على شُحِّهِمَا و ارتفاع رسومهما لا تزال الحكومة البشيرية تتخبط كأنما بها جانّ حيال القضيتين الأكثر أهمية للمواطن دون أن نستثني اشتعال الحرب بين السودانيين و الذي يدفع المواطن تكاليفه غصبا عنه بالجبايات و الرسوم المفروضة عليه. قال المسؤولون بزيادة رسوم الكهرباء و الماء اعتبارا من أغسطس القادم لأنهما ليسا كالهوت دوق و لا البيتزا لا يمكن الاستغناء عنهما سواء غَنِىَ المواطنُ أو افتقر لذلك تعمد الحكومة على إدرار ما تنعش به الخزينة المتمددة في غيبوبة طال أمدها و لا مبشرات غير أن حالتها تسوء بسرعة صاروخية. و رغم أن المواطن السوداني الذي أصبح (داجنا و طيعا و هينا و لينا) تجاه السياسات القمعية الهمجية التي أضرت بكل مقدرات الدولة و مكتسباتها و في مقدمتها الإنسان الذي حرم أبسط حقوقه المتمثلة في الحرية و الكرامة .. رغم أن المواطن السوداني الذي طالما كانت له صولات و جولات أمام كل الأنظمة السابقة لم يعد يمثل عقبة أمام أيما سياسة مهما بلغت درجة تعسفها و ضررها بإيثاره الصمت الممزوج ببلاهة الفُرجة إلا أن الحكومة تخشى في قرارة نفسها أن يثور هذا الشعب و ينقلب عليها بسبب الزيادة في رسوم الماء و الكهرباء. لذلك تقول سنرفض زيادة تعرفة الماء و الكهرباء حال عدم اقتناعنا بها. قد يقول البعض ألا ينبغي أن تناقش مثل هذه القضايا في البرلمان أولا و تكون الإجازة أو عدمها من داخله؟ نقول أفيقوا فنحن الآن نعيش مرحلة أدق ما توصف ب(أمسك لي و أقطع ليك) و كلا الماسك و القاطع مؤتمر وطني مع فرق أن المقطوع هو هذا الوطن و المواطن و الأداة القاطعة سياسات ثلماء لا تحسن القطع و لا تريح الذبيحة. مما لا شك فيه أن ثمة أجهزة تَحَكُّم موصولة بنواب الشعب الذين ما باتوا يجلبون نفعا و لا يدفعون ضررا بل باتوا مطية صالحة و أداة ماضية و جسرا متينا تعبر عن طريقهم الحكومة بقرارتها إلى حيث تلبي نزواتها التي يقف الشيطان حيالها حائرا عاجزا. أيتها الحكومة لست في حاجة إلى التخوف من ردة فعل المواطن .. هذا المواطن الذي أدمن لدرجة الاحترافية الإمساك بقرون الحلوب لكم صار هو المحلوب الآن و لا يكلفكم حتى العلف .. كل الذي سيحدث منه فورة لحظية و دردشات فردية و عنتريات منزلية ثم يذهب صاغرا لدفع رسوم حنفية تشخر و لمبة لا يأتيها التيار إلا كما يلمع برق في السماء ثم يتركهم في ظلمات لا يبصرون. لستِ أيتها الحكومة في حاجة إلى ممارسة سياسة أن تضربي من جهة و تمسحين بيد حانية من جهة أخرى .. فصلتم الجنوب .. تخليتم عن حلايب .. نكستم سنابل الجزيرة الخضراء .. هجرتم أهل الشمال ببناء سدكم المضروب .. أوقدتم نار الحرب في دارفور .. كردفان و النيل الأزرق .. بِعْتُم رخيصا البحرية و الاتصالات و الطيران .. أيقظتم فتنة القبلية النائمة .. دستم بكرامة المواطن و صادرتم حريته .. سلبتم المال العام .. مَلّشْتُمْ القوات المسلحة .. حصدتم أرواح طلابنا .. هجّرتم إنسان السودان فعلتم كل ذلك و لم نحرك ساكنا .. أفتخشوننا اليوم بزيادتكم لرسوم الماء و الكهرباء؟ الحرية لشمائل النور و رفيقيها .. اللهم كن لهم حافظا و أعنهم على فك أسرهم. [email protected]