وزع الناشطون من أبناء دارفور في العاصمة السودانية الخرطوم بياناً استعرت بعض من مفرداته المؤثر عنواناً لهذه المقالة, يلفت أنظار منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية إلي حجم العنصرية والتعذيب والقتل الممنهج الذي يتم في السجون وبيوت الأشباح ومكاتب الأجهة الأمنية السودانية ضد طلاب دارفور, ويطال بصورة عشوائية كل من يقع في أيدي أجهزة النظام القمعية في هذه الأيام, التي تحولت إلي اعتقال وتعذيب جماعي. فعل تجمع روابط طلاب دارفور هذا بصورة علنية- أصدار البيان- رغم خطورة ما فعلوه عليهم وعلي أسرهم, فكانت صرختهم ضد قتل وتعذيب واعتقال مصاحبة طلابهم صفعة النظام ودليلاً إضافياً علي شجاعتهم, والتزامهم لمبادئ رابطتهم, التي وضعت قبل حكم "حزب المؤتمر الوطني العنصري البغيض" بفترة طويلة, حيث كان السودان بلاداً حراً يحترم مؤسسات المجتمع المدني وما تعبر عنه من إرادة وطنية, جعل أحدها الرابطة خادمة " للحق والحرية", من واجب أعضائها الدفاع عن حقوق شعبهم. وبالفعل, ها هم تجمع روابط طلاب دارفور في الخرطوم ينضمون إلي آلاف الطلبة الأحرار, ويطلقون صرخة صدق وشجاعة ضد العنصرية والاعتقال العشوائي لطلابهم ومواطنيهم, بعد أن ضاقوا ذرعاً بما يتعرض له هؤلاء, من تصفية جسدية وتعذيب منظمة وواسعة, رغم ما تمثله صرختهم من مجازفة بالنسبة إلي من وقع عليها أو ساندها منهم, يرجح أن تصل به إلي الاعتقال والتعذيب والتصفية والهلاك! يقول طلاب دارفور في وصف حالهم إن "كل من يعتقل منهم يكون مشروع تعذيب أو شهيد". ويؤكدون هذا الواقعة المفزعة, رغم أن حالهم أفضل بكثير من حال إخوتهم مواطني مدن وارياف وقري دارفور, فالخرطوم لا تشهد قتالاً بين المعارضة المسلحة والنظام. ولكنها تتعرض لحملات تنكيل مخيفة, ولحملات تحريض عنصري مقيت وبغيض تطال طلاب دارفور, مع أن وقائع كثيرة تدحض أكاذيب النظام, الذي دأب علي أثارة التناقضات والعدوات بين طلاب دارفور أنفسهم, وبينهم وبين إخوتهم الطلاب الذين ينتسبون بقية ولايات السودان, وعمل شحن تصرفاتهم بالعنف. ومن يتابع ما يصل من أخبار عن جامعات السودانية سيجد أجهزة السلطة القمعية من "طلاب المؤتمر الوطني" وراء أي شجار أو خلاف يحدث فيه, وأي حادثة يتعرض لها طلاب دارفور في جامعات السودانية المختلفة: من الخطف والاعتقال والتعذيب إلي التصفية, ومن الإختفاء القسري واقتحام داخليات الطلاب وسرقتها إلي توزيع السلاح وما يستتبعه من أعمال وحشية ونبذ بالفاظ عنصرية وقتل مجهولة المصدر معروفة النتائج, ومن تقريب هذا وإقصاء ذاك إلي ما يثيره أي تقارب مع السلطة من شبهات وشكوك تضع الناس في أجواء تمكنهم من التحكم من ردود فعلهم وتوجيهها حسبما تشاء. لا تشهد الخرطوم أعمال مقاومة مسلحة. وليست فيها مناطق محررة, لذلك قصر تجمع روابط طلاب دارفور حديثهم علي من يعتقلهم النظام, واعتبروهم مشاريع الشهداء, فالسلطة هي هنا مصدر الخطر الوحيد علي طلابهم, وهي الجهة التي تنفرد بقتلهم وتعذيبهم واعتقالهم, واثارة الفتنة بين الطلاب, ولا توفر أحداً منهم رغم أنهم لا يحملون السلاح ضدها, وفي هذا تأكيد علي أنها تري فيهم أعداء لها, كسائر الدارفوريين, لذلك يتعرضون للتعذيب حتي الموت عند اعتقالهم, بينما يقتل إخوتهم في دارفور بالقصف الجوي وبأسلحة مليشيات النظام, فلا صحة لما تروجه من أكاذيب حول اقتصار عنفها علي قوي المقاومة الثورية, ولو كانت تحرص حقاً علي طلابها المسالمين لما كان كل معتقل مشروع شهيد, حسب قول تجمع روابط طلاب دارفور في الخرطوم, في حال كانت بحاجة أصلاً إلي اعتقالات ومعتقلين بطريقة عنصرية بغيضة!! بعد خمسة عشر عاما من القتل والترويع والتلاعب بأحط مشاعر البشر, يتحدث تجمع روابط طلاب دارفور شجاعتهم المعهودة عن نظام يقتل الشعب بالجملة, لم يعد من الجائز السكوت عنه, انسجاماً مع مواقف سابقة جعلت منهم صوتاً سودانياً حراً قاوم الطغيان, وناضل لحماية شعبه المهدد بابادة جماعية وتطهير عرقي لا يميز بين السودانيين, ويرفض أن يكون بينهم أبرياء, يقتل كل من تقع يده عليه من أبناء دارفور, لأنه لم يعد قادراً علي الاستمرار بغير قتل شعبه, بما في ذلك الموالون له منه, كما قال أحد كبار جنجويده قبل أيام علي صفحة التواصل الاجتماعي الخاصة به!! [email protected]