الغالي تمر السوق كان قسموه ما بحوق زولا سنونو بروق في محكمة زانوق رحم الله شيخ العرب ناظر عموم دار حامد الشيخ محمد تمساح سيماوي ( زانوق) الذي رحل عن دنيانا قبل فترة ليست بالقصيرة مخلّفاً وراءه رمزاً ذا دلالة خاصة لدى أبناء الدار؛ هو تلك الشجرة (اللبخة) العملاقة التي تتوسط مدينة بارا، حاضرة دار حامد ومقر الإمارة، حيث كان يعقد محكمته الكبرى في ظل تلك الشجرة التي لا تزال شامخة بكل كبرياء وإباء وهي لذلك تعرف لدى الناس باسم محكمة زانوق. وفي ظل هذه الشجرة وارفة الظلال وعميقة الرمزية انطلقت قبيل أيام قليلة فعاليات مبادرة دار حامد للصلح بين أهلنا المعاليا والرزيقات تحت شعار (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) وهو شعار يحمل في طياته معانٍ سامية إذ إن الطرفين من ذات البين فكلاهما من بطون جهينة التي تنتمي إليها دار حامد أيضاً. أولاً نقول إن الصلح خير والسعي فيه فضيلة كبرى لا يوفق إليها إلا من صلحت نيته وخلصت لله تعالى. ومن هذا المنطلق نعتقد أن مجرد التفكير في هذا الاتجاه هو تحرك مطلوب ويزداد أهمية إذا علمنا أن من يقفون خلفه هم رجال مشهود لهم بالحنكة والحكمة على رأسهم أميرنا الهمام محمد أحمد محمد تمساح والدكتور درية محمد علي رئيس إتحاد أبناء دار حامد ولفيف من العمد والأعيان الأمر الذي يعكس تلاحم مكونات الدار الرسمية والشعبية من أجل مناقشة المشكلات التي تندرج ضمن صميم اهتمامات الجميع سواء على المستوى المحلي أو القومي. فالصلح أمر مقبول ومطلوب شرعاً وعرفاً، وهو أيضاً أسلوب معروف ومتبع لحل النزاعات وتسوية الخلافات سواء كان ذلك بين الأفراد أو الجماعات وهناك شواهد كثيرة ونماذج مشهورة من اتفاقيات الصلح التي عقدها الرسول الكريم (r) بين المسلمين ومع غيرهم من المشركين ومن أهل الكتاب. والصلح عادة لا يأتي إلا بخير شريطة أن تتوافر لدى الطرفين النية الخالصة في التوصل إلى حل يرضي كليهما وينهي النزاع والتوتر في العلاقات. ولدينا في السودان سوابق كثيرة في مجال الصلح بل كان ذلك هو الأمر الشائع في فض النزاع خاصة بين القبائل. وهنالك أعراف متوارثة في هذا المجال مقرونة بالشرع والعرف السائد. وكلمة الصلح نفسها مشتقة من الإصلاح والصلاح وهي بذلك تدل على أمر محبب إلى النفس البشرية وقد أمر الله عز وجل أن نصلح بين أخوينا حيث يقول تعالى { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}. ولكي يحقق التحرك غاياته المرجوة ناقش المؤتمرون كيفية الصلح وقرروا إشراك أصحاب الرأي والخبرة والدراية في هذا المجال من كافة رجالات الدار بلا استثناء كما رأوا التواصل مع قيادات شمال كردفان وغيرها من المناطق وزعامات الإدارة الأهلية ورجال الطرق الصوفية وكوادر الأحزاب السياسية ووجوه ومفاتيح المجتمع ورموزه وكل من له اهتمام بهذا الملف من أجل دراسة أسباب النزاع والخلاف بكل تؤدة وروية. وقد أفادت بعض المصادر ذات الصلة اللصيقة بأن المبادرة تمثل فرصة صادقة يمكن أن تؤدي إلى حل مثالي للمشكلات التي أزهقت أرواح كثيرة من أبناء العمومة وأن هذه المبادرة مفتوحة لكل من يريد أن يسهم في هذا الجهد القاصد لوضع حد لهذا النزاع الذي تطاول أمده وهي لذلك كفيلة بأن تجد الدعم والتأييد من كافة الجهات الرسمية والشعبية. ونريد على وجه الخصوص أن تدلي حكومة ولاية شمال كردفان بدلوها وأن يكون لها القدح المعلى في رعاية المبادرة والتنسيق مع الولايات الأخرى والجهات ذات الصلة حتى يؤتي التحرك ثماره المرتقبة بإذن الله. من جانب آخر أكد أمير قبائل دار حامد، محمد أحمد تمساح، أن المبادرة تعد خارطة طريق للوصول للحل الأمثل الذي يرضي كل الأطراف انطلاقاً من خبرة قيادات القبيلة في الصلح والسلم الأهلي .وأشار إلى أن وشائج القربى والجوار والتصاهر بين الرزيقات والمعاليا تمثّل أهم مرتكزات تحقيق العفو والصلح بين الطرفين مبيناً أن المبادرة سوف تسبقها خطوات تمهيدية تتمثل في حملات دعوية تهدف إلى تبصير الناس بضرورة الصلح والسلم وفقاً للنظرة الإسلامية والتعايش الأخوى ومن بعد ذلك البحث عن مفاتيح المجتمع وإشراكهم في حصر الخسائر وتطييب النفوس والخواطر قبل الشروع في المفاوضات التي يتوقع أن تشارك فيها القيادات الأهلية وخبراء الصلح الأهلي من أجل ضمان نجاحها في رأب الصدع بين الأخوين؛ ولذلك لا بد من وضع الماضي جانباً والنظر إلى المستقبل بعين البصيرة والعقل واعتبار ما حدث سحابة صيف عابرة وهفوة لا شك أنها إلى زوال. وقد تكونت لجان لمتابعة المبادرة من كل الجوانب المالية والإعلامية ولجنة للاتصال بطرفي النزاع والجهات ذات الصلة لتنسيق الجهود حسبما يتطلب الأمر. ختاماً نقول لإخوتنا القائمين على هذا الصلح إننا في المهجر نضع كل قدراتنا رهن إشارتهم ومستعدون لكل ما نكلف به في هذا الصدد سائلين الله التوفيق والسداد للجميع. [email protected]