نهار أمس قضيت حوالي ساعتين ونصف في حوار مع مجموعة مثيرة للدهشة.. يقودها الدكتور القانوني المعروف أحمد المفتي.. رئيس مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان.. حسب إحصاءات المركز عضويته الآن تفوق ال(180) ألفاً.. وفروعه في مختلف ولايات السودان أكثر من (1800) فرع.. غالبيتهم العظمى من غمار الشعب السوداني.. من (كل أرجائه لنا وطن). فكرة المركز أن يعلم الشعب كيف يحافظ ويطالب ب(حقوقه).. يرفع درجة الوعي لديهم ليعلموا ويتعلموا أن يدافعوا ويصرخوا مطالبين بحقوقهم.. فالأمة الصامتة تصنع مستقبلاً أصماً.. بصراحة مثل هذا الجهد مطلوب وبأعجل وأوسع ما تيسر.. فواحد من أكبر مكدرات ومثيرات هموم هذا الوطن غفلة أو تغافل الناس عن حقوقهم.. وقديماً قالوا لا يمتطي ظهرك أحد إلا إذا انحنيت.. د. أحمد المفتي يدرب هذه العضوية الجرارة على تعلم أسس قانونية بسيطة تتمحور في غالبها حول حقوقهم.. ثم يدربهم كيف يثابروا على المطالبة بهذه الحقوق بمختلف الوسائل السلمية.. ويزرع في نفوسهم قوة العزيمة للسير على (طريق الحقوق) باعتباره (هو الحل) لكل مشكلاتهم ومعضلات وطنهم المزمنة. قلت لهم.. أنظروا حولكم كم في هذه البلاد من أساتذة الجامعات من حملة الدرجات الأكاديمية الرفيعة السامقة.. وكم من المهنيين أطباء ومهندسين وقانونيين وبياطرة وزراعيين وكل المهن الأخرى.. وكم من المثقفين والمستنيرين في بلدي.. كل هذا البحر المتلاطم من الاستنارة والوعي لا يحرك مسقبلنا إلى الأمام لأن مقاليد الأمور ليس بيدهم.. (الكنترول) بيد قلة (شاطرة) عرفوا كيف يجعلون السياسة مهنتهم وحياتهم ومصيرهم.. الساسة الذين يسيطرون على مقاليد الأمور.. وهم (على الأرائك ينظرون) لا يقاسون معاناة الشعب الفقير.. فليس هناك ما يستعجلهم للوصول إلى غايات الحوار والتسوية السياسية.. طالما أن (الجمرة تحرق الواطيها) فلحسن حظهم هم ليسوا (الواطيها).. وإنه علينا نحن الشعب أن نصنع حوارنا الخاص – بلا تناقض مع حوارهم الخاص أيضاً- لأننا محاصرون بالزمن والمحن التي تثقل أكتافنا ولن نقوى على حملها أكثر مما احتملناها. لن ننتظر المنتظر.. فلن يحك جلدنا غير ظفرنا.. وتغيير حالنا بيدنا لا بيد عمرو (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..).. في تقديري أن د. أحمد المفتي يستحق الدعم والمؤازرة في هذا العمل القاعدي الضخم.. فهو عمل وطني لا يرتبط بحزب ولا قبيلة ولا جهوية.. يصنع وطناً مترعاً بالحقوق أن لم يكن اليوم فغداً.. وخدمة من عندي لمن يريد الانضمام إلى مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان، فهو في شارع علي عبد اللطيف مباشرة جنوب المبنى السابق للسفارة الأمريكية.. التيار