الكتابة هي الكتابة.. والثقافة هي الثقافة.. والعلم هو العلم.. والطبيب هو الطبيب.. أنا ضد وجود فكرة فيما تسمى بالكتابة النسائية أو الرجالية، مثل هذا التصنيف يفقع (مرارتي) ويصل أذاه (كبدي) ويتعداه إلى (كلوتي). هنالك نساء كاتبات مبدعات كثيرات بمعنى الإبداع الحقيقي في السودان وكل بقاع الدنيا والأركان الأربعة ل (المعمورة) والرياض والطائف والمنشية وبري ونمرة 2 و3، لم أر طيلة فترة عملي الصحفي كاتباً أو كاتبة بحجم وروعة وشجاعة وإبداع السعودية جهير بنت عبدالله المساعد صاحبة زاوية (ورقة ود) المتنقلة بين صحف المملكة، وكذلك نالت إعجابي واستحساني الدكتورة ثريا العريض في زاويتها (بيننا كلمة) وليلى الأحيدب في (تحولات نهرية) ومن أشهر الكاتبات في الشرق الأوسط المنطقة وليست الجريدة: الشاعرة والكاتبة إيتل عدنان البالغة من العمرة 90 عاماً والتي تحمل ثلاث جنسيات (سورية، يونانية، أمريكية) ورندة جرار الفلسطينية الأصل وأمريكية الجنسية، وحوراء النداوي عراقية ودنماركية، وصوفيا المرية أمريكية من أصل قطري، والسعودية بدرية البشر، وأحلام مستغانمي الجزائرية، والمصرية ميرال الطحاوي، واليف شفق التركية التي ترجمت كتبها إلى أكثر من 30 لغة. وفي السودان لا حصر للكاتبات صاحبات القامات السامقات والمبدعات أيما إبداع، والقائمة تطول وتطول.. إلى هنا وكل الأمور تسير كما ينبغي سلسلاً وطبيعياً.. لكن المشكلة تبدأ من القارئ الذكوري، وهنا أعترف بوجود قارئ (رجالي.. نسائي.. ولادي.. بناتي) تماماً كالملابس، في المقالات.. الكلام العادي في البوستات.. الأخبار الاجتماعية من نجاح وزواج وفرح وترح.. إذا أردت لمقالك أو خبرك انتشاراً سريعاً وعريضاً كانتشار النار في الهشيم لابد أن تعلو أو تذيل باسم نسائي (إمرأة)، أو حتى أحد الأسماء المشتركة بين الجنسين على غرار (تيسير.. صباح.. سلامة.. إقبال.. بشرى.. عصمت.. رجاء..... إلخ) لتضمن وصوله إلى كل حدب وصوب، حتى لو كانت هذه الكاتبة (مبتدئة.. مدعية.. دخيلة.. ركيكة الاسلوب والتعبير.. جاهلة الإملاء.. عديمة الحس الصحفي، وخلاف ذلك من النقائص العديدة.. المهم فقط وجود الاسم النسوي وهو كاف لاستجلاب المزيد والمديد والعديد من الإعجاب والتعليق حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. رؤساء التحرير ومسؤولو الصحف مغرمون بتعيين الجنس الناعم و(السكر الخشن) ويفردون لهن المساحات في صحفهم ويفرشونها ويطرزونها بالزهور والورود. كل مستشفيات الدنيا تجد الصفوف الطويلة أمام عيادات الطبيبات وإن كن عامات أو اختصاصيات تاركين كبار الاستشاريين الأكفاء يقرأون الصحف ويرتشفون القهوة.. لا سيما تلك الأمراض ذات التعامل المباشر والملامس والتلاصق مثل الأسنان والعيون والأنف والأذن والحنجرة، أعرف طبيبة استشارية مشهورة سودانية امتنعت عن استقبال المرضى من الرجال إلا في حالات الضرورة القصوى (المضطر يركب الصعب)، أكيد تعرضت لموقف صعب لتتخذ القرار الصعب، القرار له أبعاد كبيرة وأسباب كثيرة أقلها ربما مضايقات ومعاكسات من بعض ذوي النفوس الضعيفة والمريضة والأجسام الصحيحة.. تصوروا ناس يرتادون المشافي من غير علة. في جهاز شؤون المغتربين.. المطاعم.. الكافتيريات.. وكالات السفر والسياحة.. في الحدائق العامة.. مقاعد الطائرات والحافلات هنالك مراقبة لصيقة (مان تو مان) من الرجال للنساء. عدة دراسات بحثية أجريتها، وبعدها كتبت الكثير من المقالات والمواضيع في الصحف الورقية والإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بأسماء نسائية مستعارة، فكان الإقبال والتفاعل مذهلاً والتسابق كبيراً كأننا في موسم الأعياد والمناسبات والتخفيضات الكبيرة والضخمة (أوكازيون) تصل إلي مليون في المائة.. سبحان الله، حقاً مبدع من أخترع (ليدز فرست) وسيداتي سادتي. [email protected]