نتيجة لأرتفاع درجات الحرارة ،وتوقف أجهزة التكييف عن العمل ، وذلك بسبب انقطاع التيار الكهربائي يوم الخميس الماضي عن منطقة الجريف (الشيطة ) ؛ قرر أربعة من شباب الجامعات ومعهم صبي علي أعتاب المرحلة الثانوية قرروا الهروب من جحيم وسخونة المنازل إلي مياه النهر الباردة. فذهبوا بربطة المعلم صوب النيل قبالة مسجد باعبود بالحارة الخامسة بمنطقة الجريف ، وبدلا" من قضاء وقت ممتع في مياه النيل والعودة إلي منازلهم لعل وعسي أن تكون الكهرباء قد عادت مجددا ؛ بدلا" عن ذلك لم يعد أي منهم إلي منزله. نعم لقد ابتلعهم النيل جميعا" ولم ينج منهم أحد . ومنذ عصر الخميس وحتي كتابة هذه السطور عثر رجال الدفاع المدني علي جثث اثنين منهم فقط هما عبدالمنعم ومازن اللذان يدرسان بالسنة الثالثة بكلية الهندسة . في حين ظلت الثلاث جثث الأخري مختبئة داخل النيل منهم ابن عمر هشام والذي يدرس بالسنة الثانية بكلية الطب ومحمد عبدالرازق وشاب آخر. ومن المفارقات المرة في هذه الحادثة أن جميع الاسر ظلت تفترش الارض علي جانبي (القيف) في انتظار ظهور جثث أبنائها ، وكلما لاح أمل بالعثور علي جثة أو جثتين يتتضح لاحقا" أنها ليست لشباب المنطقة ، وهذا يحمل عددا" من المؤشرات أهمها ارتفاع نسبة الغرق بدليل وجود الكثير من الجثث. إن غرق الشباب اليافعين مسؤولة عنه عدة جهات : أولها المحلية التي لم تعمل علي تسوير الأماكن الخطرة ومنع الأقتراب أو السباحة فيها بوضع لافتات تحذيرية مثل ماتصدر قرارات بمنع غسل العربات في شارع النيل وتضع لافتات علي طول الطريق. ثانيها أهالي الشباب الذين لم يعملوا علي توعيتهم ومتابعتهم بالابتعاد عن الأماكن الخطرة وعدم السباحة في أماكن الحفر والتي ينحسر عنها النيل ويعود إليها في كل مرة. وثالثها اتحادات الشباب ووزارة الرياضة واللتان تصبحان مثل خيال المآتة لا(بتهش ولا بتنش) وليس لها أي دور في إقامة أندية أو مراكز ترويح وسباحة مجانية ، وتركت الجبل علي القارب لأندية السباحة الخاصة والتي لايستطيع كائن من كان ارتيادها أو دفع كلفة الساعة التجارية بها رابعها الهيئة القومية للكهرباء والتي وبسبب سياسات القطوعات التي تنتهجها والتي أصبحت مبرمجة وبصورة غير معلنة خاصة أيام الأحد والأربعاء والخميس ستؤدي بعد قليل الي غرق كل الشباب السوداني في النيل . إن ماحدث لهؤلاء الشباب ينبغي أن يكون رسالة قوية للجميع بأن يبتعدوا عن السباحة في الأماكن الخطرة من النيل إذا كان لابد من الذهاب وعليهم أن لايتوغلوا في الاعماق فأمامهم مثال حي لما يمكن أن يحدث ،و يجب أن يعووا تماما أنهم يعيشون في بلد ليس فيها وجيع ليس من اجل إنقاذهم ولكن حتي للعثور علي جثثهم. نسأل الله أن يتغمد هؤلاء الشباب بالرحمة والمغفرة وأن يتقبلهم قبولا" حسنا" وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر وحسن العزاء وإنا لله وإنا إليه راجعون . *نقلا عن السوداني