بسم الله الرحمن الرحيم لم ألتق مزارعاً قدر له أن يزرع قمحاً في مشروع حلفا هذا العام ممولاً من قبل الدوله ..إلا حانقاً وشاكياً مر الشكوى ..ويقسم بأغلظ الأيمان أن لو استطاع في مقبل السنوات ..لما تورط في تمويل حكومي.. أما السبب ..فلأنه ولضيق ذات يده أو بحكم الأمر الواقع اعتمد على تمويل الحكومة عبر البنك الزراعي والمؤسسة .. كيف لا والمقدمات مغرية ؟ فالمؤسسة ستقوم بكل العمليات الزراعية وفقاً للحزم التقنية وتسلمك الحواشة بعد نثر سمادها الفوسفوري وبذورها وما عليك إلا أن تسقي..ثم تقوم بنثر سماد اليوريا وترش مبيد الحشائش .. هل هنالك إغراء أكثر من هذا؟ لكن مشكلةً قد تبدو بسيطة تلاحظها لكنك لا تأبه بها ..وهي أنه لا توجد أسعار معلنة لأي مرحلة ..لتنزل على أم رأسك الصواعق يوم الحصاد الذي انتظرته..فتكتشف أي فخ وقعت فيه..عندما تقدم لك قائمة تكاد تملأ صفحة فلسكاب ..من الجبايات والأسعار الخرافية ..عليك الوفاء بها..ووفقاً لأسعار الدولة المعلنة للتركيز ..يكون عليك دفع عدد 26 جوال من القمح مقابلها ..عن يد وأنت صاغر.. فإذا تركنا التحضيرات جانباً..ستكتشف أن جوال البذرة بضعف سعر السوق تماماً..والحجة أنه مغربل ومبخر...لذلك سيخصم منك ستة جوالات في حين أن ما زرع ثلاثه!!! ستجد أن البنك المركزي..قد خصم له مبلغ يفوق المائة جنيه ..لأنه أصدر خطاب ضمان للبنك الزراعي للتمويل..فاضرب في عدد الحواشات في السودان..وكل مبلغ التمويل ..مؤمن لدى شيكان ..ولا تحدثن نفسك أنك ستنال تعويضاً ان ما خسرت...فالتأمين فقط للحكومة..لكنك أنت المؤدي للمبلغ!!!؟ وإن سألت عن تعويضك أنت..فستواجه بأنك لم تؤمن زراعتك!!!وهكذا يكون تعويض الحكومة على التأمين..وعوضك على الله!!! ستجد أن هنالك ما يفوق المائة جنيه ..مبلغ لوجود تعاقد مع شركات رش مبيدات...والكل يقسم أن طائرة واحدة لم تحلق للثلاث أعوام الماضية ..وعندما تسأل ..يكون الرد..أن الطائرات متعاقد مع شركتها لتكون على استعداد في حالة وجود وباء..والغريب أنك ستجد من يدافع عن ذلك حتى من لجان الزراعة كونه ضماناً..لكن أحداً لم يطرح السؤال الجوهري ..ألم يكن من الأجدى امتلاك الدولة لسرب الطائرات وتتعاقد مع الطيارين لتشجيع الزراعة وحمل العبء عن المزارع ؟ عوض أن يدفع المزارع ثمن عطالة طياري الشركات وأرباحها؟ يا الله ..لن تتوقف المنغصات الممغصات..فتجد بنداً لمنصرفات الحصاد ثم لجر الطريق وتسأل ..أليس جر الطريق من منصرفات الحصاد ؟..كونه سهل على الحاصدات والشاحنات ..بعد أن قضيت موسمك كله دون جرها..ثم تاتي رسوم المحلية ..التي تذكرك بقصيدة بيرم التونسي وفيها.. يا بائع الفجل بالمليم ةاحدة كم للعيال وكم للمجلس البلدي......حتى يصل إلى كأن أمي بل الله تربتها أوصت فقالت أخوك المجلس البلدي ويبرر ذلك بأن هذا المبلغ يعود لقريتك ..وعندما ضربوا لي مثالاً ..تذكرت احتفالاً في القرية لدعوة المعتد للتبرع ..فتكرم وسط التكبير والتهليل ..بالتبرع للنادي..والآن أكتشف أن التبرع كان من مال المزارع ..وهكذا تجقلب الخيل ..والشكر لي حماد كما يقول مثلنا السوداني.. أما فاقع المرارة..فهو موضوع الزكاة ..15 جنيه عن كل جول فيما أذكر.. ولا جدال فيها كونها ركناً دينياً..لكنك تجد الكثير من الحواشات ..لم تنتج العدد المغطي للدين..وتتعجب من خصمها وأنت بعد مديون..فيقال لك أن ابا حنيفة قد أفتي بأخذ الزكاة قبل خصم التكلفة ..معارضا مالك رضي الله عنه الذي أفتى بها بعد خصم التكلفة..وهكذا أصبحت الحكومة حنفية المذهب في هذه الحالة فقط ..رغم مالكية مذهب الدولة..فقط تفلح في الأذية!! لكنها في رأيي حجة داحضة وظلم فادح..فلا أعتقد أن المذهب الحنفي..كان في عهده تمويل الدولة ..وتكويشها للمحصول ليشمه المزارع قدحة..وإن موله تاجر فسيكون أرحم اقتداءً بالآية الكريمة التي تدعو الانتظار إلى حين ميسرة .. وهكذا يكون المزارع قد دفع الزكاة عن البنك.. وهو مديون من هذا المحصول .. ولم ير منه مداً ولا صاعاً ..أليس من حقي أن أسميها زكاة المديونين؟ أما التطفيف الذي لم يسمع به عصام البشير..في هيئة علماء ضد الإنسان.. فستجده بصورة فاضحة..في الوزن..فجوالات البذور..تعطى بالوزن..100 كيلو للجوال..وهو عبوة أقل من ملئ الجوال..لكن كل المديونية..تخصم من جوالات مليئة ..وقد حدث سجال بين مدير مخازن المؤسسة والبنك الزراعي..الذي يخزن القمح لصالحه في المؤسسة..فقد اشترت سيقا كل القمح بالطن ما يعني أن الجوال مائة كيلو..ولأن الجولات تملأ بلا وزن..فاض ما يربو عن الخمسمائة جوال بالمخزن..رأي الموظف أن تعود للمزارعين ..وبعد تدخلات عليا ..أفتي أنه من حق البنك الزراعي ..فتأمل.. هل ما زلت أيها القارئ العزيز ..مصدقاً لأكاذيب النظام عن دعم الزراعة ؟ حاشاك..لذلك قبل أن تفكر في الذهاب إلى صندوق الانتخابات.. قارن بين ما تدره مزرعة الرئيس حسب قوله..وما يثقل المزارع ..وسائل مرشح الحزب الحاكم..ما ذا فعلت لتدر مزرعة المزارع العادي واحداً على مائة من مزرعتك ؟ أنا لو عصرت رغيف خبزك في يدي*** لرأيت منه دمي يسيل على يدي [email protected]