نحن مطالبون من قبل الحكومة بالترشيد الذي يصل حد التقشف في أمورنا كلها، استهلاكنا للكهرباء والماء إن وُجدتا.. في المأكل والمشرب والملبس.. حتى فطور أطفالنا الصغار في مرحلة الأساس يحفزون بل يجبرون بتوفير جزء من يسير ما يملكون للتبرع للجهة الفلانية أو الجمعية العلانية أو أحياناً خارج حدود الوطن. لا اعترض على غرز وزرع روح الوطنية والشهامة والرجولة المبكرة لهذه الناشئة في حدود المعقول والمقبول. المشير البشير أعتبره أكثر المجيدين للعبة الشطرنج في العالم قاطبة، فمن يدقق في العدد المخيف من النواب والمساعدين والمستشارين والوزراء الاتحاديين ووزراء الدولة والولاة يجزم بأننا دولة عظمى مساحة وسكاناً وتقدماً.. لا جديد في الكثير من أسماء الوزراء منذ تسنم البشير زمام رئاسة البلاد، فقط تبادل مراكز.. ما يستقطع من الفقير والطفل الصغير يذهب لهذا العدد الكبير من المسؤولين القابل للاشتعال السريع والانفجار في أي وقت من شدة الثراء الفاحش ولمخصصاتهم الكبيرة والكثيرة.. الكثير من الوزارات ما ليها (لزمة)، الكثير منها بالإمكان دمج بعضها مع البعض الآخر، الكثير منها عبء ثقيل على وزارات أخرى، والشواهد كثيرة.. التشكيل الوزاري الجديد القديم لابد أن يتحول جلستها الأسبوعية إلى داخل قبة البرلمان لأن طاقة مجلس الوزراء الاستيعابية عاجزة من احتواء هذا العدد الضخم. أشرت أكثر من مرة إلى ضرورة تخصص الوزراء وكبار المسؤولين، لينطبق المثل: الرجل المناسب في المكان المناسب، مثلاً لا يعقل أن يقود وزارة مهمة كالداخلية رجل هندسة، وكذلك الزراعة خبير اقتصادي والصحة عالم فلك وهكذا.. لم يحدث في تاريخ وزارة الصحة السودانية الحديث أن شهدت نمواً وازدهاراً مثلما في عهد المتخصصة الدكتورة تابيتا بطرس، كذلك لا يدل نجاح الدكتور محمد طاهر أيلا في ولاية البحر الأحمر على أن الجزيرة موعودة بذات النجاح، أيلا لم يكن يملك عصا موسى.. النجاح كان من منطلق انه ابن المنطقة ويعرف سرها وجهرها وجبالها ووديانها وسواحلها، وأهل مكة أدرى بشعابها.. لماذا لم يكن اختيار الولاة من قلب الولايات؟ آمل وأتمنى وأدعو الله مخلصاً أن يبدأ الترشيد من قمة الهرم، لا من الفقير المعدم وعندها سنبحث عمن يستحق الصدقة والزكاة ولا نجده. [email protected]