قبل أيام كنت مع اثنين من الأصدقاء في زيارة أسرة صديق بالعاصمة الأمريكيةواشنطن (دي سي).. سائق عربتنا اخطأ ودخل في شارع في الاتجاه المعاكس.. لم يتوغل السائق كثيرا حتى اكتشف الخطأ.. في اقل من دقيقة كانت عربة شرطة تطلب منه التوقف.. بعدها توقفت العربة العسكرية خلفنا مباشرة ولم يترجل الشرطي فقد كان يراجع معلومات عربتنا عبر جهاز حاسوب مثبت في مقدمة عربته.. بعدها جاءت عربة شرطة أخرى تعضد من الأولى.. لم يكن ذلك وضعا استثنائيا.. تأمين رجل الشرطة مهمة عظيمة.. بعد قليل توجه رجل الشرطة إلى عربتنا ونحن لا زلنا بداخلها طالبا بعض الأوراق والمستندات.. بهدوء شديد أخبرنا أن المخالفة جسيمة وتقتضي المثول أمام القاضي في وقت معلوم.. لم ينصرف الرجل إلا بعد أن حيانا متمنيا ليلة سعيدة. قرأت أمس خبرا يفيد أن ابن مسؤول رفيع تعارك مع رجل شرطة مرور.. بالطبع لم تتوفر بعد معلومات إضافية عن تفاصيل الحادثة لهذا لن أتوغل كثيرا في الأمر.. الدخول في مشادة مع رجال شرطة المرور وغيرهم من رجال الشرطة أصبح واحدا من المناظر المألوفة في حياتنا.. قبل سنوات كنت شاهد عيان على مشاجرة طرفها وزير الدولة الأسبق برئاسة مجلس الوزراء علي مجوك المؤمن وعميد من الشرطة.. تلك الحادثة نشرت في "التيار" كتحقيق مثير بسبب تفاصيله التي أدت لاستدعاء مدير شرطة المرور بولاية الخرطوم ليشارك في فض الاشتباك. وقبل نحو عامين في تقاطع المؤسسة ببحري رأيت بأم عيني ضابطا من قوة نظامية أخرى كاد أن يصفع رجل شرطة المرور، لأنه تجرأ وسأله عن مستندات ترخيص العربة.. وبالطبع معظمكم شاهد أيضا القسوة التي يتعامل بها أفراد شرطة المرور مع المواطنين.. أحيانا يتم تأخير عربة نقل عام ممتلئة بالمواطنين بسبب مخالفة بسيطة.. في الشارع العام تجد رجل الشرطة متجهما ويتحدث بنفس حار مع سائقي السيارات. في تقديري أن العلاقة بين الشرطة والمواطنين تحتاج لمراجعة من الجانبين.. لو لا رجال الشرطة الذين ينفذون القانون لاستحالة الحياة إلى فوضى.. لن تنام أنت في بيتك هادئا لو لا أن هنالك شخصا آخر ترك أسرته مرابطا في مكان العمل ليمنحك أمنا وسلاما.. بالنسبة لرجل الشرطة يجب أن يدرك جيدا أن المواطن العادي ليس طرفا مقهورا في أي معاملة بل أخ كريم أو أب عطوف أو أم حانية.. لهذا الاحترام يجب أن يكون هو سيد الموقف مهما عظمت المخالفة.. هذا لن يحدث إلا بمزيد من دورات التدريب التي تعين الشرطي في أداء مهامه بجانب العقاب الصارم لكل من يهين مواطنا مهما كان السبب. نحن احوج ما نكون لسيادة دولة القانون.. هذه الثقافة غائبة من يومياتنا.. الحكومة تجحف في حق المواطن وتحاول أن تدخل بغير رشد في تفاصيل حياته.. المواطن بإحساس القهر تحول إلى قنبلة موقوتة.. كل ذلك جعل العنف حاضرا في تفاصيل حياتنا اليومية. بصراحة.. لو كنت المسؤول والد ذلك الشاب لاعتذرت على المُلا عن الواقعة.. ولقمت بعدها بدعوة الشرطي والابن غير المسؤول لإفطار رمضاني فيه تتصافى النفوس.. درجة التحضر تقاس برد الفعل المناسب على الأحداث المفاجئة. التيار