*تفتح فضائية السودان تجد مذيعاً ومذيعة ومعهما ضيوف ومطرب.. *تفتح فضائية النيلين تجد الشيء ذاته مع اختلاف في الشخوص فقط.. *تفتح فضائية الخرطوم أو أم درمان أو الشروق تجد (التشكيلة) نفسها.. *ثم في اليوم التالي تُفاجأ بأن الفضائيات المذكورة (تبادلت) الضيوف والمطربين فيما بينها.. *بل حتى البرامج الخاصة بالصحافة تتشابه كما التوائم.. *قبل الطبع ، بعد الطبع ، أثناء الطبع ، ما وراء الطبع.. *تكرار ممل إلى حد الشعور بالغثيان .. *وما ينطبق على الفضائيات ينسحب على الإذاعات كذلك.. *فبرامجها جميعاً لا تخرج عن دائرة مذيع ومذيعة وضيوف ومطربين.. *وكذلك البرامج الرياضية - إذاعة وتلفزيوناً- تتشابه مثل (التعاريف).. *ولمن لا يعرف (التعريفة) - من جيل اليوم- نقول إنها كانت عملة أقل من القرش وأكبر من المليم.. *والقرش نفسه - بما إنه صار مجهولاً- هو عملة أقل من الشلن.. *والشلن أقل من الريال الذي هو أقل من الجنيه.. *ومع انقضاء زمان العملات المعدنية (ذات القيمة) هذه انقضى زمان كل ما هو (قيم) من البرامج.. *ليس في مجال البرامج المسموعة والمرئية وحسب وإنما المجالات كافة.. *سواء البرامج السياسية أو الاقتصادية أو التعليمية أو الأدبية.. *بل حتى الإعلام المقروء لم ينج من لعنة (عدم الابتكار الخلاق) هذه لينصرف الناس عنه.. *ولكن قضيتنا اليوم هي (إفلاس) شاشاتنا من عناصر جذب المشاهد.. *وما جعلني انتبه للحقيقة المؤلمة هذه برنامج أرشيفي شاهدته بالأمس.. *أيام كان التلفزيون (أبيض وأسود) ولكنه غني ب(ألوان) الإبداع.. *كان برنامجاً يحكي (قصص) بعض أغنيات الحقيبة من تقديم محمد سليمان.. *وهو أحد مذيعي ذياك الزمن (الأنيق) من أمثال حمدي بولاد ومتوكل كمال وحمدي بدر الدين.. *أما الضيوف فعلى رأسهم الشاعران العملاقان عمر البنا ومحمد بشير عتيق.. *ومن المطربين بادي وعوض الكريم وثنائي الدبيبة وميرغني المأمون واحمد حسن جمعة.. *لم يكن برنامجاً (سطحياً) مثل برامج أيامنا هذه وإنما غاص (عميقاً) في النفوس و المعاني والتأريخ.. *ولعل أبلغ دلالة على ذلك الدموع (النوادر) التي طفرت من أعين البعض.. *ولو كانوا يعلمون (حال) برامج ستأتي من بعدهم لبكوا أكثر ربما.. *برامج ليس فيها ما هو أنيق سوى عبارة (الحضور الأنيق).. *ونبكي نحن بالنيابة عنهم (أحرفا !!). الصيحة/السياسي