عندما بدأت الأسر تتنفس الصعداء من عناء سنة دراسية صعبة وعام دراسي مرهق ومختلف وقبل أن (يشيل) أولياء الأمور (نفسهم ) ،بدأت بعض المدارس فورا بالترويج لبرنامجها في العطلة الصيفية. و المقصود هنا ببرنامج العطلة الصيفية ليس البرنامج الترفيهي والتثقيفي والرياضي ، بل إنه برنامج أكاديمي ضاغط لا يختلف عن العام الدارسي في شيء البتة، نعم برنامج أكاديمي يبدأ بدراسة المقرر الدراسي للعام المقبل يشمل الحضور والانصراف والزي المدرسي وواجبات وامتحانات ورسوم دراسية. هذه هي العطلة الصيفية التي ينتظرها أبناؤنا بشغف طوال العام حتى يبتعدوا من رهق الدراسة وكثرة الواجبات وتوتر الامتحانات، نعم ها هي العطلة تطل مرة أخرى ولكنها هذه المرة في زي مدرسي لا لهو ولا لعب ولا راحة ولا استجمام ولا ممارسة الرياضة ولا حتى مشاهدة التلفاز. مدارس تقتات على مواصلة الدراسة ليلا" ونهارا" شتاء وصيفا" لاتفرق بين أوان الدراسة ووقت العطلة ، المهم أن تكون هنالك كورسات صيفية مدفوعة القيمة وأن تظل بقرة أولياء الأمور الحلوب تضخ المزيد من الحليب طوال العام حتي يجف ضرعها علي أعتاب المرحلة الجامعية . إن الإجازة الصيفية هي بمثابة استراحة محارب للتلاميذ يروحون فيها عن أنفسهم ويستعيدون لياقتهم ، ويستمتعون بوقتهم ليعودوا إلي مقاعد الدراسة وهم أكثرحماسا للمقرارات وأكثرثقة في تحصيلهم لها . وإن مواصلة الأبناء للدراسة أيام العطلة تقتل الرغبة في الاستذكار ، وتفقد المواد الدراسية وهجها وبريقها ،وتسرب إلي أنفسهم الكثير من الملل وحين يأتي أوان العودة إلي المدرسة ينتفي عنصر المفاجأة والألق المصاحب للدروس فيصابوا بتخمة تفقدهم الشهية في التهام الحصص وكتابة الواجبات . كما تصبح السنة الدراسية مملة وطويلة جدا لأنها تبدأ في حساباتهم منذ نهاية العام الماضي مرورا بالعطلة الصيفية وانتهاء بالسنة الدراسية الجديدة. إن بعض المدارس تعمل بفهم الجشع والطمع من أجل كسب الاموال وجني الأرباح ، تراهن في ذلك علي قصر النظر عند بعض أولياء الأمور والذين يخيل إليهم أن استذكار أبنائهم خلال العطلة الصيفية هو بوابتهم نحو التفوق والنجاح ، وهم بذلك ينسون أن هؤلاء الأبناء من لحم ودم وعقل وروح وليسوا برنامجا في حواسيبنا نشحنه بمانريد ونحفظ به كل (الداتا) التي لانرغب في فقدانها. بالله عليكم دعوا أبناءكم يلهون ويلعبون ويستمتعون بإجازاتهم وإن رغبتم في إضفاء شئ من المعرفة لإجازتهم فعليكم باصطحابهم إلي المكتبات واختاروا بالتعاون معهم كتبا" ثقافية وقصصا" نوعية تناسب أعمارهم وتصقل تجربتهم وتجود من لغتهم العربية والإنجليزية بعيدا عن الفصول الدراسية . ورجاء" لاتتعاملوا مع أبنائكم وكأنهم (فلاش) مهمته حفظ المعلومات ونقلها واستراجعها في أي وقت . *نقلا عن السوداني