انبرى أمس على أخيرة (الانتباهة) الحبيب المبدع محمد عبد الماجد؛ الكاتب السياسو رياضي (يكتب في السياسة والرياضة ويبدع في كليهما)، انبرى تحت عنوان لافت (حرية التعبير الرياضي) يرد الصاع صاعين على الهجمة الشرسة التي شنها بعض الكتاب السياسيين على الإعلام الرياضي وتحميله نتيجة خروج فريقي الهلال والمريخ من دور الأربعة في بطولة الأبطال الأفريقية، وخلص ود عبد الماجد وأبو عبد الماجد في هجمته المرتدة الأكثر شراسة على أولئك الزملاء من الكتاب السياسيين، الى ما يمكن تلخيصه في المثل الشعبي الشهير (غلبتو مرتو دق حماتو أو غلبو الحمار اتشطر على البردعة)، ناصحاً هؤلاء الكتاب السياسيين، بل والصحافة السياسية جملة بأن تلزم حدودها داخل محطة العلاقات العامة التي لا تزال تراوح مكانها فيها، وأن لا تتجاوزها الى ما عداها، فليس عندها ما يؤهلها لتنصيب نفسها حكماً على الإعلام الرياضي ومعايرته. هذه الغيرة المهنية للحبيب محمد على الإعلام الرياضي ذكرتني بموقف سابق لي معه، كان ذلك يوم أن حاولت أن أحتفي باليوم العالمي لحرية الصحافة قبل عدة سنوات، ولأنه كان يوماً للاحتفاء والانطلاق والتحدث بأريحية وأمان، رأيت أن أحتفي به ولكن على طريقتي الخاصة بالكتابة في الرياضة حيث الانطلاق والطلاقة والتي قد تصل أحياناً حد السلاطة والبجاحة، فكان أن هاتفني الحبيب محمد معاتباً (مالك ياخي عاوز تجيب لينا الهوا). كنت وقتها قد قلت إن أكثر ما يدهشني في الوسط الرياضي هذه الدرجة الكبيرة من التسامح التي قلّ أن تجدها في غيره من قطاعات وشرائح المجتمع، وقد صدق الأديب الطبيب والرياضي عمر محمود خالد الذي قال فيه شعراً (نحنا في الوسط الرياضي لا بنخاصم لا بنعادي.. راس شعاراتنا التسامح والتصالح والتراضي) وهو فعلاً كذلك وإلا لكان عدد من زملائنا الصحافيين والكتاب الرياضيين من مرتادي السجون ولكان أيضاً بعض الإداريين والمشجعين زبائن دائمين للنيابات والحراسات، فمهما بلغ ظلم البعض للبعض في هذه المنظومة ومهما كانت قساوة التجريح والتعريض والهزء والسخرية إلا أن كل ذلك ينتهي ببساطة في جلسة صلح وجودية على وجبة سمك بمطعم البربري أو في لمة أو قعدة ينظمها ويدعو لها (والي دار الرياضة كمال آفرو)، لا تزيل أسباب الخلاف وآثاره فحسب وإنما أيضاً تزيل الهم والغم وترطب الوجدان بما يتخللها ويعقبها من قفشات ونكات ومُلح وطرائف، وكثيراً ما كنت أشفق على بعض زملائنا الكتاب الرياضيين من أصحاب الأقلام السليطة، من الجرجرة والبهدلة في المحاكم، ولكن سرعان ما اكتشف أنني الأحق بالشفقة وليس هم لقياسي الفاسد بمحاولة إسقاط ما يجري في الصحافة السياسية على الرياضية. إن الحديث عن الرياضة - وتحديداً كرة القدم - ذو شجون ومتون وحواشٍ وهوامش لا تسعها هذه العجالة، وحسبي منه أن يكون ختامه طرفة كورنجية. يقال إن حارس الهلال الأسبق يور حكى عن نفسه قال إنه في إحدى مباريات الديربي بين الهلال والمريخ؛ أدى أداءً قوياً ورائعاً وزاد عن مرماه بما جعل منه أضيق من خرم إبرة في نظر مهاجمي المريخ، وانتهت تلك المباراة بفوز مستحق للهلال وكان هو أنشودة الجماهير الهلالية التي كانت تهتف له (يور يور يا دكتور)، كان ذلك طبيعياً - يقول يور - إلا أن غير الطبيعي هو أنه سمع جماهير المريخ تهتف أيضاً باسمه، فسالت مشاعر يور جداول وامتلأ زهواً ظناً منه بأن جماهير المريخ أيضاً تحييه على أدائه الرائع، فهرول ناحيتها ليرد لها التحية ولكن عندما صار على مرمى حجر منها إذا به للمفاجأة والصدمة يتبين الهتاف الأسود من الأبيض وكان (عاوزين دكتور يطهر يور). [email protected]