حوارات وافكار عبدالرحمن الوسيلة عائداً الي مصر ومتطوعاً للدفاع في حرب السويس د.طاهر عبدالرحيم وحين اعلن جمال عبدالناصر تأمين قناة السويس في عام 1956 بعد قرن كامل من قيام شركة قناة السويس في عام 1856 استقبل شعب مصر القرار بموجة عالية من التأييد والحماس والشعور العزة الوطنية، كذلك كان لذلك القرار صداه العميق في الشعوب العربية، فقد قدم عبدالناصر لها مثلاً حياً في مناهضة الاستعمار وتحريك الروح الوطني. قناة السويس شقة بالدماء المصرية وفي خمس سنوات من عام 1859 وحتي 1864، سخر 60 الف من المصريين شهرياً لهذا العمل الشاق، مات منهم تحت الانهيارات الرملية مايزيد علي مائة الف دون تعويض او جزاء وتكونت شركة القناة بعد ان حفرها المصريون بارواحهم وجماجمهم ودمائهم. ومن هنا فان الحرب بدأت بعدوان اسرائيل علي سينا، في اكتوبر 1956، ثم بتوجيه الانذار الانجليزي الفرنسي وفقاً للخطة المدبرة، ثم تلا ذلك دفاع مصر عن اراضيها وسط اشمئزاز العالم واستنكاره ونافح الشعب المصري بروح مناضلة رفضت الاستسلام وقاوم في بورسعيد، وانذر الاتحاد السوفيتي بانه سيستخدم القوة ضد برطاينا وفرنسا اذا لم يقوما بسحب قواتهما، وفي السودان كان الصف المؤهل لاستيعاب الظواهر السياسية والاجتماعية الحادة قد التقط الاشارة جيداً فسافر الوسيلة والتجاني الطيب متطوعين التزاماً منهما بمقتضيات الكفاح المشترك بين الشعبين السوداني والمصري بالمشاركة في مواجهة العدوان الاستعماري علي مصر. تلك هي بالضبط فكرة الشيوعيين السودانيين للتضامن التي لن ينساها التاريخ للوسيلة ورفاقه وحزبهم والتي قد سجل التاريخ صورتها الفريدة والمكثفة في دلالتها لتبقي علي الايام. وختاماً فانه ليجمل بنا في صدد تلك الحرب الجائرة علي مصر وما تحملته من اعباء والتزامات وماتعرضت له من الكوارث والخسائر وانتهاءاً بالعدوان الثلاثي ان ندون ماقاله المؤرخ الايطالي انجيلو ساماركو عام 1932 :"واذا كانت الظروف قد قضت بحرمان اسماعيل من الانتفاع بمزايا المشروع الذي من اجله تحملت مصر اعظم التضحيات ثم فقدت كل حق لها فيه حتي في حقه الرقابة عليه، فما من شك ان مصر سوف تثأر لنفسها ان عاجلاً ام اجلاً ولسوف يتسني لها يوماً ما ان تحصل علي ماتستحقه من مكاسب ولسوف تستمد سندها للحصول علي حقها، من تلك التضحيات التي بذلتها في سبيل تنفيذ مشروع قناة السويس، وذلك هو حكم التاريخ". انما قاله المؤرخ الايطالي عن ثأر مصر لنفسها ظل صداه يتردد في مسامع التاريخ حتي جاء ذلك اليوم الذي ثار فيه عبدالناصر لتأمين قناة السويس.