ليس صعبا على المرء أن يستوعب ويفهم لماذا ظل القانون منذ أن صدر يجعل عقوبة جريمة القتل حتى لو كان عن طريق الخطأ هي الجريمة الأكبر فكانت عقوبتها هي الأقصى أن يعدم إذا لم يتنازل أهل القتيل وأولياء أمره وعفو القاتل سواء بقبول الدية أو بدون مقابل فهي بلا شك عقوبة لابد منها لأنه ليس هناك أهم للإنسان من حياته لهذا من الطبيعي أن من يفقد القاتل حياته لأنه أهدر حياة إنسان برئ. ولكن اللذين شرعوا هذه القوانين تاريخيا و جعلوا هذه العقوبة هي الأكبر لهذا النوع من الجريمة وهى قتل الإنسان لأخيه الإنسان محقون فيما ذهبوا إليه. ولكن مما لاشك فيه إن ذلك الزمان الذي سادته هذه الفلسفة من القوانين والتي تجعل قتل إنسان اكبر جريمة في عرف الزمن الذي عرف بمجتمع الأخلاقيات و لم بكم في عرف ومنطق ذلك الزمان إن هناك جرائم اشد خطرا واسوا مردودا يقتل فيها إنسان مجرم طامع في الثراء الحرام آلاف القتلى وليس واحدا لهذا فهي عقوبة جريمة اكبر وان تجاهل القانون يومها هذا النوع منا لجرائم لأنه لم يدر يومها بخلد المشرع في ذلك الزمان إن السودان سيقيل يوما على هذه الجرائم الأخطر حتى يشرع فيها عقوبة اكبر أو على الأقل نفس العقوبة لان من يقتل الآلاف يستحق عقوبة اكبر. ولكن تاريخ السودان الحديث وربما في ربع القرن الأخير فلقد ظهرت جرائم غير مألوفة في عرف القانون جرائم لا تتعدى عقوبتها بضعة أشهر سجن أو ربما غرامة مالية لا تمنع مرتكبها أن يعاود ارتكابها مرات ومرات بالرغم من إن هذه الجرائم تقتل الآلاف ف دون أن يواجه مرتكبها جريمة القتل وهو يقتل آلاف ومع هذا لا يكون نصيبه من العقوبة أكثر من بضعة أشهر في السجن بلب وفى مفارقة اكبر يخلى سبيله بدفع غرامة مالية فيتحقق لخزينة الدولة. المال مقابل تقاضيها عن جرائم القتل الأكبر طالما إن هذا النوع من الجرائم في حقيقته إنما يقتل الآلاف وليس شخصا واحدا كما انه قتل عمد مع صبغ الإصرار وليس نتيجة جهل أو خطأ وانم طمعا في الثراء الفاحش والحرام. نعم ما نشهده هذا الزمان من أمراض وافدة يسقط ضحاياها آلاف القتلى من أمراض لم يكن يعرفها السودان من الفشل الكلوى والسرطان والذبحات وغيرها والجميع وعلى رأسهم المسئولين في الدولة إن هذه الأمراض القاتلة وغيره يفيض بها السوق من الأطعمة الفاسدة والمسرطنة والمنتهية الصلاحية والتي يحوى اغلبها لمواد كيماوية قاتلة حتى بلغ الأمر بيع لحام الكلاب فهل جريمة قتل إنسان واحد اكبر من هذه الجريمة لان من تثبت عليه يسدد فاتورة القتل الجماعي بضعة جنيهات غرامة أو يقضى شهرين في السجن ينعم فيها بحياة مترفة بما جناه من مال من قتل الآلاف ليعاود المزيد من نفس الجرائم. فكيف يكون من يدان بجريمة بيع سلعة سامة قاتلة للإنسان و تؤدي جريمته هذه بآلاف القتلى أليس هو أحق بالإعدام من يدان بجريمة قتل مباشرة عمدا أو عن خطا لنفس واحدة فان قتل نفسا واحدة فان الآخر الذي لا تطاله عقوبة الإعدام قتل آلاف عمدا وهو يبيعهم سلع فاسدة و قاتلة لا محالة تحقق له مضاعفة أرباحه المادية وهو يعلم ذلك إلا أن شهوته للثراء على حساب ضحاياه يجعل منها جريمة قتل عمدا وبالجملة اكبر من جريمة قتلإنسان واحد وتهاون الدولة في هذا الأمر هو نفسه جريمة. وبجانب الأطعمة الفاسدة من يثرى من بيع أدوية فاسدة وقاتلة يروح ضحاياه آلاف أليس جريمتهم اكبر ومن يتاجرون اليوم باستيراد البنج الفاسد كأي سلعة مباحة والذي أصيح سببا في سقوط آلاف الضحايا و القتلى أليس جريمة قتل اكبر. المجال هنا لا يسع التفصيل وحصر هذا الواقع من الممارسات التي يسقط ضحايا لها آلاف القتلى دون أن تطال هؤلاء المجرمين عقوبة الإعدام أو على الأقل التأبيدة إنقاذا لضحاياهم الأبرياء أما الحديث عن جرائم اللصوص بالنهب المسلح فقصتها أطول تعود بى الذاكرة لما شهدته الصين مع بداية عهد ماوتستونغ فلقد اصدر يومها فور تسلمه السلطة عقوبة الإعدام لكل من يتاجر في سلعة نفتك بالضحايا من القتلى وصنف يومها هذه الجريمة بأنها اشد خطرا من قاتل النفس الواحدة. فأين نحن من هذه العقلية وأسواقنا مليئة بالسم القات الذي يفتك بآلاف المواطنين ومرتكبي هذه الجرائم لا يواجهون عقوبات بمستوى جرمهم لقد آن الأوان لان تعيد الدولة النظر في هذا النوع من الجرائم وان تكون على قدر المسئولية لحماية أرواح المواطنين الأبرياء اللذين يستنزف أموالهم طلاب الثراء الحرام وينعونهم الموت فالحقيقة (باينة) أمام كل عين خاصة عيون المسئولين.