(في مثل هذا اليوم 28 يوليو العام 1971 كان عمره أربعة وأربعين عاما وها هي أربعة وأربعون عاما تمر اليوم 28 يوليو 2015 وما زال الجرح ينزف. ال body mechanism يتولى النزف لكني أشحب وأذبل تماما كالزرع الذي أصابته حرارة الشمس المحرقه، قوة العزيمة التي أكسبتني إياها والقدرة على التعايش مع الجراح والألم تعيدني سريعا لمواصلة النضال مع الآخرين. على دربك نسير وماشين في السكه نمد حتى يتحقق السلام، الديمقراطية، الحرية والعدالة الاجتماعية يا عبد الخالق ختاي المزالق أب قلبا حجر إلا ما عليك يا أرض الوطن والقومة ليك يا وطني ولك عبدالخالق مع تحياتي للجميع) وصلتني هذه الرسالة.. من الرقم الشخصي للدكتورة نعمات مالك.. أرملة الشهيد عبد الخالق محجوب.. وأنا سعيد أنها خصتني ضمن آخرين بهذه الرسالة.. هي لم تكن لي حصريا.. ولكن المؤكد أنني ضمن آخرين كثر.. وصلتهم الرسالة.. كما وصلتني.. وهزتهم كما هزتني.. وأنا لم أستأذن نعمات في نشر هذه الرسالة على مساحتى هذه.. ولا أحسبني ولم أشعر أنني بحاجة لاستئذانها.. فعبد الخالق لم يكن ملك نعمات.. وكذلك.. حتى حزنها على عبد الخالق ليس ملكها وحدها.. بل هو ملك هذا الشعب.. والأهم من هذا وذاك.. أن الجسارة التي حملتها هذه الرسالة.. والقوة التي قدمتها.. ثم ذلك الإلهام الذي صنع موقف نعمات مالك هذا.. وصنع نعمات مالك نفسها كرقم في المشهد السياسي يستحق الوقوف عنده والتأمل.. هو مما يعد من حق هذا الشعب أن يطلع عليه.. ثم إن ذكرى صعود البطل إلى المقصلة.. دون وجل.. ودون تردد.. ودون رهبة.. ودون خشية.. هي أيضا ذكرى من حق البطل على هذا الشعب أن يستعيدها ويستذكرها.. ويقف عندها.. أيضا..! وقبل كل هذا وذاك.. فمن حق الجيل الصاعد.. بين يدي هذا الوطن.. والذي يتخلق الآن ليقوده غدا.. من حقه أن يعود إلى الأمس.. ليستمد منه الدروس والعبر.. ومن واجبنا أن نمكنه من ذلك.. أن ننظف له التاريخ من شوائبه.. وأن نورد الوقائع كما جرت.. لا كما تصورها البعض لاحقا.. أو توهمها البعض الآخر.. وليس أصدق من مشاعر أرملة ترثي.. لا زوجا فحسب مر على الدنيا مرور الكرام.. بل حفر على جدرها الصخرية تاريخا خالدا.. زوجا وزعيما وواحدا من صناع ذلك التاريخ.. إن لم يكن أبرزهم.. لكل ما سبق قررت أن أنشر رسالة نعمات مالك لا في رثاء زوجها.. بل في استعادة ذكرى صعود زعيم سياسي إلى المقصلة.. في واحدة من أحلك فترات تاريخ السودان المعاصر سوادا.. ودموية.. من هذه الزاوية قرأت أنا رسالة نعمات.. ولذا تعمدت تعميمها.. فمن أي زاوية شئتم فأقرأوها.. وستصلون اليوم التالي