مصر.. وفيات بغرق حافلة في الجيزة    قادة عالميون يخططون لاتفاق جديد بشأن الذكاء الاصطناعي    صلاح ينهي الجدل حول مستقبله.. هل قرر البقاء مع ليفربول أم اختار الدوري السعودي؟    لماذا يهاجم الإعلام المصري وجودهم؟ السودانيون يشترون عقارات في مصر بأكثر من 20 مليار دولار والحكومة تدعوهم للمزيد    رئيس لجنة المنتخبات الوطنية يشيد بزيارة الرئيس لمعسكر صقور الجديان    إجتماعٌ مُهمٌ لمجلس إدارة الاتّحاد السوداني اليوم بجدة برئاسة معتصم جعفر    معتصم جعفر:الاتحاد السعودي وافق على مشاركته الحكام السودانيين في إدارة منافساته ابتداءً من الموسم الجديد    عائشة الماجدي: (أغضب يالفريق البرهان)    رأفةً بجيشكم وقيادته    احاديث الحرب والخيانة.. محمد صديق وعقدة أولو!!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    كباشي يزور جوبا ويلتقي بالرئيس سلفاكير    شاهد بالفيديو.. لاعب سوداني يستعرض مهاراته العالية في كرة القدم أمام إحدى إشارات المرور بالقاهرة ويجذب أنظار المارة وأصحاب السيارات    عبر تسجيل صوتي.. شاهد عيان بالدعم السريع يكشف التفاصيل الكاملة للحظة مقتل الشهيد محمد صديق بمصفاة الجيلي ويؤكد: (هذا ما حدث للشهيد بعد ضربه بالكف على يد أحد الجنود)    بالفيديو.. شاهد الفرحة العارمة لسكان حي الحاج يوسف بمدينة بحري بعودة التيار الكهربائي بعد فترة طويلة من الانقطاع    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق أول ركن ياسر العطا يستقبل الأستاذ أبو عركي البخيت    سعر الدولار في السودان اليوم الإثنين 20 مايو 2024 .. السوق الموازي    سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    البرهان ينعي وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي    علي باقري يتولى مهام وزير الخارجية في إيران    الحقيقة تُحزن    شاهد بالفيديو هدف الزمالك المصري "بطل الكونفدرالية" في مرمى نهضة بركان المغربي    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    الجنرال في ورطة    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصاد المشروع الحضاري, انما هي بضاعتكم ردت أليكم
نشر في الراكوبة يوم 08 - 08 - 2015

أرخت حقبة الانقاذ لعينات وعي اللامعقول, ولا اعني هنا السطحيات المتمثلة في النهب والابادة والتمكين وانتاج افلام الرعب لكي نظل اذلاء ومرعوبين من هول تلك الفواجع التي تسم البدن , وانما في تنامي الكوارث اللا اخلاقية بطريقة تؤكد ان بلادنا لن تعد تزدهر بالفضيلة , بعد ان نسيت نجمة الضيفان ونكهة النيران الموقدة في اتون العقدين الاخيرين, وكان قنصل السودان العام بدولة الإمارات حمدي حسب الرسول، قد ادلي بإفادات مثيرة لصحيفة التيارحول ممارسة سودانيات للدعارة بدولة الإمارات. كاشفاً عن ترحيل 37 فتاة سودانية كن يعملن في مجال الدعارة هنالك وترحيل شخص كان يوظف الفتيات في مجال الدعارة .وأقر القنصل في حواره مع "التيار" بصعوبة انتهاء تلك الممارسات في الوقت الحالي معترفا بتفشي بعض الممارسات السالبة وسط الجالية السودانية بدبي, إلا أن حسب الرسول عاد وقلل من حجم تلك الممارسات واصفا إياها بالنسبة البسيطة.....! فيما أشاد حسب الرسول بتشدد الإجراءات بمطار الخرطوم تجاه الفتيات القادمات إلى الإمارات(انتهي)
ولكن ما فات علي سعادة القنصل اننا في زمن العولمة والمعلومة الحاضرة ,بمعني انه ليس هناك ما يمكن اخفاؤه, والجدير بالذكر هنا ، ان شرطة "دبي" سبق وألقت القبض في ابريل الماضي على "قواد" سوداني وبحوزته "400" (جواز سفر) لسودانيات يافعات !! تداولتها اجهزة الاعلام في دول المهجر, وقد فضحت هذه الكوارث امر اولئك الطغاة الذين يرفعون الشعارات ويرغبون في تعريف العالم بأمجادهم المزعومة(المشروع الحضاري) , واخرجت الازمة المسكوت عنه الي حيز الممارسة العملية .
ولكن قمة السذاجة والجهل كانت في طريقة افادة القنصل لصحيفة التيار حيث أشاد حسب الرسول بتشدد الإجراءات بمطار الخرطوم تجاه الفتيات القادمات إلى الإمارات.....! وهل كل مشكلتنا اصبحت في الخروج عبر المطار ....؟ فما اسهل الخروج من السودان عبر بوابة المطار , وازمة الطلاب الذين هربوا الي داعش تغني عن المجادلات.....! ولكن في رأيي وبحسب شهود عيان ذاك فقط الجزء الظاهر من جبل الجليد,فما خفي اعظم وتقشعر له الابدان, فالسبب الاكبر في تفشي الظاهرة انه لاتوجد فضيلة مع الفقر الذي اضحي واضحا لسياسات عصبة الجبهة الاسلامية حيال الشعوب السودانية ,فمن الصعب جدا ان تبذر بذور الفضيلة في مجتمع يعيش تحت خط الفقر والكفاف ,بعد ان افقر هذا النظام شعبه بصورة محزنة ,وبالتالي تنامت الكوارث اللا اخلاقية كردة فعل بصور اكبر وبصورة محزنة, فأذا كانت الدولة تريد اجتثاثها فعلا فلا بد من ايجاد جو ديمقراطي تتم فيه المكاشفة للوصول الي حلول تستند عليها عملية التغيير,فنحن بحاجة الي خلق بيئة تكون صالحة لتخرج افرادا صالحين بالقدر المعقول لأننا لا نحلم بمجتمع فاضل وهذا هو المستحيل بعينه, ولن يتم ذلك الا بتوفير الاكل والشراب والعلاج والتعليم وكل ما يساعد الانسان في ان يعيش بطريقة كريمة, فهذا هو الحد الادني حتي لا يلجأ الناس الي تلك الممارسات اللاخلاقية بصورة زائدة عن الحد المألوف,وأحد اكبر اشكالاتنا لمواجهة ازماتنا الاخلاقية افتقادنا لسلوك النقد الزاتي ,لاننا نريد ان نحافظ علي هذا السودان من غير ان نبوح بالمسكوت عنه في منتهي الشفافية, كأنما نحن اخلاقنا عالية جدا لا نتأثر بالفقر او بالتحولات الاجتماعية, وعلي سبيل المثال الكثيرين لا يعتقدون انه لا توجد امرأة سودانية اصيلة يمكن ان تمارس الدعارة, باعتبار اننا شعب محافظ اضافة الي الوازع الديني يمنعنا من ممارسة هذه الافعال, ولا نفكر بأن مثل هذه الظواهر الاجتماعية كظاهرة الدعارة يمكن ان تنتج عن الفقر وعن ظروف نفسية واقتصادية محددة, فلذلك وكما قال د حيدر ابراهيم :خبير الدراسات الاجتماعية نحن(مشكلتنا) نعتبران مثل هذه النقائص والسلبيات( ما بتجي مننا نحن السودانيين بل من مصدر خارجي) لاننا ابناء العباس ونتصف بمكارم الاخلاق, واشجع ناس في العالم, واكرم ناس, وبالتالي هذه الاشياء لا يمكن ان تحدث لنا كسودانيين, فنحن الان نمر بتجارب وظروف مشابهة لبعض الدول التي كنا نسخر منها, مثل اثيوبيا واريتريا الذين مروا بظروف الفقر والتشرد والقهر لتسلط انظمتهم البوليسية فكانت سببا في معاناتهم التي فجرت ازمات اخلاقية................................
ان منظومة القيم التي تشكل معني حياة الانسان في مجتمعه لا يمكن ازالتها جزافا ,ويجب ان نعترف بأن الصورة التي نقدمها بممارساتنا كمسلمين صورة منفرة ومقززة خاصة للشعوب الغربية التي تستسقي معرفتها بالاسلام من هذه الممارسات العملية اكثر من مصادر المعرفة الاسلامية النظرية, ومن سوء حظنا في هذا الجانب تحديدا فأنه في الحقبة التي سطت فيهاعصبة الجبهة الاسلامية علي كرسي الحكم تجاوزنا الغرب وتقدم علينا بملايين السنين الضوئية من ناحية الاخلاق والقيم الانسانية ,ويظل مجتمعنا تفتك به الحروبات والامراض والفساد والبطش والقهر وانتهاك حقوق الانسان, وقد يقول قائل ان هذه الظاهرة كانت موجودة قبل نظام الانقاذ , نعم كانت موجودة وهذا وضع طبيعي في كل المجتمعات لأننا لا نعيش في مجتمع فاضل, ولكنها تنامت في عهد الانقاذ بصورة مخيفة لن تتوقف اذا لم نتداركها قبل فوات الاوان , فاذا كنت تفقر شعبك وتقهره فأنك تصنع المجرمين لتعاقبهم, ولماذا لا يسأل الانقاذيون انفسهم عن الاسباب التي دفعتهن الي ذلك....؟ ما الذي يجعل الشباب السوداني لأن يقدموا علي عرض اعضائهم البشرية في بلاد المهجر....؟ لماذا لا يسأل الملأ الحاكم نفسه عن خروج المراة للعمل الهامشي بهذه الكثافة....؟ وما الذي يدفع امرأة لتكابد طوال النهار واحيانا بالليل ولا تكاد تضع رأسها علي وسادتها اخر الليل حتي تنهض قبل انفلاق الصباح تسابق زبائنها حيث تكد وتعمل .ومع ذلك تلاحقها السلطات بالكشات.....!.وما الذي يدفع صبيا يافعا ليقضي نهاره تحت هجير الشمس في بيع الخضر والفواكه وغسيل العربات, بينما المفترض ان يكون في فصول الدراسة مع اترابه....! انها الحاجة والضرورة الملجئة في واقع اكثر مأساوية عن ذلك الذي الهم الاديب العالمي فكتورهوجو فحصد علي اثره ارفع الجوائز.
جاء في الحديث الشريف: من لا يرحم لا يرحم ,فأرحموا من في الارض يرحمكم من في السماء, ولكن مشكلة الملأ الحاكم انهم لا يطرحون علي انفسهم سؤال....؟ كيف يعيش بسطاء الناس في هذه البلاد, ولو ان كرامة الانسان كانت جزء من همهم لفعلوا, ولكن غاية همهم تأمين كراسي الحكم, ومبلغ عافيتهم من عافية الاقتصاد والتطاول في البنيان وتكدس الاموال في ايدي القلة المتنفذة ومحاسيبها وهذه هي عقلية موروثة منذ عهد دول الارستقراطية العربية الاموية فالعباسية لا يغير من امرها ادمان الشعارات الاسلامية, وقد خلفت ضغوط الحياة التي نعيشها لسبب الواقع الاقتصادي المأساوي الذي فرضته حكومة الجبهة الاسلامية نتائج مأساوية, فكان لا بد ان تتصدي للمسؤلية فئات تحت حكم الضرورات الملجئة' انها ضرورات مأكل ومشرب ومسكن ومليس يستر العورة ودواء يشفي العلة, ومصروف من اجل التعليم, وكل ذلك في الحد الادني لغالبية الاسر هذا اذا توفر لها المأوي وكثيرا ما تتعذر, فما حدث ويحدث في السودان محنة كبري لا مثيل لها ,فقد كنا ولا نزال حقولا للتجارب وفئرانا للمختبرات ,فالشعوب السوداني تتحمل اعباء ضريبية وتعيش في فوضي لا مثيل لها في كل دول العالم , فالانقاذ في سبيل بقائها في السلطة علي استعداد لاحراق كل السودان والجلوس علي كومة الرماد مثلما فعلت النازية في المانيا.
هذه المأساة تمثل حالة من تجسيد واقع القهر الشمولية في هذا الوطن المنكوب , لقد تجمع كل قهر وقمع وتشويه الدولة السودانية في حقبة نظام الانقاذ، بتشجيعها لمثل هذه الممارسات فهي ليست بالصدفة ؟ فقد سمحت ظروف القهر والفقر و الخواء الفكري وغياب الوطنية لبروز اكلشيهات التشويه والتسطيح والابتزال التي تخدم ايدلوجيات النظام, وشجعها نظام الوعي الزائف وقمع الحريات لأن يبعد الناس عن الاعتراض والسعي نحو التغيير, ولكن الي متي نظل نعاني في هذا الوطن لنكتوي بافرازات الانظمة المتسلطة,فالذي يجعلك تفضل الجوع علي الرزيلة ليس قرار جمهوري بقدر ما هي حقوق وواجبات نتاج تربية الذات التي استعرت تحت لهيب التربية فتوهجت , فلا زلت عاجزا عن فهم كيف يمكننا ان نحل ازماتنا في ظل ضحالة افكار من يجثمون علي صدورنا, وفي ظل تغيرات اجتماعيىة القت عليهن بالمزيد من الاعباء فأجبرتهن بالخروج الي سوق العمل, ازاء هذه الاوضاع المأساوية التي تنوء الجبال عن حملها , لا تترك اما اولئك الضحايا الا طريق السقوط في وحل الخطيئة اذا لم يرتقي اولئك (البغاة الظالمين) الي مستوي المسؤلية والفهم والادراك وارادوا سجنهن وفق غرائزهم اللاواعية, ويعلمون عواقبها ومع ذلك يدسون رؤسهم تحت التراب ,والا فأن الفصام علي مستوي الممارسة سيتمر ويزيد علي حاله, وسنظل ندور في هذه الحالة الي ما لا نهاية, فالذين يديرون ظهورهم للحقائق سرعان ما سيجدون انفسهم امام واقع اسهموا في تعقيده وتأذوا من مألاته, وانما هي بضاعتكم ردت اليكم.
ولكن وفقا لمفهوم الدعارة بمعناها العام , هذه المفردة تنامت في حقبة الانقاذيين علي هذا النحو السافر, فهي لم تقتصر علي المتاجرة بالجسد في زمن الهوان, فالاعلام الانقاذي اقل ما يمكن وصفه بالدعارة الفكرية والسياسية, فالمومس التي تتاجر بأنوثتها لا تختلف عن الذين يتاجرون بضمائرهم ومسؤليتهم الدينية والاخلاقية في سوق السياسة, وفي لندن يوجد اعلاميون تحت الطلب, يتسكعون في الشوارع والمقاهي كالعاهرات في انتظار الزبائن, واعلاميين زمن الغفلة والهوان الذين اصبحوا نجوما قي زمن الهوان هم امتداد للشعراء العرب الذين كانوا ابواقا اعلامية في خدمة المال والجاه والنفوذ. فالمومسات لديهن ما يكفي ويزيد من الخبرة والمعرفة والوقاحة لمواجهة المجتمع ولا يجاريهن في تلك الوقاحة الا بعض رجال السياسة وابواق وطبول السلطان, فالرياء والنفاق من اشد اشكال الدعارة واعظمها ضررا, فالذين يختزلون الاخلاق في زجاجة الخمر يتعاطها رجل تستعبده عادة سيئة او طرحه تضعها المرأة علي رأسها, فهم كالمومس التي لا تبدأ عملها الا بعد صلاة العشاء ولا تزاول عملها في رمضان, بل ان المومسات افضل منهم لأنهم يمارسون الدعارة الفكرية والمتاجرة بعقولهم وضمائرهم علي الوسائط والمنصات الاعلامية.
لقد أصبح الاسلام مهنة وتجارة تعلمها تجار الدين ولا يعرفون مهنة غيرها يتعايشون عليها , فأصبحوا كالسمك لا يستطيع العيش خارج الماء ,و كعادة الانقاذ التي تفننت في انتاج المليودراما, خرج علينا والي الخرطوم الفريق عبدالرحيم محمد حسين, بتصريح لوسائل الاعلام عقب توليه المنصب الجديد: بأنه سيسير علي نهج عمر بن الخطاب, ووقتها لم اتمالك نفسي من الضحك, ابلغت بهم السذاجة علينا الي هذه الدرجة ....! فمنذ استيلاء الانقاذ علي السلطة ونحن نسمع مثل هذه الاكليشهات الجوفاء الفارغة من مضمونها, وقد سبقه قبل بضع اشهر نائب الرئيس (حسبو) في لقاء سابق بديوان الزكاة (ان الحصار لا يهمنا طالما نحن فاتحين خط ساخن مع الله(سبحان الله ) فتأملوا الجرأة و (قوة العين) ......!
ولو مكثت الانقاذ مئات عام فلن يخرج من رحمها من يسير علي نهج السلف الصالح,ناهيك زينة امراء المؤمنين واحد المبشرين بالجنة, ابلغت بهم الجرأة الي هذا الحد للتشبه باميرالمؤمنين الخليفة العادل عمر بن الخطاب الذي قال: لو عثرت بغلة في الشام فأنا المسؤل عنها يوم الحساب, فكم من شاة عثرت في عهد الانقاذ وكم من من مظلوم وطأتهم الانقاذ بأقدامها , وكم عدد الضحايا الذين سحقتهم الانقاذ سحقا بدون اي رحمة , واذا كان عمر الفاروق رضي الله عنه قد اضطر ان يوضح للصحابة من اين جاء بقماش يكفي لقامته الطويلة فمن اين جاء القوم واقاربهم بالعمارات الشاهقات الا من رحم ربي , وقد جاء جلهم الي السلطة فقراء ....؟ من اين استمد هذا التساندبين السلطة والقوي المسيطرة اقتصاديا مشروعيته ....؟ وكم خلفت حقبة الانقاذ من المظلومين والجوعي والثكالي والارامل ,فأذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب , ولكن هذا هو حال الانقاذ التي تعتمد علي قوة القوة وليس قوة الحجة والمنطق, الي جانب قوة الحيلة والمكر والدهاء, فالاسلام مضامين اخلاقية وانسانية جوهره التاوحيد وغايته العدل ووسيلته الرحمة والتطابق بين القول والفعل , والظاهر والباطن, والصدق مع النفس, والامانة في القول , والشفافية المطلقة, وكبر عند الله مقتا ما لا يقولون, وقد جمع الله الاسلام كله في الحديث الشريف ( انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) وذلك كمال لا يدركه الانقاذيين, فليس غاية الدين حف الشوارب واطالة اللحي واطلاق المسميات الاسلامية علي المدارس والشوارع, فكلما كان المضمون هزيلا كلما كان الشكل اكثر اهمية .فالامر برمته تجارة بالدين لاغراض سياسية محضة .
بعد كل السوءات التي التصقت بنظام الانقاذ فمزقت نسيجنا الاجتماعي, وعن ما اقترفته بحق الشعوب السودانية فأصبح حالها يغني عن السؤال, الا انني استغرب كثيرا في أن الكثيرين لا يزالون يعتقدون (الخير) في هذا النظام الذي جاء عبر البندقية, وفي خلال الايام الماضية رأيت الفرحة علي بعض الوجوه اثر توقيع العقد الذي وقعته الحكومة مع الشركة الروسية بالتنقيب عن الذهب, الذي قيل انه بكميات كبيرة, ولكن اقول لهؤلاء السذج هل مشكلتنا هي فعلا في اكتشاف الموارد....؟ فالسودان غني بموارده التي استنزفت لصالح الجبهة الاسلامية, وبالمنطق حكومة الجبهة الاسلامية هي اكبر المعضلات التي اصابت الدولة السودانية في مقتل, واقعدته عن دوره كأكبر الدول في العالم واغناها بالموارد الطبيعية, واصبح يعرف برجل افريقيا المريض, بعد ان كان يرجي منه ان يكون افضل الدول الافريقية ولكنه اصبح اسوأها حالا , واصبحنا في عهد الانقاذ من اشهر المتسولين في العالم , ولا يوجد خطر علي السودان او مؤامرة خارجية الا بقدر ما احدثته حكومة الجبهة الاسلامية في تركيبتنا الاجتماعية, ولولا تضليل الشباب وتغييب وعيه لما استجاب الكثيرون لنداء الجهاد في الجنوب,فالامور تعرف بخواتيمها, فقد انتهي المشروع الحضاري المزعوم الي بئر معطلة وقصر مشيد, والعمارات الشواهق في الاحياء الراقية التي تمدت طوال حقبة الانقاذيين, فقد كانت للسلطة والجاه وليست لله كما يزعمون.
وبمراجعة كل معامل الخلل البنيوي مع سبق الاصرار لعصبة الانقاذ في انتاج حالات من التشويه, ومن ثم بناء مفاهيم التدمير(المؤامرة الخارجية) اسهمت في مسببات مادية نتج عنها طلاقا بائنا وشاملا مع الشعوب السودانية المغلوب علي امرها, فلا علة تشرح و لا حلا يقترح ...! لقد تمرغت سمعتنا في الوحل حتي وصلت الحضيض ,من خلال هذا المجتمع الذي كان يعيش في وداعة وهدوء كن يجملن وجهه ,والي ما صارت عليه اليوم مانشيتات الصحافة الفضائيات العالمية تتصدرها كوارثنا ومأسينا الانسانية التي ينفطر لها القلب, وبات قرأتها في مانشيتات الصحف مجرد امر عادي جدا لا يثير الاستغراب! واخشي ان نكون علي شفا حفرة من الولوج الي موسوعة غينس للارقام القياسية لنتصدر قائمتها في الفساد بدون مناقس, فالاوضاع الان باتت مأزومة جدا في ظل استمرار الانقاذيين علي سدة الحكم فالقادم أسوأ, وأصبح كل منا مرشح مهاجر ومشروع متشرد ما دام هذا النظام يغتال احلامنا في الحياة, فما افرزته تجريبات الجبهة الاسلامية في اتون العقدين الاخيرين اصابتنا بلوثة الحنين والنواح الي الماضي الجميل بمثالياته النبيلة, فقد زودنا المولي عز وجل دون غيرنا من شعوب العالم ببطارية شجن وهموم جاهزة لامدادنا بطاقة للحنين الي الماضي مهما كان السبب, وان كنا لا نملك الحق في انتخاب من يجثمون علي صدورنا بمنطق البندقية , فأننا نطالبهم بأسترجاع الزاكرة لاختبار بعض معلوماتهم التي تعود غالبا الي حوالي ثلاثة عقود واكثر من الزمان, لنسألهم عن ترابط النسيج الاجتماعي وقوته , وعن سعر الرغيفة والسكر ومجانية الصحة والتعليم وعن ثمن الجرائد التي تتصدرها صورهم اليوم , وقد كانوا لا يملكون ثمنها عسانا ننعش عقولهم ونزكرهم من اين اتوا.....! ولكن حسبي الله ونعم الوكيل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.