كنت من أكثر الناس زهدا في حضور المنتديات الشبابية أو المشاركة براي سياسي أو ورقة لعدة أسباب أهمها خطورة سرعة التصنيف غير الواعي لرؤيتك السياسية بالإضافة لثقافة التخوين والفهم المتواضع لكل تصريح أو كتابة تكتب بمعايير هل أنت معهم في خطهم الفكري أم مدجن ولكن جاءت مجموعة الشباب تمسي نفسها بناة المستقبل وهم في الأصل كانوا من مناصري حركة حق اليسارية في الجامعات والمعاهد السودانية وفي العاصمة القومية بالتحديد وكان الزوار أربعة منهم قالوا لي أنهم بصدد سماع شهادة مني في أمر وضعية الكيانات اليسارية ومستقبل العمل السياسي من خلال أتخاذ الماركسية فكر وفلسفة حياة للتعاطي مع مستقبل الفرد والجماعة أو المواطن والبلاد !؟ وقعت في دهشة بل ألجمت الدهشة لساني لفترة لست بالقصيرة حاولت خلالها أجد مدخلا منطقي للرد عليهم وكذلك للاعتذار عن المشاركة معهم في أي سجال قد يقود في نهاية الامر الي أتهام صريح بتأجيج الصراع السياسي وحشد الشباب لافكار هدامة وهذه هي سمة التهم هذه الأيام التي تحاصر كل ناشط وصاحب راي يريد أن يقول كلمة حق في ظلام الجهل والضياع الذي نعايش مرارته في المشهد العام اليوم قلت في البداية بروح جلها الرغبة في الانحراف من النقاش الجاد الي فضاء الدعابة والمرح ( أتعتقدون أني صاحب فكر وحضور أي وهم هذا ياشباب ) ولكنهم كانوا علي نفس الموقف الجاد والاسئلة الجادة التي طرحت علي طلبت مهلة للتفكير والمراجعة لما كونت من تجربة وثقافة ولكنهم قالوا أنهم بصدد عقد لقاء لكل أعضاء هذه المجموعة وعسي أن تكون موافقتي ليس فقط علي الرد ولكن علينا أن نتحلق في مجموعة عصف ذهني أقدم محاور للنقاش وأقول راي وهم يناقشون هذا الراي لقد الامر أكبر من أتحمل مسئولية التعامل معه كأمانة علمية وطرح فكري راشد لذلك قلت معتذرا أرجو أن تختاروا أكاديمي أو باحث متخصص في هذه المسائل ثقافتي وتجربتي أقل من طموحكم في الاستزادة من أطروحة تقدم لكم ما يشبعكم فكر ومحاورة اصر ت هذه المجموعة كانت علي يقين غريب بأني ممكن أن أقدم ورقة تخدم ما يريدون ويرمون اليه دخلت في ورطة ولم أعرف لنفسي مخرجا ومنحت أسبوع لكي أحضر مادتي وبعدها يكون مكان اللقاء صالة بابا كوستا لكي أقدم ورقتي وأي ورقة وها أنا الان أعرض عليكم هذه الورقة عساها تكون جديرة بالقراءة والتقييم لابد من وجود رؤية لليسار السوداني وتحدد دوره في استراتيجية الصراع السياسي الحالي وهذا لا يعني أن هنالك فراغ في الساحة من الحراك اليساري أو افتقاد لهذا الدور بصورة جماعية وشاملة حينما ننطلق من هذا المحور نتحدث عن ضرورة التفعيل والبناء والتغيير الاجتماعي إذا المطلوب هو أن يكون بمقدور اليسار وان يتصدى لمهامه الوطنية وان تكون الياته البحث بوضعية قادرة على خوض النضال الوطني وهذا ما يدفعنا إلى خوض النضال الديمقراطي الداخلي وفق مقولة بناء من اجل التنمية ووضع قواعد من اجل البناء لحزب يعي دوره الوطني وبالتالي هذا يطرح على اليسار أهمية تجديد رؤيته وتنظيم قواه و تحفيز طاقاته على كل المستويات للدخول في هذا في معركة المشاركة الوطنية . أن خطر الوقوع في تقديس الماضي وما يجري الحديث عن ان النظرية الماركسية هي التحليل الملموس للواقع المعاش ولكن المعاش ليس بمادة نصية يقينية جامدة ، لانه في الأمور البديهية ومن منطلق استراتيجي، يقال، إن الهدف ثابت إن اتفقنا على تحديد الهدف والوسائل المناسبة لها صفة مرنة كما هو معروف ولكن الواقع متحرك الذي نحاول أن نتعامل مع تعقيده قراءة التحولات التي تجري بين ظهرانينا في الواقع المتغير باستمرار يفرض الكثير من معرفة تاريخ شعبنا وتحديات المرحلة وكيفية التعامل معها وعلينا وأولها تغير الوسائل التي هي طريق وبداية الخطوات في النضال الطويل بمعنى، لقد فرضت المتغيرات التي استجدت على واقعنا الكثير من الظواهر التي لم تكن مألوفة في السابق وهذا اثر على مستوى التجانس السياسي والثقافي والاجتماعي داخل كل تجمع رغم اختلاف ظاهري يحفظ الخصوصية لكل منا في أتجاهات الحركات اليسارية أو باقية الحركات النضالية . التنظيمات غير الحزبية تعددت وتنوعت هذه الحركات بصورة كبيرة نظرا لسهولة تشكيلها في عالم الفضاء الإلكتروني و سهولة الانضمام إليها بسبب عدم وجود عوائق تنظيمية في عملية الانضمام من ناحية ، أو حتى عوائق فكرية أو أيدلوجية فيما يتعلق ببناء أفكارها التي غالبا ما تكون فكرة أو مجموعة أفكار بسيطة هناك شبه إجماع عليها ، وإن كانت هذه ميزة لهذه الحركات بالنظر لسهولة التشكيل أو الاجتماع للدفاع عن المطالب المختلفة إلا أنها قد تسبب مشكلة لهذه الحركات في مرحلة ما بعد الميلاد والممارسة بالنظر إلى تركيبتها غير المتجانسة أيدلوجيا أو حتى بالنظر إلى تحقق الهدف الذي كانت تسعى له خاصة فيما يتعلق بالإطاحة بالنظام ككل ومن ثم باتت الكثير من هذه الحركات تبحث عن مصيرها وهويتها خلال الفترة القادمة .ومن أبرز هذه القوى أنتم كمثال وغير من جماعات كثيرة كمجموعة شباب من أجل التغيير وثوار سودانيين وسودانيين من أجل التغيير قبل ان نتحدث عن الحركات الشبابية ودورها في عملية التغيير في السودان ينبغي لنا ان نطرح عدة اسئلة وهي :- هل كانت للشباب موقف واضح تجاه عملية التغيير في السودان ؟ هل هنالك محاولات جادة من الشباب لتغيير هذا النظام ؟ ماهي تلك المحاولات ، وكيف كانت ، و هل هي ناجحه ؟ ماهي اوجه القصور، ومعوقات التغيير في تلك المحاولات ؟ كيف يستطيع الشباب تغيير هذا النظام ؟ كل تلك الاسئلة وغيرها ينبغي طرحها ومناقشتها و ان تجاب عليها بكل شفافية وتجرد حتي نتمكن من وضع معالجة اوجه القصور وايجاد البدئل الناجحة واستراتيجية واضحه المعالم لهذا المشروع الوطني الكبير. اولآ :- ان الوطن السودان الان يمر بمرحلة تاريخية حرجة جدآ والكثير من المخاطر والتحديات الماثلة ، حيث تم تغيب واقصاء معظم الشرائح المهمة في المجتمع ، وكان الشباب اهم هذه الشرائح التي تم اقصائها وتغيبها وتجهيلها بصورة سافرة ومتعمدة ، لقد ادرك النظام خطورة هذه الشريحة وقدراته ودمائه المتجدد ، فلذا نفذه هذا المخطط المدمر حتي يفقد الشباب كل قدرته القوية في اسقاط الانظمة التسلطية ، ولكن علي الرغم من تلك المخططات ظل موقف معظم الشباب حاضرآ تجاه التغيير في كل منابر الوعي ، تشكل ذلك بصورة واضحة للعيان. من خلال قيام شباب الاحزاب السياسية والحركات الثورية والحركات الشبابية والروابط والجمعيات والتجمعات الاقليمية والقومية بنشاطتهم الدؤوبة المتواصلة بالجامعات السودانية والولايات والمحليات والاحياء والمناطق والقري والفرقان و الاسواق والمؤسسات واماكن التجمعات ثانيآ :-لقد كانت هنالك عدة محاولات لاسقاط هذا النظام عبر ثورة شعبية ، قامه بها جيل الشباب طيلة الفترات الماضية ، و كان لها الاثر الوضح والاسهام الكبير في كشف وامتحان مدي قوة وتماسك هذا النظام وهذه المحاولات تمثلت في المظاهرات العارمة التي انفجرة معبرة عن حالة لبؤس والغضب الذي يعيشها المواطن ، والوقفات الاحتجاجية التي نظمها الشباب ، واتساع النشاط الشبابي المعارض في شبكات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ، والمنشورات التي تم توزيعها في الأسواق و الاماكن العامة وغيرها من المحاولات الشبابية ثالثآ :- علي الرغم من كل تلك النشطات والمحاولات الجادة ، الا ان كلها باءات بالفشل ولم تنجح في اسقاط النظام ، ولكنها ساعدة نوعآ ما في بث الوعي وتغيير بعض المفاهيم والافكار الخاطئة التي سمم بها النظام عقول الشعب السوداني طيلة فترة حكمة رابعآ :- هنالك العديد من اوجه القصور والمعوقات حالة دون احداث أي عمليه تغيير ، سوف نستعرض جزء من هذه الاسباب علي سبيل المثال وليس الحصر أ. هنالك اسباب يتعلق بالنظام نفسه نجملها في الاتي :- لقد استخدم هذا النظام سياسة سوسيولوجيا العنصرية ، والقبلية ، والجهوية البغيضة ، وعمل علي نشرها وبثها وسط فئات المجتمعات السودانية ، الامر الذي ادي الي ان يتمترس كل فئة من هذه الفئات حول هذه المفاهيم الضيقة والانتماءات المركبة البسيطة وتحاول مقاومة أي فكرة عن التغيير ، خوفآ من سيطرة أي من هذه الفئات علي مقاليد السلطة واقصاء الاطراف الاخري وتهميشها كما يحدث الان لقد استخدم هذ النظام سياسة التجويع لتركيع والهاء الشعب السوداني بل اتبع نظرية ((جوع كلبك يتبعك)) وذلك باضعاف دخل الفرد بل ان دخل الفرد لا يكفي لسد حاجياته الاساسية ، فالموظفين يعانون اشد المعاناة من قلة في المرتبات فاصبح الموظف يرتشي لسداد ديونة وتوفير حاجاته فلذا يصبح اكثر حرصآ في المحافظة علي منصبة، والشباب عاطل عن العمل، والعمال اجورهم لا تكفي لحاجاتهم فلذا يعمل ليل نهار من اجل توفير لقمة عيشة فهو بذلك مشغول طوال الوقت ، فبالتالي لايستجيب لاي دعوة لاسقاط النظام خوفآ من الجوع وتعطيل مصدر رزقة بل اصبح ينظر للثورة كعدو يجب عدم الاستجابة له وتسفيه كل يدعو له . بعد كل هذا العصف والتحولات التي حدثت ان نسأل من نحن ؟ وهو سؤال مستحق والواقع السوداني اردته الة القياس خارج مشهد المواجهة ذات الطرفين المتقابلين ، بمعنى نحن كقوي يسار وحكومة والتي نعني فيها النضال من أجل بناء أمة وهوية فكرية أي المعركة التي نخوضها الان ضد بعضنا البعض غير منطقية ولا تقود لنصر ولا لتحقيق أهدافنا الوطنية المشروعة والتي تتلخص وطن يسع الجميع ومشروع نهضة سوداني نحن من نكون بعد كل ما أفرزته الحصيلة الإجمالية للصراع واقع يضطرنا إلى خوض عشرات المعارك الداخلية على المستوى الديمقراطي الداخلي لكي نستطيع الاستمرار في مواصلة النضال لتاسيس كيانات يسارية جديرة بالحياة وقادر علي مواجهة كل معضلات التنظيم والميلاد وهي تحديات جديدة وهي تؤشر إلى حجم المتغيرات التي استجدت على مستوى البنية المجتمعية السودانية والتي تستدعي قراءة جديدة للواقع الذي نعيش تحت عنوان إعادة صياغة المشروع الوطني وهي قراءة تحتاج إلى تدقيق في طبيعة المعركة الديمقراطية في وجه التحديات الداخلية والتي تشكل مواقع جديدة لا يمكن التعامل معها باعتماد نفس وسائل التي نعتمدها في مقاومة الفقر والجهل والمرض ومشكلات التنمية بالرغم إنها لا تقل خطورة لذا فان النظرة للصراع والوسائل المستخدمة من كل شركاء الوطن اوسع بكثير من التصنيف الطبقي والديني للصراع وطبيعته رغم انه يشكل حجرا محوريا فيه إن التحليل الذي يعتمد الصراع الطبقي يقوم بمهمة غير مكتملة حيث يقدم التحليل على المستوى الشامل لكنه لا يفيد من ناحية آليات الصراع وطرائقه ، هذه الدراسات قد تكون مهمة لتشريح الواقع ومعرفة اتجاهات سير القوى وبالتالي الوضعية التي نقف عندها ، وبالطبع هو ضروري للربط بين مستوين من النضال الديمقراطي ، والإصلاح المجتمعي الشامل ، والمقصود به التأثير في إعادة صياغة العلاقات داخل المجتمع بشكل شامل ولكن ، هل يمكن اعتبار أن التحليل الطبقي الأحادي كاف لفهم طبيعة ما يجري داخل المجتمع ،على أساس إن الصراع يجري بين مكونات متداخلة وأشكال هجينة ومشوهه وغير مكتملة . اي نحتاج الى ملامسة حقيقية لمفهوم التخلف وهل نحن نمتلك حقا مفهوم التقدم؟ وما نقصده بالتداخل هو أن طبيعة الصراع على مكونات الهويات الحضارية والمنظومات القيمية والأخلاقية وهذا يعني أنها لا تقف عند حدود الطبقات ، ربما يكون من خصائص النيوليبرالية، والعولمة إنها تتوغل وتدخل إلى عمق التناقضات الداخلية لكل مجتمع فتحفز آليات الدفاع بأدنى مستوى لها و المرتبطة بالثقافة الدينية والشعبية السائدة والتي كانت راكدة، مما يدعوها لتستنفر من جديد حيث أن هناك تراكيب شرائح اجتماعية غير مكتملة الملامح حتى لو كان الصراع بجوهره يأخذ منحى الظلم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي إلا انه لم يرقى إلى مستوى صراع طبقي يعيش الشعب السوداني في كل أماكن تواجده مؤثر من مصدرين الأول غربي يستهدف تحقيق جملة من الأهداف ذات الطبيعة سياسية بأبعاد حضارية والثاني أصولي تستهدف اسلمة المجتمع وهي من طبيعة ثقافية متخلفة وغير مقبول من القوي الحديثة إذا نحن وسط فكي كماشة الاستلاب المتماهي مع قيم غربية ذات مسميات تحديثية والداخلي الأصولي والمتخلف والمغلق والاستبدادي في ما مضى كانت المعركة أكثر بساطة وبين طرفين واضحي المعالم مشروع نهضوي وطني عليه أجماع من كل القوي السياسية وهذا الذي فشلنا فيه من جيل الاستقلال الي الان ! لا أريد أن أقول أن قيام كيانات يسارية جديدة صعب ولكن علي الأقل بهذا الفهم . [email protected]