بالطبع لست في حاجة للدفاع عما طرحته هنا بالأمس عن نوايا الحكومة.. أو بالأحرى الحزب الحاكم في مرحلة ما بعد الانتخابات.. غير أنني أجدني في حاجة لتأسيس بعض ما طرحت هنا من توجهات متوقعة في مختلف المجالات.. منها مثلا موضوع الحوار الوطني.. وأهمية الحوار الوطني أنه كان آخر المشاريع السياسية التي شغلت الساحة السياسية طوال العام المنصرم وحتى قبيل الانتخابات.. وصحيح أن الانتخابات والإقبال عليها قد كشف ضعفا في قواعد الحزب الحاكم وجماهيريته.. لكن الصحيح أن الحزب قد حقق أهدافه بإجراء الانتخابات وحسمها على طريقته.. وفي المقابل فإن الدعوة لمقاطعة الانتخابات والتي انطلقت متزامنة مع العملية الانتخابية تحت شعار.. (ارحل).. لم تحقق أهدافها.. لا بدليل أن النظام باقٍ ولم يرحل فحسب.. بل كذلك بدليل أن محاولات المعارضة لحشد قواعدها في أكثر من مناسبة لم تكن بالقدر الذي تصوره المراقبون أو توقعوه.. إذن المشهد السابق سيقود إلى أمرين مهمين.. الأول أن المؤتمر الوطني ورغم إنجاز الانتخابات يشعر أنه في حالة من الضعف.. أو على الأقل في حاجة لإعادة تنظيم صفوفه.. مما يجعله غير متحمس للدخول في حوار مفتوح وجامع.. مع الآخرين.. على الأقل في الراهن العاجل.. الأمر الثاني أن الضعف الذي بدا به مظهر المعارضة ليس مما يدفع الوطني للتعجل للحوار.. لذا قلنا بالأمس إن استئناف الحوار ليس من أولويات مرحلة ما بعد الانتخابات.! أما الأمر الثاني فهو يتعلق بالعلاقات الخارجية.. فالانتخابات.. ومع كل ما قيل فيها قد شهدت أمرين مهمين.. الأول اعتراف الاتحاد الأفريقي.. والثاني اعتراف جامعة الدول العربية.. هذا يعني أن السودان قد كسب ثقة أهم تنظيمين إقليميين في محيطه.. مما يضاعف دوره في هذا الإقليم ويعزز من التزاماته فيه.. أما قبل ذلك فأمران آخران لا يقلان أهمية قد سبقا ذلك.. الأول دور السودان وجهوده المكوكية في حلحلة أزمة سد النهضة.. ونزع فتيل تلك الأزمة عمليا.. مما أعاد التوازن لدوره في ذلك المثلث تحديدا وفي حوض النيل عموما.. أما الأمر الآخر فهو ظهور السودان في تحالف عاصفة الحزم.. وهو ظهور اعتبر انقلابا في علاقات السودان الخارجية بكل المقاييس.. وهو قد شكل انتقالا من محور إلى محور.. وأيا كانت النتائج التي انتهت وتنتهي إليها عاصفة الحزم.. فسيظل للسودان.. منفردا.. انعكاسات.. موجبة وسالبة.. جراء ذلك الانتقال.. عليه أن يواجهها.. ولا ننسى تنامي الإحساس في الكثير من عواصم العالم.. عن أن السودان أكثر تأهيلا من غيره من دول الإقليم في المساهمة بتسوية نزاع جنوب السودان.. ولسبب من هذا ربما قلنا بالأمس إن العلاقات الخارجية واحدة من الأولويات التي ستتقدم في أولويات ما بعد الانتخابات.! اليوم التالي