجتمع المدني أمين مكي مدني، الموقعان على اتفاق" نداء السودان" مع الجبهة الثورية. ومن جهته، فقد أكد وزير الخارجية "علي كرتي" في مقابلة صحفية معه على تفاؤله من نجاح الحوار مع الولاياتالمتحدة، وعزا ذلك الى تأكيده على جدية امريكا- هذه المرة- على إنجاحه ، وقال إن المعارضة تخشى هذا التقارب مع امريكا؛ لأنهم حينها سيفقدون تعاطفهم بعد أن ظلوا يستغلونه في قضية الجنوب سابقاً، ثم جنوب كردفان والنيل الأزرق، وأكد أن هذه الملفات خرجت الآن من الإعلام تماماً، وأضاف أن ما حدث في جنوب السودان دفع كثيرين إلى الخروج من هذه اللعبة، وتبرؤهم منها وهذا يجعل الميزان يميل لصالح السودان. لكن الكاتب الصحفي ورئيس تحرير صحيفة "الأيام" محجوب محمد صالح يرى أن قوة موقف الدولة في أي حوار خارجي؛ ينبع من تماسكها الداخلي، وأن الحكومة عليها ان تعي ذلك في علاقتها مع امريكا التي سوف تستغل حالة التفكك الداخلي لمزيد من الضغط عليها. ومن الواضح أن حلبة السباق التي تدخلها الحكومة؛ لكسب الجولة في بناء علاقتها مع امريكا ليست سهلة، كما تحسبت لها ، وسيظل ملف حقوق الإنسان سيفاً تلوح به امريكا على الرؤوس؛ كلما حاولت التقدم لتعيده مرة أخرى لترتيب الصفوف. [email protected]