قرات في زاوية شارع الصحافة قبل أيام أن حالة من الغضب سرت في صفوف الختمية لأن الشاب أسامة حسون جلس على كرسي مولانا بجنينة السيد علي..الأستاذ حسون كان يرأس وفداً من الحزب الاتحادي الأصل ..الاجتماع كان بغرض الاتفاق على حصص المشاركة في حكومة ولاية الخرطوم..ومن الطبيعي أن يمارس حسون قدراً من التكتيك في مفاوضات تقتضي سحب قطعة لحم طرية من فم تمساح نهم..ازدادت دهشتي حينما زاد الخبر تفصيلاً إن كرسي مولانا في القاعة الهاشمية بمسجد علي الميرغني محروس بطربيزة صغيرة حتى لا يتجرأ سياسي ويجلس في مقام المرشد الغائب منذ سنوات. كنت أحسب أن فكرة تقديس الزعيم في الحزب الكبير قد انتهت بمقدم السيد الحسن لواجهة الأحداث..يحمد للحسن الثالث إنه بات يمشي في الأسواق ويأكل الطعام ويعزي في الوفيات..بل بات الحسن يتولى بنفسه المخاشنة السياسية تجاه خصومه ويطلق عليهم أشنع الأوصاف من قبل الدواعش حتى مصطلح الاستتابة السياسية الموجبة للعودة لصفوف الحزب الكبير. بالأمس جددت الأستاذة عائشة صالح نائب رئيس البرلمان تصريحاتها الغارقة في السطحية ..المعلمة السابقة والقيادية في الحزب الكبير وصفت الحسن الميرغني بأنه من أولياء الله الصالحين ..جاء التصريح خلال منافحة عائشة صالح عن برنامج ال(181) الذي أعلنه الميرغني واعداً بإصلاح حال العباد والبلاد..مضت الآن نحو (55) يوماً من ولاية الحسن فازداد الناس فقراً والأحوال سوءاً.. في شهر رمضان الماضي إذا جاءت الكهرباء غاب الماء..وإذا حضرت النعمتان ازدادت الأجواء سخونة..كل ذلك والحسن في قصره ونحن في عشم الإنتظار. دعونا من السيد الحسن والنائبة عائشة..ما الذي يجعل مولانا الميرغني غائباً من الساحة منذ سبتمبر 2013.. هل لنا أن نسأل كيف صلى مولانا صلاة العيد بعيداً عن أهله وأحبابه..وكيف يدير مولانا حزبه بالإشارة من عاصمة الضباب لندن..ولماذا يطير مولانا من لندن ليلتقي بإنجاله في قاهرة المعز..هل كتاحة الخرطوم تسبب الحساسية لمولانا..أم أن ذاكرته وهنت وما عادت تفرق بين المدن والعواصم؟. في تقديري ..إن ظاهرة تقديس الزعماء غيبت منهج المحاسبة السياسية..كل شيوخ الأحزاب فشلوا في تقديم حلول لمشكلات وطن مترع بالخيرات..معظم الأحزاب لا تعقد مؤتمرات عامة مثل الحزب الاتحادي الذي عقد آخر مؤتمر عام قبل أكثر من أربعين عاماً..حتى حزب مثل الأمة القومي لا يجرؤ أحد على محاسبة السيد الذي من فرط هيمنته يملك حتى دار حزب الأمة..أما حال الحزب الحاكم فلا يحتاج إلا للبكاء..عملية إنقاذ واحدة تستغرق ربع قرن من الزمان وربما تزيد. بصراحة ..الآن أنا لا أشفق على عائشة نائبة البرلمان ولكن أشفق على تلاميذ المدراس إن أصرت الأستاذة على الانسحاب وعادت لتمسك بالطابشور. التيار