رغم كل شيء.. إلا أنني أتمنى أن لا تؤجل الحكومة –للمرة العاشرة- الحوار الوطني.. فالمشهد العام فيه غموض كثيف حول بداية جلساته يوم السبت بعد يومين.. رغم أنني لا زلت مقتنعا ً أن غياب (التكافؤ) لا يمنح الحوار نصاب الجدية الملزم للوصول إلى نهاية سعيدة للأزمة السودانية.. إلا أنني أتمنى أن يُمنح الحوار الوطني فرصة أخيرة عسى ولعل يخرج الله من جوفه السلام والاستقرار.. استمرار انتظار الحوار الوطني لا يجب أن يكون بلا نهاية.. والأجدر أن يبدأ الحوار في موعده حتى ننفك (من قولة حاج أحمد عندو غنماية واحدة).. وحاج أحمد هذا؛ كان يعيش في قرية وادعة تنعم بكثير من الأغنام التي يملك كل فرد من أهل القرية العشرات منها سوى حاج أحمد الذي لا يملك غير (غنماية واحدة).. فأصبح دائماً على لسان أهل القرية يشيرون إليه ب(حاج أحمد العندو الغنماية). ولكن فجأة في يوم عسير.. ماتت (الغنماية) فتأثر أهل القرية لفقدان حاج أحمد كل ثروته.. وعندما أتوا إليه يعزونه فوجئوا به يقول لهم: (الحمد لله اتفكيت من قولة حاج أحمد عندو غنماية واحدة). حزب المؤتمر الوطني الحاكم ظل دائماً ولأكثر من عامين يقول للشعب السودان: (عندنا حوار).. وانشغلت البلاد لعامين متواصلين ب(قولة) (الوطني عندو حوار وطني).. والآن جاءت الفرصة المناسبة.. فإن مات الحوار الوطني – ولا نتمنى ذلك- فسنقول: (الحمد لله اتفكينا من قولة: الوطني عندو حوار وطني).. من المهم جداً للشعب السوداني أن لا يتأجل ميعاد السبت القادم.. تماماً مثل تعليمات الدين في أمر الجنازة.. (فإن يكن خيرا عجلتموه إليه وإن يكن شرا وضعتموه عن رقابكم..).. فإن كان الحوار جاداً فالتعجيل به أولى.. وإن كان غير ذلك فعلى أقل تقدير يضع الشعب السوداني عن رقابه حمله الكاذب.. فليس أسوأ من فشل الحوار إلا بقاءه مثل السراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.. ولشد ما أدهشني– في سلسلة مدهشات السياسة السودانية-أمس البيان الذي أصدره حزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وأعلن فيه اعتراضه على الحوار.. رغم أن الاتحادي أصلاً تجاوز الحوار وأصبح شريكاً في الحكومة.. فهو (حاور) من زمان ووجوده في الحوار الوطني الحالي ليس إلا (حمولة زائدة) لا أكثر.. فموقف الاتحادي لا يتأثر بنتائج الحوار مهما كانت. ال(48) ساعة القادمة ننتظرها بأحرَّ من الجمر.. ويا خوفي من بيان يصدره المؤتمر الوطني يعلن فيه تأجيل بداية الحوار إلى ما بعد (رأس السنة)..!! يجب أن ننفك (من قولة الوطني عندو حوار وطني)..!! التيار