*تسببت التطبيقات الشائهة لسياسات التحرير الإقتصادي والخصخصة التي طبقت في بلادنا دون مراعاة للأحوال السياسية والإقتصادية والأمنية‘ في انهيار الكثير من مؤسسات القطاع العام التي كانت تشكل حجر الزاوية في الإقتصاد السوداني. *بدأت هذه المؤسسات تتساقط واحدة تلو الاخرى الأمر الذي أثر تأثيراً سالباً على مجمل الحياة الإقتصادية وبالتالي على حياة المواطنين الذين ما زالوا يعانون من جراء استمرار هذه السياسات وتداعيالتها المأساوية على الأسواق والأسعار. * الحال الذي وصل إليه مشروع الجزيرة يقف شاهداً على خطأ هذه السياسات التي تسببت في انهيار المشروعات الزراعية وإعسار المزارعين والزج ببعضهم في السجون‘ وهذا بالطبع تسبب في زيادة كلفة الإنتاج الزراعي وأسعار الخضروات والمحاصيل الزراعية. *عملية بيع المؤسسات العامة لم ترحم أي ناقل وطني إبتداء من النقل النهري الذي كان يسهم في الحراك البشري والتجاري بين الشمال والجنوب قبل أن ينفصل الجنوب ويقيم دولته المستقلة ويتراجع دور النقل النهري ولا يكاد يبين. *الناقل الوطني الثاني الذي تأثر سلباً بسياسات الخصخصة والأخطاء السياسية والإدارية هو شريان السودان - السكك الحديدية - التي كانت تربط بين كل أنحاء السودان‘ إضافة لدورها الكبير في حركة النقل البري الأرخص والأكثر أماناً. *ناقل اخر لايقل أهمية عن السكك الحديدية تضرر كثيراً نتيجة ذات السياسات وهو الخطوط الجوية السودانية التي كانت ملء السمع والبصرعندما كانت تمتد خطوطها من السودان إلى معظم أرجاء العالم‘ أصبحت الان لاتستطيع تغطية حاجة السفريات الداخلية. *تداعت كل هذه الماسي على الذاكرة وأنا أستمع لتقرير أعده الإعلامي المتميز الطاهر المرضي من مدينة بورتسودان لقناة الجزيرة العربية عن الخطوط البحرية السودانية التي كانت تملك 15 باخرة تجوب بحار العالم وهي محملة بالركاب والبضائع‘ لم يبق منها سوي باخرتان معروضتان أيضاً للبيع!!. *في كل هذه الحالات وقعت الأضرار على العاملين الذين تعرضوا للفصل والتشريد والمماطلة في إعطائهم حقوقهم فيما تتداعى الاثار السالبة على الأوضاع الإقتصادية التي تتفاقم بصورة تصاعدية مع استمرار الحلول التسكينية التي لاتعالج جذور المشكلة. *لهذا ظلت المعضلة الإقتصادية في مقدمة المعضلات التي تحتاج لمعالجة جذرية ومراجعة شاملة للسياسات المتبعة التي فشلت في تحقيق الإستقرار والأمن الإقتصادي وتسببت في المزيد من الإختلالات والإختناقات التي تلقي بثقلها على كاهل المواطنين الذين لم يعد كاهلهم يحتمل المزيد من الاعباء. [email protected]