حتى نهاية العام الجاري، ربما يصل عدد الأحزاب السودانية إلى ما يقرب 150 حزبا، هذا غير الكيانات والحركات الأخرى، قبل يومين، أعلن بحر إدريس أبو قردة تكوين حزبه- رسميا- بعد إعلان انشقاقه عن حركة التحرير والعدالة ليصبح هو مؤسس ورئيس حزب التحرير والعدالة، ويصبح التجاني السيسي مؤسس ورئيس حزب التحرير والعدالة القومي، ليُضاف هذان الحزبان إلى الكثرة البائسة التي تملأ الساحة ضجيجاً، بل لم نكن لنتعرف إليها لولا خطاب الرئيس الشهير مطلع العام الفائت، إلى ماذا نريد أن نصل بهذا الكم المهول من الأحزاب السياسية المتحدة والمنشقة والمنسلخة، وهل هذا الكم من الأحزاب خصماً على العملية السياسية أم هو دليل عافية؟، الحزب الذي يعلن عن نفسه اليوم بعد أقل من شهرين يبرز فيه تيار آخر يُطلق على نفسه تصحيح المسار، أو تُعلن بعض قياداته انشقاقها وانضمامها في الغالب إلى الحزب الحاكم، ألا نسأل أنفسنا إلى ماذا نريد أن نصل، الوطن يتفتت والأحزاب تتمدد، بينما تحتاج هذه الأحزاب أن تأتلف- جميعها- في كتلة واحدة، هي تبحث- بجد- عن الانقسامات حتى تضمن أكبر نصيب في المشاركة، هي تنظر- هناك- بينما الواقع ينتظر الفعل الحقيقي المجرد، لقد أصبح العمل السياسي باهتاً فاقد الطعم، مكررا وممجوجا؛ بفضل المشهد الذي بات محفوظاً للجميع، بلد تتوالد فيه هذه الأعداد من الأحزاب المسجلة والأصل والقومية أو غيرها من المسميات، يصبح كل يوم في أزمة، وجود نحو 100 حزب سياسي أو يزيد ألا يعدّ مؤشرا جليا لأزمة متجذرة في الأحزاب السياسية، تنعكس مباشرة على الممارسة السياسية، التي هي أمام أعيننا الآن، كثرة الأحزاب السياسية لا يعني أن البلاد تعيش ديمقراطية، بل أنها تفتقد الديمقراطية- تماماً- كم عدد أحزاب الأمة الآن؟، الاتحاديون كم بلغت أحزابهم؟، حزب البعث؟، الإسلاميون كم عدد أحزابهم اليوم؟. المؤسف ليس هناك ما يُشير إلى أن الوضع سوف يسير إلى الأحسن، إن كان داخل كل هذه الأحزاب، أو خارجها، والدليل إعلان تكوين الأحزاب الجديدة لا يتوقف، بينما لا يُرصد أي نشاط تنظيمي لهذه الأحزاب، هل تُقيم هذه الأحزاب مؤتمراتها لتتداول السلطة سلمياً؟، هل تغيّر رئيس حزب باستثناء أسباب الموت؟، جميع هذه الأحزاب- يسارها ويمينها- قريبا- ربما- يتطلب الوضع حزب أمام كل مواطن، حتى تكتمل العملية الديمقراطية. التيار