عقب توقيع اتفاق مع مجموعة ( 5+1) خرج رئيس مجلس النواب الأمريكي غاضبا.. السيد جون باينر هدد باستخدام كل الوسائل (الممكنة) لإعاقة الاتفاق حينما يصل مبنى الكونغرس الأمريكي.. في الحقيقة ليس بوسع السيد باينر الذي يحظى حزبه الجمهوري بالأغلبية في غرفتي البرلمان أن يفعل شيئا.. وذلك لأن الرئيس الأمريكي كان مسبقا قد تعهد باستخدام (فيتو) رئاسي أن تمت عرقلة الاتفاق.. تحدي (الفيتو) الرئاسي يحتاج لأغلبية فوق العادية ليست متوفرة لخصومه الجمهوريين.. ومن غرائب توازن السلطات في أمريكا ما يعرف ( filibuster) وهو عرف تشريعي يحصن أصوات الأقلية في مجلس الشيوخ الذي يرأسه نائب الرئيس الامريكي. امس هددت الأستاذة عائشة محمد صالح نائب رئيس المجلس الوطني والقيادية في الحزب الاتحادي بالانسحاب من الحكومة في حالة إصرار الحزب الحاكم على زيادة الكهرباء والماء (كمان).. الشيخة عائشة ربما لا تفرق بين الجهاز التشريعي والتنفيذي وذلك لقولها "أنا أول من سينسحب".. إذا كانت تقصد انسحاب حزبها من البرلمان فتلك مهمة صعبة.. وأن كانت تعني الجهاز التنفيذي فهي ليست بوزير.. واصلت الأستاذة عائشة اندفاعها لتخوم مجلس ولاية الخرطوم، حينما اعترضت على زيادة فاتورة المياه.. بالطبع زيادة أو تخفيض فاتورة المياه في ولاية الخرطوم، أمر لا يمر بالهيئة التشريعية القومية. الأستاذة عائشة صالح حاولت الاستنصار برئيس الجمهورية، حينما استخدمت تعبير الخط الأحمر في زيادة الكهرباء.. الرئيس أوضح الأمر في سياق مختلف.. المشير كان يتحدث عن زيادة التكاليف على شريحة الفقراء.. وهذا تحديدا ضوء أخضر لزيادة أسعار الكهرباء في الحزم التي تتجاوز المئتي كيلوواط الأولى.. وربما تجهل النائبة عائشة صالح أن الحزب الحاكم أعد عدته واجتمع سادته من وراء الستار في اجتماع مغلق لبحث تدابير الزيادة التي أصبحت واقعا. مسلسل (التسطيح) لم يتوقف عند السيدة عائشة صالح.. النائب أبو القاسم برطم وإخوته من النواب المستقلين توعدوا باستدعاء وزير الكهرباء.. مضى السرب المستقل إلى رفع عصا الإقالة أمام وزير الكهرباء المسنود بأغلبية تفوق الثلثين.. هل يعلم برطم وإخوته أن لا مسوق قانوني يعطيهم حق إقالة وزير الكهرباء ولا حتى وزير (بتاع لعب) على قول أحد الإعلاميين الجنوبيين وهو يشير لوزير الرياضة.. الدستور الذي مرره النواب ثم عدلوه قبل أشهر جعل سلطة الإقالة للوزراء وكبار المسؤولين حصرية بيد رئيس الجمهورية. نعود للأستاذة عائشة صالح التي تتحرك دون مكابح ونؤكد لها أنها لن تستقيل ولن تنسحب من البرلمان المكيف.. وسيمضي الحزب الحاكم في رفع تكاليف الكهرباء والخبز والماء والمواصلات.. ليس للحزب الحاكم أي بدائل.. ربما من باب اللباقة سيتحدث المفتش إبراهيم محمود نائب رئيس الحزب الحاكم مع مولانا الحسن الميرغني المساعد الأكبر لرئيس الجمهورية.. التفاهم سيتم بين الكبار ولن تقدم السيدة عائشة استقالتها من عضوية البرلمان.. هل نسيتم الأستاذة سعاد عبدالرازق، وزيرة التربية والتعليم التي تعهدت بتقديم استقالتها فور انتهاء طلاب الشهادة الثانوية من الامتحان.. لم تفعل سعاد والطلاب انتهوا من الامتحان.. بل الآن يتأهبون لدخول الجامعة وسعاد معتكفة في مكتبها الوثير.. هنا لا يستقيل وزير. بصراحة.. ليس بالحماس وحده ينجح البرلمان.. اسوأ إحساس محبط أن يظن الناس أن نوابنا مجرد تلاميذ في سنة أولى سياسة. التيار