مظاهر وتداعيات الفساد كثيرة ومتنوعة في الخدمة المدنية في بلادنا في هذه المرحلة شديدة التعقيد والخشونة من عمر الوطن . فقد ساءت وتدهورت الخدمات العامة حد أن بدت لنا في غياب ليس بعده حضور . تلك حالات ومظاهر شتي بدأت فعليا تطال ملامح الناس وهم في سعيهم اليومي القاسي خلف أسباب معاشهم ، ذلك كله قد صار من المعلوم المشاهد في حياتنا ، لكن ، أن يبلغ مظهر الفساد حد أن " يسمم " الحياة وصحة المواطن نفسها عيانا بيانا وفي الملأ ، يرونه يوميا أمامهم ينضح بقبحه ونتانته و ... يعايشونه وهو ينال منهم كل لحظة من لحظات حياتهم اليومية ، فذلك هو ما يخيفنا حد الفزع والغضب فيجعلنا نطلق هذه الصرخة في وجه المجتمع كله وحكومة ولاية الجزيرة المفترض منها أن تقوم بصيانة حياة المواطنين ورعايتهم . حسنا ، دعونا نحكي لكم ما حدث في ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة وعروس المدائن : في ميدان الحرية ، من الناحية الجنوبية الغربية تم " التصديق " لأحد المواطنين بإقامة وتشييد مغاسل للسيارات ، هذه المغاسل تتجمع فيها كميات كبيرة من الزيوت الراجعة والشحوم والجازولين والصابون ونفايات الأوساخ ويجري تصريفها عبر المجري الواقع غرب مصلحة المساحة لتصب من بعد مباشرة في مياه النيل الأزرق ، ملوثة بذلك مصدر المياه الأساسي للشرب مما ينتج عنه ، بالضرورة ، تأثيرا وضررا بالغا ينال من صحة الإنسان والأسماك والكائنات النيلية التي هي ثروة يجب تنميتها وتطويرها لا تدميرها وقتلها بهذا الشكل المزرئ . إننا نرفع صوتنا عاليا ضد هذا الإجراء غير السوي والمشبوه ، ونطرح ، في ذات الوقت ، التساؤلات التالية علي الجهات الرسمية المعنية مباشرة بهذا الأمر : - السيد وزير الإسكان والتخطيط العمراني : كيف تم " التصديق " لمواطن بموقع تجاري إستثماري داخل سوق ود مدني بدون إعلان مسبق وبلا مزاد ولا عطاءات كما تنص عليه القوانين واللوائح المتبعة في مثل هذه الحالات ؟! - وللسيد وزير البيئة والترقية الحضرية نقول ، هنالك شعار معلوم ترفعه وتستهدي به الوزارة نصه : ( حياتي بيئتي ) ، فكيف ، إذن والحال كذلك، تستقيم حياتنا مع بيئة ملوثة فيها مصادر مياه الشرب للإنسان والحيوان ؟! - وللسيد معتمد محلية مدني الكبري نسأله بدوره : أين هي إدارة الصحة بالمحلية حيال هذا الأمر الجلل ، والقائمون عليها منوطا بهم مسئولية صيانة ومراقبة كل ما هو ضار بالصحة العامة ؟! - ولهيئة تجميل مدينة ود مدني نسألها أيضا : متي كانت مغاسل السيارات ملمحا جماليا في المدن ، وهي تتوسط منها مكان القلب ، حيث مفترض أن يكون ذلك موضعا للجمال لا للقبح والتشوهات البيئية ؟! - ولا يفوتنا أن نوجه التساؤلات ، أيضا ، لهذا المواطن صاحب المغاسل : كيف يرتضي ضميره أن يكون مصدر معيشة أبناءه وأسرته علي حساب إنسان هذه المدينة وصحته ؟ ألا يعلم أن مثل هذه المغاسل بها ( تداخلات ) مع ميدان الحرية المتنفس الوحيد للعديد من الأسر ، وبها ، أيضا ، ( تقاطعات ) مع النيل الأزرق تفسد مياه الشرب وتضر بالكائنات الحية في هذا النهر العظيم ؟! ونقول له أيضا ، أن تبقي لديه وازع من ضمير حي ، أن يقوم فورا بإيقاف هذا العمل من أساسه بإعتبار إن ما بني علي باطل فهو باطل ! وننصح الأخ المعاشي بأن وسائل كسب العيش الشريف متوفرة في هذه المدينة ، وإن كان لا يدرك ذلك كله فإننا نزجي له النصح ، لوجه الله ، بأن يمتطي صهوة أحدي الركشات يجوب بها شوارع المدينة كشأن الكثيرين من المعاشيين ويكسب من وراء ذلك رزقا حلالا طيبا . ويجدر بنا ، وقد تابعنا هذه التشوهات كلها ، وهي في مجملها مما يثير الريبة والشكوك والتساؤلات في شأنها الذي تمت بموجبه إجازة هذا " التصديق " ، أن ننبه أصحاب الشأن في أن محاولة " لملمة " هذا الأمر بحفر بئر مثلا لتصريف نفايات وأوساخ المغاسل ليست حلا مقبولا ، حيث أن هذا الميدان هو ملك لأهل المدينة كلهم وللأجيال التي لم تأت بعد ، ملك لمستقبل الحياة القادمة . إننا ، من موقع الحرص علي الحياة العفية وصحة المواطن وحقه الإنساني في بيئة صحية نظيفة ، نناشد السيد والي الولاية شخصيا للتدخل وحسم هذا الأمر بإيقاف هذا التعدي الصارخ بإعجل ما يكون وإيقاف هذا القتل الفظ للبيئة وصحة الإنسان في حاضرة الولاية . تاج الأصفياء عثمان سعد مواطن مدينة ود مدني ... ود مدني في : 27/ فبراير / 2015م. [email protected]