بسم الله الرحمن الرحيم كل الصحف الحكومية خرجت وهي تحمل عناوين واثقة من تدافع المقترعين صوب صناديق الاقتراع يوم بداية الانتخابات..معبرة عن حال حزب النظام..ولم تنس كلها الاشارة إلى فشل الحشد الذي دعت له حملة ارحل بدار حزب الأمة في أمدرمان..لكن عنوان صحيفة ألوان كان مختلفاً ..حيث كان (( 13 مليون ناخباً في مواجهة حملة ارحل)) ..وهو عنوان يجب التوقف عنده ملياً..لاعتبارات متعددة بصاحب الصحيفة ..وما بدأ دعوته به في برنامجه اليومي في قناته الفضائية..علاوة على اتكائه على برنامجه للتبشير لما دعاه حزب السودانيين..الذي يرث كافة الأحزاب الأخرى وفقاً لترويجه . يكشف العنوان أول ما يكشف.. عجز الاسلامويين عن مغادرة فكرهم السياسي وتجديده مهما ادعوا..وكونوا أحزاباً منشقة على الحزب الذي لم يقاطعوا دولة الانقلاب الذي أراد عرابهم وفقاً لخطط موضوعة مسبقاً لاستلام السلطة بانقلاب عسكري..وذوبوا كيانهم فيه ..وقليلون من احتجوا منهم ..لكن وجدانهم كان مع الحكومة خاصة في بداياتها وإن تظلموا ..فلا جديد لدى كل تياراتهم في شأن الفكرة وإن هاجم منشقوهم النظام في قضايا الفساد والحريات رغم أنهم كانوا جزءاً من تاريخه..لذلك فأن هذا العنوان يضع كل الناخبين في سلة الحكومة الاسلاموية في مواجهة حملة ارحل..وعندما انقشع الوهم في اليوم الأول للانتخابات ..كان صاحب المانشيت يذكر بعد اغلاق الصناديق في اليوم الأول في فضائيته بأن الحكومة رغم كل شئ ..تضع يدها على ملفات خارجية وداخلية مهمة في محاولة يائسة لحث الناس على التصويت .. وتأكدت هذه الصفة بعد الانتخابات ..فرغم مقاطعة حزب الترابي للانتخابات ..إلا أنه بنهايتها مباشرة وقف في صف الحكومة في مواجهة حملة ارحل..وكان قبلها يبشر بالنظام الخالف..ولم يقابلني وصف أطرف لموقف الترابي من الحكومة بعيد ازاحته عن السلطة وانتقاداته الحادة لها ..أكثر من وصف الاستاذ عثمان ميرغني..حيث قال أن الترابي تماماً كالتلميذ الذي يجيب بجدارة على كل أسئلة الامتحان لكن بعد نهاية الزمن وخروجه من قاعته..وبناء على كل ما سبق سنعرف كيف هو حزب السودانيين الذي يروَج له بالتبرع بالحضّانات والحديث عن زواج الشباب ومحاربة المخدرات والإشادة بالشرطة في كشف الجرائم دون السبر في غور أسبابها. ثم يكشف العنوان ثانياً مستوى الرعب لدى الحكومة وكل الاسلامويين من حملة ارحل..فلم يكتفوا بمنع إقامة فعالياتها واعتقال منسوبيها في مدن مختلفة..ومحاولة السخرية من ضعف الحضور حتى قبيل الانتخابات.. بل واصلوا في إنكار أي دور لها في ضعف أقبال الناخبين..بعذر أقبح من الذنب ..وهو فشل مفوضيتهم في تنقيح الكشوفات ..ولم يكلفوا أنفسهم عناء التفكير في ضعف التسجيل الجديد الذي دعاهم للاعتماد على كشوفات 2010 ومهما كان تقييم حملة ارحل ..فيكفي أنها استطاعت قراءة المزاج الشعبي الرافض للنظام ..وبذلك وقفت في الضفة الصحيحة من التاريخ.لكن يبقى الأهم في فهم كيفية استثمار هذا الموقف الشعبي الرافض للنظام ..فالشعب قد امتنع عن الذهاب إلى مراكز الاقتراع ..لكنه لم يتفاعل مثلاً مع الوقفات الاحتجاجية ولم يتدافع كما كان متوقعاً نحو دار حزب الأمة يومها..ما يعني أنه زاد عن أضعف الايمان قليلاً ..ويبقى التحدي في البناء من أقرب نقطة لهذا الموقف ..وهو الحث على مقاطعة أنشطة النظام ..وبرامجه ..وعدم التفاعل مع أسلوب النظام في مشاركة المواطنين ومساهمتهم في إنشاء الخدمات بقراهم ومدنهم وأحيائهم ..على حيويتها..فذهاب النظام ..أكثر أثراً في تقديم الخدمات..ومن ثم الوقوف بمنسوبيهم مع أي تحرك شعبي مثل احتجاجات لقاوة وغيرها.لكن القفز إلى الاعتصامات والمظاهرات غير مضمون العواقب..فالأفضل تركها إلى أي صاعق موضوعي ..كزيادة الأسعار ..وانعدام الخبز والغاز..حيث الفعل عندها سيكون تلقائياً ..لتتدخل الحملة في تطويرها. [email protected]