(إن لم تستطع أن تكون كوكباً في السماء.. فكن قنديلاً في البيت..). .. ملخص الخبر الذي نشرته «إحدى الصحف المحلية» في صدر صفحاتها أمس الأول يقول إن زوجاً ضرب زوجته في لحظة غضب أثناء قراءته كتاباً بعنوان «التحكم بالغضب» بل حسب الخبر ضربها بالكتاب نفسه. ولعلنا جميعاً وقعنا في إغراء شراء وقراءة كتب تعلمنا كيف نعيش.. بعضها يتحدث عن النجاح وبعضها ينصحنا بأن ندع القلق ونبدأ الحياة وكتب أخرى تقودنا في دروب السعادة وأخرى تعطينا دروساً في فن القيادة، وكتب أخرى ترسم خرائط طرق التعامل مع الآخرين، وبعضها كيف نقنع الآخرين، وكيف نخطب على المنصات وأمام الجماهير... وأغلب الأحيان يكتب على زاوية الكتاب من أكثر الكتب مبيعاً في العالم. أقف هنا عند ثلاث نقاط: أولاً لماذا هذا الإقبال على مثل هذا النوع من الكتب؟ أما النقطة الثانية فإلى أي درجة تعتبر هذه الكتب مفيدة عملياً؟ أما السؤال الثالث فهل الطبع قابل للتغيير؟ الطبع أم التطبع في الإجابة عن السؤال فإن الإقبال على هذا النوع من الكتب يعتبر طبيعياً، فالناس لديها رغبة شديدة تدفعها لتحسين الذات ولديها فضول يدفعها لمعرفة سبل تحسين حياتها وتطوير مهاراتها في فنون الحياة.. أيضاً هذا الإقبال هو محاولة بحث عن طريق يوصلنا لأقرب نقطة ممكنة من الكمال.. السؤال الثاني.. لا أريد أن تؤثر حادثة الرجل الذي غضب وضرب زوجته أثناء قراءته كتاب التحكم بالغضب على موضوعية الجواب عن هذا السؤال.... الكتب بحد ذاتها مفيدة والفارق بيننا في طريقة تعاملنا مع الكتب هي التي تحدد فائدتها ومدى تأثيرها فينا. هذا الجواب يسهل علينا الدخول في النقطة الثالثة والتي تتعلق بقدرة الكتب على تغيير الطبع... ورغم أن هذا السؤال يقود لإجابات متناقضة فالبعض يرى أن الطبع هو الذي ينتصر مثل صاحبنا رجل التحكم بالغضب... والبعض الآخر يؤمن بأن التغيير جزء من حياة البشر وتأثيرات وأسباب التغيير مختلفة من التجارب ومن التقدم بالعمر ومنها أيضاً الكتب. لكن الواضح أن الكتب هي الأقل تأثيراً في تغيير البشر وببساطة لأنها دروس نظرية... وعلى الأغلب الدروس النظرية تبقى محدودة التأثير لكونها لا تنطلق من الواقع.. ثمة أشخاص أبطال في التنظير لكنهم على الأغلب يغرقون عندما تدهمهم سيول الواقع وظروفه وأوحاله... وقد ابتلينا خلال حكم الكيزان بالكثير من المنظرين ولم تكن الكتابة فقط وسيلتهم... بل أيضاً أصبحت شاشات التلفزيون صفحات ناطقة لتنظيراتهم وقد دفع كثير من الشبان الصغار أثمانا فادحة وبعضهم دفع حياته تحت تأثير أبطال التنظير. على أي حال قديما قال.... «السيف أصدق إنباء من الكتب» الآن يصبح القول صحيحاً لو قلنا «الواقع أصدق إنباء من الكتب».. أقوال:- قيل للمأمون ما ألذ الأشياء؟ قال التنزه في عقول الناس.. (يعني القراءة في الكتب) سُئلت عمن سيقود الجنس البشري؟ فأجبت: الذين يعرفون كيف يقرؤون. قيل لأرسطو: كيف تحكم على إنسان؟ فأجاب: أسأله كم كتاباً يقراً وماذا يقرأ. قال الجاحظ: الكتاب وعاء مملوء علماً، وظرف حشي ظرفاً، وبستان يحمل في ردن، وروضة تقلب في حجر، ينطق عن الموتى، ويترجم كلام الأحياء. [email protected]