قلت في مقال سابق ان مايسمى بثورة الانقاذ بدأت بكذبة شكلا ومضمونا-فالثورة هي حركة الشعب للتعبير عن عدم رضاه عن اوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا لم يحدث في العام 1989 حتى وان كانت الحالة العامة للبلد تدعو للثورة والخروج على الحاكم المنتخب على الرغم من ان الاوضاع كانت بالقياس الي الوقت الحالي على احسن مايكون. اذا ماحدث في 1989 هو انقلاب عسكري لا خلاف عليه هذه كذبة النظام من حيث الشكل. اما من حيث المضمون فكل ماورد في البيان الاول لتبرير الاستيلاء على السلطة فهو ما يعاني منه السودان الان من تشظي للبلد واستحالة حياة الناس اليومية الي جحيم لايطاق واندلاع نزاعات كثيرة وتدهور البنية التحتية وزوال مؤسسات الدولة وتدمير المشاريع الزراعية وانعدام الخدمات الصحية وتدهور التعليم واهم من كل ذلك التدهور المخيف في الاخلاق والسلوك وظهور جرائم غريبة على مجتمعنا واختفاء كثير من مظاهر التكافل التي كانت سائدة بين الناس. والشق الثاني في كذبة انقلاب العميد عمر حسن احمد البشير انهم ظباط من المؤسسة العسكرية القومية ولا ينتمون الي جهة سياسية وقد اثبتت الايام كذبهم واظهروا وجههم الحقيقي خلال عامهم الاول من استيلائهم على السلطة. وعليه يمكن القول ان من كذب مرة يمكن ان يفعلها مائة مرة وهذا هو واقع الحال الذي يمارسه الحزب الحاكم وعضويته الملونية(رغم اختلاف عدد العضوية بين غندور وزميلته سامية . وانطلاقا من مقولة الدين افيون الشعوب بدأ الاسلاميون مسيرتهم في حكم البلاد بمظاهر تدين مبالغ فيها فالتدين الحقيقي في جوهر الانسان وليس في مظهره وعموما فقد اجتهد هؤلاء الناس لخداع الشعب مستغلين الدين فامتلات شوارع العاصمة باللوحات التي تحوي ايات قرانية كريمة وارتبط اسم كثير من المحال ايا كان نوع نشاطها باسم الدين واصبح التهليل والتكبير يسمع في كل مكان وتحت اي مقام كان وانا لست ضد مظاهر التدين ان كانت حقيقة ويطبق الدين تطبيقا كاملا في كل مناحي حياتنا ولكن ان يكون العزف على وتر الدين مجرد وسيلة للتمكين وهذا مااثبتته الايام والسنين فقد اختفى الان كل ذلك الكم الهائل من اللوحات التي تحمل ايات قرانية واحاديث نبوية شريفة بل حتى التكبير والتهليل في مناساباتهم لم يعد كما كان ولم يستغرب الشعب السوداني ذلك لان الغالبية العظمى من شعبنا تعرف تماما ان غاية هؤلاء السلطة وتثبيت اقدامهم بها وقد فعلوا ذلك فلا حاجة لهم بعد الان بمظاهر التدين . ولعل من الشعارات التي ظل يرددها هؤلاء عبارة(هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه) وقد اثبتت الاحداث المتعاقبة انه مجرد شعار فمن يعمل لوجه الله لا يتحدث بافعاله ومن يعمل لوجه الله يجب ان يكون قادرا على تحمل الامانة وعلى ادائها على الوجه الاكمل. ومن يعمل لوجه الله لا يتذمر اذا مااعفي من التكليف الذي اسند اليه.ولان هؤلاء هم طلاب سلطة فقد انقسموا لثلاث احزاب كان العامل الرئيسي في هذه الانقسامات هو السلطة .ولقد رأينا احد الوزراء وهو يبكي ويهذي بوجود مؤامرة عليه لانه اعفي من منصبه ورأينا اخر وهو يظهر غضبه بعدما اعفي من وظيفته كسفير واخرون تمردوا عن التنظيم وعادوا اليه في صفقات واخر ينفي ان الحزب منعه من الحديث باسمه بل وذهب الي ابعد من ذلك عندما صرح انه ابن الحركة الاسلامية ولايمكن لشخص انضم حديثا لها ان يمنعه من الحديث باسم الحزب.هذه مجرد نماذج بسيطة لنثبت ان الاخوان في السودان هم طلاب سلطة وليتهم لديهم الكفاءة لادارة شئون بلد كالسودان والا لما وصل الحال الي درجة كارثية من التدهور في كل شئ.وفي اعتقادي ان ربع قرن من الزمان كاف ليحكم هؤلاء على تجربتهم وعلى النتائج التي جناها الوطن والشعب من حكمهم. ان السمة المميزة التي تظهر بوضوح في كل عضوية هذا الحزب حتى وان لم يكن صاحب منصب رسمي في الدولة وحتى المتعاطفين معهم من اهل الصحافة والاعلام تجدهم يجيدون المرواغة والالتفاف على الحقائق كما انهم لايتورعون في عدم الوفاء بوعدوهم التي قطعوها في مناسبات مختلفة وفي امور متعددة. واذا تحدث كبيرهم بامر ما تجدهم في اليوم التالي يتلقفون ما قاله ويصرحون به لاجهزة الاعلام المختلفة وقبل ذلك لا يتجرأ احد منهم بالحديث عن اي شئ لم يتحدث به الرئيس.ومن امثلة ذلك عندما اعترف الرئيس بسياسة التمكين وقال ان هذا العهد قد انتهى انبرى كثيرون ممن يعشقون الظهور والاضواء من امثال ربيع وامين والخضر وغيرهم وعندما تحدث الرئيس عن الحوار بعد ربع قرن من الانفراد بالسلطة روج له الكثيرون من ابواق النظام من المنتفعيين والقاعديين واصحاب المصالح الدنيوية. ولعل ابرز مايوضح ان مايقال بالنهار يمحوه الليل ان الريس نفسه تحدث في اكثر من مناسبة انه لا ينوي الترشح لدورة رئاسية جديدة ولكنه الان تناسى كل كلمة تفوه بها وقبل ترشيح حزبه له لدورة رئاسية خامسة.والشئ الذي لا نعرفه باي دستور يحكم السودان؟ وهل يتم التعديل في دستور البلد حتى يتماشى ودستور الحزب؟ وهل هناك نظام ديمقراطي في كل العالم يسمح لرئيس ان يحكم لخمسة دورات رئاسية؟ ام ان المسالة كلها دغمسة وضحك على الشعب؟ كما ان مسالة التجديد في القيادات اثبتت الايام انها مسرحية سيئة الاخراج فقد عاد علي عثمان ونافع بشكل او باخر عندما تم تشريحهم من خمسة اشخاص لرئاسة الحزب فكيف لنا ان نفهم هذه؟ وكيف يريد الاخوان التجديد في قيادتهم وهم يحصرون قيادة حزب عضويته عشرة مليون علي ذمة غندور وسبعة مليون على ذمة سامية في ثلاثة او اربعة اشخاص .ايعقل انه لا يوجد من بين عشرة مليون شخص شباب مؤهلون لقيادة الحزب.؟ وماذا كنتم تعملون خلال ربع قرن من الزمان؟ان الوعود التي يطلقها اهل السلطة ظللنا نسمعها منذ ربع قرن من الزمان وبلادنا اصبحت بلا مؤسسات وبلا مشاريع زراعية او صناعية وتدهورت العملة الوطنية ووصلت الي درجة لم تحدث في تاريخ السودان واصبحت الدولة تعتمد على المواطن في كل شئ فهي تلجأ الي رفع الدعم سنويا وفرض مزيد من الضرائب وهي معالجات لن تجد نفعا .والشي الغريب انهم مازالوا يتحدثون عن التفويض الممنوح لهم من الشعب ومازالوا يتحدثون عن تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي وتوفير الحياة الكريمة للمواطن ومازال ارزقية النظام والمتسلقين والقاعدين وما اكثرهم يرفعون ضغط المواطن بتصريحاتهم الغريبة من امثال غندور والخضر واخرون نكرات لا نعرف لهم اي دور وانما يخوضون مع الخائضين فالبلد اصبحت ضيعة لهم ويحسبون انهم ورثوها عن ابائهم ونقول لهم ان ماعجزتم عنه خلال ربع قرن لا يمكنكم تحقيه خلال اربع او خمس سنوات فالفشل ملازم لكم في كل خطواتكم منذ مجيئكم المشئوم لانكم غير صادقين مع ربكم في المقام الاول ومع انفسكم ومع شعبكم وهذه الفسحة التي تعيشونها ليست تمكينا كما تتوهمون ولكن الله يمد لكم في غيكم ويوم ان تشاء ارادة الله فسوف تذهبون وتصبحون نسيا منسيا غير مأسوفا عليكم وسوف تكتبون نهايتكم بحول الله بأيديكم فلن تنفعكم المليشيات المسلحة ولن يفيدكم ارهاب وتخويف الشرفاء من ابناء شعبنا الصابر ولن يقول لكم الشعب عفا الله عما سلف وسوف تعقد لكم محاكم نوفر لكم فيها كل طرق الدفاع عن انفسكم وسوف تلقون جزائكم العادل في كل الجرائم التي ارتكبت في حق الوطن والمواطن من انفصال الجنوب الي انتشار الصراعات في اطراف البلد مرورا بالمشاريع الزراعية والصناعية واصول الدولة السودانية التي بيعت في عهدكم البائس والله المستعان وعليه التكلان. مجذوب محمد عبدالرحيم منصور [email protected]