مسكين الشعب السوداني صار لا يفرح حتى من نافذة الكرة. قليلة جدا باتت قنوات التنفس للشعب السوداني عن كبته الذي بات يمسي و يصبح عليه. و صدقت أيها الشاعر أن ما لجرح بميت إيلام. ليت علم اللاعبون الخائبون المنهزمون قبل المباراة أنها ليست كرة تلك التي تُركل خلال التسعين دقيقة بل آمال شعب و طموحات مريدين .. ليتهم علموا عظمة و معنى أن يُرفع لهم العلم و يُعزف في حضرتهم النشيد الوطني .. ليتهم علموا أنهم جنود مع اختلاف ميدان المعركة و أسلحة المقاومة لكن المعنى الذي هو الانتصار واحد .. ليتهم علموا أن بوسعهم تسجيل بلادهم و أسماءهم في صفحات التاريخ بين الأمم .. ليتهم علموا أنها قضية كرامة و ليت الكاردان و الوالي علما أنها ليست قضية تجارة و وجاهة و مال و لكنها قضية عشق و ولاء باخلاص. و حكومة البؤس تشمر عن ساعدها لترفع حواجب الدهشة فينا أنها ستكرم لاعبي هلاريخ على مستوى يدنسه بدلا من أن نقول يشرفه نائب نائب رئيس الجمهورية .. و صارت غاية الغايات أن نلعب في دور الأربعة و لا يهم ما يعقب من ملطشة و دوس للكرامة في الميادين العالمية .. و تذهب المليارات في كرة القدم هدرا بينما الملاريا تحصد شعب النيلين الذي بات يشرب كدرا و طينا. نجلب محترفين خردة .. بارعون في قصات شعر غريبة .. مهرة في جمع الدولارات من بلهاء يجهلون ألف باء الكرة .. فاشلون في الوصول إلى مرمى الخصوم .. نفرح بهم فقط و هم ينزلون من على سلم الطائرة بمطار الخرطوم عند قدومهم الأول و بعدها تئن مقاعد الاحتياط بثقلهم. صحف أجيرة لا تكاد تحصيها عددا و قراء نهمون يقلبون ورقا لا قيمة خبرية فيه و لا نستغرب حين نقرأ كلمات مثل راجمات فلان و قذائف علان و لكنا في الواقع نشاهد دمىً آدمية تحركها خيوط خفية. أفنستغرب بعدها حين نرى أن صغارنا يحملون اسم ميسي و رونالدو على ظهورهم بدلا من مدثر كاريكا أو بكري المدينة؟ ليتنا بلغنا درجة من الوعي الذي يحتم علينا كجمهور مقاطعة الكرة و عندما تصبح المدرجات فارغة و ضرع الاستحلاب الجماهيري عصي بعطاء المال عندها و الله ستنصلح حال الكرة ليعلب لاعبونا لأجل السودان .. لأجل الكرة .. لأجل المتعة ليكون المال في ذيل قائمة الاهتمامات. [email protected]