قيادي إسلامي يستشهد بالملكة فكتوريا ومارغريت تاتنشر في شأن ولاية المرأة. يعتبر المفكر الاسلامي الايراني الدكتور علي شريعتي ان عوامل انحراف وتعثر الرسالات السماوية وثورات الانبياء هو تحول رجال الدين إلى مؤسسة وجزء مكمل لمؤسسة القمع الحاكمة و هذا هو الدور الذي ظلوا يمارسونه قبل الرسالات السماوية حيث كان دائماً يوجد دين للشرك او السحر وهو خدمة السلطان الحاكم, وهو لايعتبر أن دور رجل الدين هو دور العالم المهم في المجتمع بل ان دوره ليس سوى دور طفيلي يحترف الدين كوسيلة للعيش ويفرض الهيمنة الفكرية والمعنوية على الناس ، وهو يقصد برجل الدين آلاف الاشخاص انصاف المتعلمين الذين لا يفهمون جيداً علوم الدين ولا أي علم آخر يلبسون ملابس تمنحهم السطوة والهيبة وتتحول اعمالهم الى مهنة ويتحول اصحابها إلى مؤسسة فوقية. هذا النمط الذي تبدو عليه اشكال واعمال هؤلاء هو ذات النمط الذي عنف عليه القرآن في نموذجه المقصوص الذي هو الاحبار والرهبان الذين يأكلون اموال الناس بالباطل بصناعة كهنوت جديد لا وجود له في الاسلام اصلاً فالاسلام الاصيل كما يقول شريعتي نهض كثورة شعبية حية, نقيضة لمؤسسات القمع المتحجرة ولم يعترف بمهنة اسمها رجل الدين فحتى الرسول (صلي الله عليه وسلم) واقرب صحابته كانوا يعملون بايديهم, ويمارسون شئون الحياة إلى جانب ممارستهم لشئون العبادة, ثم ان نظرة الاسلام للانسان باعتباره خليفة الله على الارض, لا تسمح بإذلاله أمام أية سلطة دينية, و لا بسلب ارادته ودوره, كما لا تسمح بوجود أية مؤسسة تدعي تمثيل الله دون بقية البشر فالله اقرب الى عبادة من شعر جسمهم, والناس لايحتاجون لوسطاء بينهم وبينه. لا سيما ان رجال الدين لعبوا دور التغطية الايدلوجية والدينية للانظمة الحاكمة). فالاسلام ليس فيه طبقة تسمى طبقة العلماء او رجال الدين او مؤسسة تدعى التحدث باسمه وتصدر الفتاوى ان كانت رسمية او الآراء ان كانت شعبية,فالدين للناس كافة وهم شركاء في الايمان والاجتهاد استنباطاً في فهمه وتنزيلاً لاحكامه عصمتهم وسمة حياتهم العامة والخاصة ان امرهم شورى بينهم فما يتعلق بانتخاب راي في الامر العام تشاركاً او ابداء الرأي رؤية وحكماً في الاقضية المطروحة افذاذاً او جماعات فالاصل في الاسلام ايماناً وكفراً هي الحرية أو المشيئة المطلقة للامة إدارة لشئونها وتقريراً لمصائرها دقت او جلت, صغرت أو عظمت فوق كل مدع او متعولم او متفيقه ولا سلطان في ذلك لاحد بل لخيار الناس الحر مهما ادعى احد علماً او التصاقاً بالدين. فامر الامة كله شورى من اصغر وحدة إدارية الى رئاسة الجمهورية ومعايير الامة ديناً هي الصلاح والاستقامة لا ذكورة فيها ولا أنوثة بل مواهب نفيسة فامرأة تقية نقية خير من ذي لحية كثيفة وان ادعى لنفسه أنه من علماء السودان بائعاً للرأي فيما يظنه العامة فتوى يحرمون بها ويحللون وفقاً لهوي السلطان المستبد تحليلاً لحرامه من الربا وغيره وتحريماً لحلاله من حرية الشعب في اختيارمن يمثله رئيساً للجمهورية امرأة او رجل. وقد خرجت علينا في الايام السابقة هيئة تسمى عملاء السلطان المنتسبين إليه الموالين لسياساته ان كانت حقاً او باطلاً بفتوى عدم جواز ترشح النساء لرئاسة الجمهورية إستناداً للمقالة المنسوبة للرسول (صلي الله عليه وسلم) (خاب قوم ولوا امرهم إمرأة) فاخرجوا المقالة من سياقها الظرفي التاريخي وهدموا بها أصل المساواة بين الرجال والنساء في القرآن أن الرجال والنساء من نفس واحدة ومن رب واحد ومن رحم واحد وان أصل النفس الواحدة هي المرأة ﻻ الرجل الذي فرع لها ينبثق عنها ويتربى علي يديها ولا يستكمل دوره في الحياة إلا بمعاونتها (يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام أن الله كان عليكم رقيباً )(1) النساء ( وخلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها فلما تغشاها حملت حملاً خفيفاً فمرت به فلما اثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحاً لنكونن من الشاكرين) الاعراف 189 ( ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا و الذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجراً عظيماً) الاحزاب 35 ( فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر أو انثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار ثواباً من عند الله والله عنده حسن الثواب) آل عمران 195 (من عمل صالحا من ذكر او انثى فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون) النحل 97 نسفوا اصل المساواة بهذا الحديث الذي ضعفه البعض و الذي هو حديث أخبار لا أحكام وأخرجوه من سياقه في اطار مقالة حرب التوجيه المعنوي في اطار الحرب العسكرية بين المسلمين و أهل فارس الذين جعلوا الامة والدولة ميراث لفتاة فاسدة في ملكية مستبدة مشئومة أخذت بيدها دفة الامور السياسية والعسكرية والسياسية وأشاعت في الدولة الفساد, - الدين وثني والاسرة المالكة لا تعرف شورى ولا تحترم راياً مخالفاً والعلاقات بين افرادها بالغة السوء قد يقتل المرء أباه أو اخوته في سبيل مآربه والشعب خانع منقاد. وكان في اﻹمكان وقد انهزمت الجيوش الفارسية وأخذت مساحة الدولة تتقلص أن يتولى اﻷمر قائد عسكري يقف سيل الهزائم لكن الوثنية السياسية لم تفعل ذلك فكان ايذاناً بان الدولة كلها الى ذهاب . وفي التعليق على ذلك كله قال النبي الحكيم كلمته الصادقة فكانت وصفاً للاوضاع كلها. فلو أن الأمر في فارس كان شورى, وكانت المرأة الحاكمة تشبه (جولد مائير) اليهودية التي حكمت إسرائيل, واستبقت دفة الشئون العسكرية في ايدي قادتها لكان للرسول (ص) تعليق آخر على الاوضاع القائمة ( راجع الشيخ محمد الغزالي السنة النبوية بين اهل الفقه واهل الحديث ص 48, 49) ( ولك ان تسأل ماذا نعني؟ واجيب بان النبي (صلي الله عليه وسلم) قرأ على الناس في مكة سورة النمل وقص عليهم قصة ملكة سبأ التي قادت قومها إلى الايمان والفلاح بحكمتها وذكائها ويستحيل ان يرسل(ص) حديثاً يناقض ما نزل عليه من وحي حيث كانت بلقيس ذات ملك عريض وصفه الهدهد بقوله (أني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولديها عرش عظيم)36 وقد دعاها سليمان عليه السلام الى الاسلام ونهاها عن الاستكبار والعناد فلما تلقت كتابه,تروت في الرد عليه واستشارت رجال الدولة الذين سارعوا الى مساندتها في أي قرار تتخذه, قائلين ( نحن اولو قوة واولو بأس شديد والامر اليك فانظري ماذا تأمرين)؟ 37 ولم تغتر المرأة الواعية بقوتها ولا بطاعة قومها بل قالت نختبر سليمان هذا لنعرف أهو جبار من طلاب السطوة والثروة ام هو نبي مرسل أو صاحب إيمان دعوة؟ وأصرت على إرساء مبدأ الشورى ( ما كنت قاطعة امراً حتى تشهدون) وقالت مقالة أكد عليها القرآن ( ان الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا اعزة اهلها اذلة .). فاكد القرآن بمقالة (وكذلك يفعلون)؟ ولما التقت بسليمان بقيت على ذكائها واستنارتها تدرس أحواله وما يريد وما يفعل فاستبان لها أنه نبي صالح وتذكرت كتابه المرسل إليها ( أنه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم أﻻ تعلو علي واتوني مسلمين)38 ومن ثم قررت طرح وثنيتها اﻷولى والدخول في دين الله قائلة ( رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) آية 39 السؤال الذي يطرح نفسه هل خاب أناس ولوا امرهم إمرأة من هذا الصنف النفيس؟ (صدقوني إن هذه المرأة أشرف من كل حكام المسلمين والعرب الذين أورثونا الخيبات وزوروا إرادة الشعوب وألغوا الحرية والشورى وحكموا فينا الهوى ووالوا العدو وغيبوا ارادة الناس ). و يقول الشيخ محمد الغزالي (وكل ما ابغي هو تفسير حديث ورد في الكتب ومنع التناقض بين الكتاب والآثار الواردة او التي تفهم على غير وجهها الصحيح. ثم التناقض بين الحديث والواقع التاريخي) فلا يمكن للرسول (صلي الله عليه وسلم) ان يقول حديث يناقضه الواقع التاريخي فانجلترا بلغت عصرها الذهبي ايام الملكة ( فكتوريا) وقمة الازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي في عهد مارغريت تاتشر التي منعت عرض النساء في الفترينات والزنى في الميادين العامة وهزمت الارجنتين التي يقودها رجل في حرب جزر الفوكلاند. فأين الخيبة هنا وعدم الفلاح يا علماء السلطان، كما وجهت انديرا غاندي الضربات القاصمة للمسلمين في شبه القارة الهندية وشطرت الكيان الاسلامي شطرين وحققت لقومها مايصبون وعاد الجنرال يحيي خان يجرجر أذيال الخيبة وأقامت انتخابات حرة نزيهة فسقطت واحترمت ارادة شعبها في حين أن حكام العرب والمسلمين كأنما خلقوا خصيصاً لتزوير ارادة الشعوب في الانتخابات ، كما نرى اليوم ثم عرضت نفسها على شعبها فانتخبها مرة أخرى, اما مصائب العرب التي لحقت بهم يوم قادت جولدا مائير قومها قد تحتاج إلى جيل آخر لمحوها . القصة ليست قصة ذكورة وﻻ أنوثة إنما هي قصة أخلاق ومواهب نفيسة. وهذا الحديث اذا أحرج من سياقه في اطار حرب التوجيه المعنوي ينبغي تضعيفه بالمتن لمصادمته لصريح القرآن في تأكيده على فلاح ملكة سبأ سياسياً وفكرياً وادارياً وامنياً واخلاقياً حيث أكد على حدوثه في سورة النمل أعلاه وإقتصادياً أكد عليه في سورة سبأ (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور) سورة سبأ آية ( 15) فلا يمكن للرسول (صلي الله عليه وسلم) أن يرسل حديثاً يصادم صريح القرآن المؤكد على فلاح إمرأة تولت الحكم فعﻻ هي بلقيس ملكة سبأ كما يتناقض معه واقع الحال في فلاح نساء كثر كجولدا مائير واندير غاندي وتاتشر ﻷنه (صلي الله عليه وسلم) لا ينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى و أنه (ص) ليس بدعاً من الرسل إنما يتبع مايوحي إليه من ربه وإن هو إﻻ نذير مبين وما عليه إﻻ البلاغ المبين وإنما هو بشر يوحي إليه فمثل هذا الحديث إما أن يرد الى سياقه الذي ورد فيه ويتعلق بوقائع مقالته واما أن يضعف قياساً الى مصادمة متنه ومحتواه وفحواه لصريح القرآن الذي أكد على فلاح امرأة في حكم دولة برشد وحكمة وفﻻح وإيمان مع سليمان لله رب العالمين كما أن الواقع التاريخي أكد على فلاح نساء كثر في سيرتهن العملية قيادة و حكما للدول. فالسؤال الذي يطرح نفسه هل كان سيكون مآل الأمر خيبة في الدول الاسلامية والعربية كما هوحالنا الآن لو حكمتنا امرأة ؟ الاجابة لا فهن أرفق حالاً بنا من رجال زوروا الارادة العامة وأحالوا الامة مزقاً لا تتناهي - وتبعية مذلة وفساداً ازكم الانوف - وحروبا لا تتوقف ، فهن ارحم و أرفق وأحن و لو إرتفعن في مدارج الوعي المعرفي والاستنارة علما و فقهاً لاختارهن الشعب بخياره الحر ، فالسيادة والارادة للشعب والمعيار هو المواهب النفيسة واﻷخلاق الرفيعة التي هي بالطبع ليست حكراً على الرجال وفقما تؤكد الآيات القرآنية المذكورة أعلاه بل أصلها النفس الواحدة التي تربى الرجال والنساء وتقودهم نحو الخير والاستقامة والفلاح. دعونا من فتاوي اﻷحبار والرهبان وعلماء السلطان التي ما أورثتنا إﻻ خبالاً. فالسؤال الجديد الذي يطرح نفسه بإلحاح ، هل خاب أناس ولوا امرهم رجلاً ؟ أعتقد أن الاجابة هي نعم في هذا الزمن الاسلامي العربي الردئ.