بسم الله الرحمن الرحيم خبران غريبان سودا الصحف ..أولهما للنائب الأول السابق علي عثمان في مخاطبة لشباب حزبه ..يفيد بأن الحكومة لن تستطيع توفير قفة الملاح..لا في خمسة سنوات أو حتى في خمسين عاماً..موضحاً أن الأولوية للمشروع الحضاري!! أما الآخر فلوزير التربية بولاية الخرطوم الذي مهر قراراً بتعطيل المدارس في العشر الأواخر لتسهيل الاعتكاف للطلاب والمعلمين !! الخبران فاجعان في تقديري ليس لمفارقتهما لواجبات أي حكومة تجاه شعبها فحسب ..بل لغرابتهما عن واقع الحال..ففي أي دولة تحترم الحكومة فيها نفسها..يكون مثل هذا الاعتراف ..مدعاة للتقدم باستقالتها.. فقارن يا رعاك الله بين خليفة المسلمين عمر الذي يخشى محاسبة ربه إن عثرت بغلة في العراق ..وبين هذا الحديث المتنصل من واجب الحكومة في توفير القوت لأناسها ..وسائل متعجباً ما شاء الله لك من التعجب ..عن أي أيهما أكثر ورعاً.. الخليفة أم نائب الرئيس ؟ واتبع التساؤل بآخر أفجع منه..أي الفريقين أفضل من المحكومين بالمقياس الديني؟ الصحابة الذين حكمهم بن الخطاب رضوان الله عليهم ..أم مسلمي اليوم..واستصحب معك حديث نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه..عن خير القرون.. لقد كان شيخ مجموعة الخلاوي الذي سئل عن سر كثرة طلابه ..وأجاب أحد حوارييه بأنه الدين ..لكنه قاطعة قائلاً وبإصرار ..بل العجين .. كان تصريح هذا الشيخ الجليل ..أكثر أخلاقية من التصريح الحالي. أما قرار الوزير فموغل في التهافت..ومعيب من كل الوجوه..فهل في لوائح وزارته الولائية والاتحادية تعريف لمثل هذه العطلة ؟ إن كان موجوداً ..فإن إدارة التعليم كانت ستتخذ القرار بمفردها..وهل نتوقع أن يكون توقيت اليوم الدراسي مثيلاً لرمضان للمساعدة علي صيام الستوت ؟ ويمتد التوقيت ليومي الاثنين والخميس لتسهيل صيامهما ؟ والليالي البيض كذلك ؟ ثم ماذا عن بقية المسلمين في بقية الوزارات ؟ أليسوا أولى بالتسهيل ثم تكون الدولة كلها في عطلة في العشر الأواخر ؟ لكن الأهم في الأمر في تقديري ..هو غربة الخبرين عن واقع الحال..فهل تقصى نائب الرئيس وقارن بين زمنين في السودان سابق ما عرف..وزمن المشروع الحضاري ليعرف أي درك أصلنا إليه هذا المشروع المتوهم؟ وهل عرف السيد الوزير عدد الصائمين من طلاب الثانوي دعك من الأساس؟ سأهديك هذه الواقعة ..منذ رمضان الماضي أُغلق بوفيه المدرسة احتراماً للشهر الفضيل ولقرارت سابقة لادارة التعليم ..وعلى من كان مفطراً.. أن يأتي بإفطاره معه..ففوجئت بجمهرة كبيرة في أكثر من موقع بالمدرسة..وعند التقصي ..علمت أن الفراشات يبعن الشطائر..فمنعتهن..وتكرر في هذا العام..قارنت هذا بدموعي المتوسلة ودموع غيري لضابط الداخلية في الثانوية العامة وقتها..ليسجلني في كشف الصائمين وهو ينتهرنا بأننا صغار سن ..وعيرني بهزالي (كلك قدر الدودة..) وبنيت على هذه الواقعة عندما قيل أن أحدهم قد طرح مثل هذه الاجازة قائلاً ..دعهم يصوموا أولاً قبل الحديث عن الاعتكاف. القراران نوع من تفضيل صابون البدرة على الصابون الجامد كما قال التجاني سعيد..فالهروب من الواجبات الحكومية تجاه المواطنين ..بكلفتها ورهقها ..بدعاوى دينية لا تتطلب جهداً ..سمة للنظام..ولكن كان أحد المعلقين في الراكوبة حصيفاً عندما تساءل..تسهيل اعتكاف أم خوف من تداعيات نقص الكتب واللأجلاس والمعلمين وانقطاع الماء والكهرباء؟ [email protected]