في الاونة الاخيرة ظهر علي السطح السياسي السوداني ما يطلق عليه الاعتذار المكتوب علي الصحافة الورقية التابعة للنظام من اطراف اعتقلهم جهاز الامن في قضايا سياسية واجتماعية ، الا ان السلطة في الخرطوم يبدو لم يعجبها ما تنشره الصحف اليومية في قضايا تراها الحكومة تهدد الامن الاجتماعي ، متابعون يقولون ان سياسة الاعتذار ليست بجديدة بل لها جذورها العميقة في الانظمة القمعية والمستبدة ، والهدف من الاعتذار هو كسر الارادة والقوة للناشطين والسياسيين حتي لا يكرروا العمل المناهض للنظام ، حتي الصحف لم تسلم من هذا الاعتذار الامني ، بعد اغلاق اربع صحف في شهر مايو الماضي ومعاودة صدورها في شهر يونيو الحالي ، وانتقد البعض ان هناك جهات نافذة من القطاع الامني الحكومي ، الا ان السودانيين يدركون جيدا ان السياسيين والناشطين لن ينكسروا بهذه السهولة الا تحت ضغط يستحيل الصمود معه . تعود تفاصيل عن اختطاف سارة كدودة بعد خروجها من دار حزب الامة القومي بعد فعالية سياسية قبل شهرين . استمر غيابها قرابة (3) ايام ، وحامت الاتهامات حول جهاز الامن والمخابرات الوطني متورط في اختطافها ، وعلي اثر ذلك استدعتها نيابة امن الدولة اخصعتها للتحقيق ، ودون جهاز الامن بلاغا في مواجتها بتهمة اشانة السمعة ، حولها ضربها وتعذيبها . في الثاني من شهر يونيو نظمت الناشطة ساندرا فاروق كدودة بمنزلها بحي الطائفبالخرطوم مؤتمرا صحفيا كشفت فيه من خلاله الاسباب الحقيقية لاختائفها من منزلها خلال الايام من 12 الي 15 ابريل الماضي . واعلنت سارة في المؤتمر الذي رصدتة (اس ام سي ) من اعتزازها للشعب السوداني والاجهزة الامنية والنظامية المختلفة لما سببته من ازعاج بادعاء اختطافها . مؤكدة انها لم يتم كما راج خلال فترة اختفائها والذي قالت انه كان بكامل ارادتها ولاسباب خاصة بها ، موضحة انها عادت الي اسرتها بمحض ارادتها . قال الدكتور موسي علي احمد نائب رئيس الجمعية السودانية للمشتهلك ان ما نقل عن تصريحات في بعض الصحف لم يكن موفقا ، قال في بيان وزعه علي الصحفيين خلال المؤتمر الوطني انه لم يقل ( ان الحكومة القائمة هي اضعف حكومة تكاد تمر علي البلاد في مجال الرقابة ) . وانه كان قاصدا انه لا توجد مختبرات كافية ومتعمدة مما جعل عملية الرقابة ضعفية . اعتقلت السلطات نسرين مصطفي والامين العام لجمعية حماية المستهلك ياسر ميرغني قبل اطلاق سراحه دون تقديمه الي محاكمة. بينما انهي جهاز الامن والمخابرات الوطني يوم الخميس 11/يونيو تعليق اربعة صحف هي : الانتباهة واخر لحظة والجريدة والخرطوم ، معاودة صدورها فورا ، وكشف عن اعتذار الصحف الاربع عن نشر مواد تضر بالامن الاجتماعي .وقد نفذ جهاز الامن المصادرة وعلق صدور اربع صحف منها الي اجل غير مسمي في يوم 24 مايو الماضي ، بسبب نقلها خبرا عن ناشطة يتحدث عن حالات تحرش جنسي واغتصاب داخل حافلات ترحيل الطلاب . في هذا الموضوع وصفت الناشطة نجلاء سيد احمد هذا الاسلوب بالتعذيب النفسي ، ما يعني كون الفرد يكتب هذا يؤكد ان مورس عليه ضغط شديد ومساومات من اطراف ذات رتب ، هذا يؤكد عنف الاجهزة الامنية علي الناشطين في السودان ، قالت نجلاء ان هذا اسلوب جديد ، وهذا سيقودنا مرة اخري فترة التسعينيات عندما كانت الدولة تمارس العنف بطريقة ممنهجة ، والعودة الي بيوت الاشباح ، واضافت هذا تضييق اكبر علي حرية الصحافة والكتاب ، وارهاب المعارضين ، واكدت ان جهاز الامن يستطيع ان يمارس كل انواع التعذيب والتهديد ، ونصحت نجلاء من تعرضوا لهذا النوع من التعذيب ، الافصاح عن ما تعرضوا له اثناء فترة الاعتقال ، ان جهاز الامن يخاف من الاعلام اكثر مما يخاف الله ، هذا ممكن لمن يتمكنوا من الخروج من البلاد ، وتمليكنا المعلومات لنشرها عالميا. في ذات السياق يوضح الصحفي (راديو تمازج ) الهدف منها هي كسر شوكة السياسيين والناشطين والمناضلين المهتمين بالشأن العام في السودان ، والحكومة وجهاز الامن تجبر المعتقلين علي توقيعها تحت الضغط المفروض عليهم ، قال عبدالحميد ميدو ان الشعب السوداني يتضامن مع كل المعتقلين ، ويدرك جيدا ان الاعتذارات لا يمكن ان يصدقها عاقل ، موضحا ان نسرين لم تقل شيئا مخالفا للقانون ، هي نبهت بوجود مخاطر التحرش الجنسي في ترحيل الطلاب . يختلف المحامي نورين مع الاستاذ نجلاء ظاهرة الاعتذارات المكتوبة مع اخذ التعهدات من المعتقلين والمعتقلات السياسيين ظاهرة لها جذورها التاريخية العميقة مربوطة بالانظمة الاستبدادية والشمولية وحكومة المؤتمر الوطني تمثل هذا النموذج الطبيعي للطغيان في البلاد ، قال المحامي والناشط السياسي عبدالسلام نورين لذلك شرع النظام وجهازه الامني في تكميم افواه معارضيه باستغلال واضح وفاضح للقضاء ، واكد نورين ان التعهدات تأخذ من المجرمين وليس وليس من المناضلين والشرفاء ، وان هذه الاجراءات هي من اجل الاستمرار في السلطة ، الهدف منها اذلال وكسر ارادة الشعوب السودانية وقواه السياسية التي تسعي الي لبناء سودان مغاير بدلا من السودان الان الذي نعيش فيه ، وان الكشف عن الجرائم الاخلاقية والفساد في الاعلام يربك القادة الكبار المستفيدين من انتشار الفساد. بينما تشرح صحافية من احدي الصحف الاربع الموقوفة انهم انهم لم يعتذورا اطلاقا ، بل قدموا التماس بعد اعتذار جمعية حماية المستهلك ، لكن الاعلام الحكومي حاول ان يعطي صورة مغايرة ، عاكسا الالتماس كأنه اعتذار ، هذا ليس صحيح . [email protected]