يتداعى صوتك في خاطري عبر الأثير.. فتستحيل عبر الشهيرة هذه إلى عطر.. ويصبح للعبارات التي تهمس بها في أذني رائحة زكية وشذى فواح.. ولطالما كان صوتك أعذب من كل الأصوات المميزة التي تعبر الأثير وتشنف آذان المستمعين عبر أجهزة الإعلام.. لابد أن القنوات الفضائية وإذاعات الموجات الطويلة والقصيرة لم تكتشف صوتك بعد.. وهذا لحسن حظي وحظ مشاعري.. أن أظل المستمعة الوحيدة التي تستمتع بتلك البحة المحببة التي تدغدغ الإحساس.. فيسري الاسترخاء في أوصالى.. وتضج الدماء في عروقي.. وتسري السعادة في أوصال لحظاتي. * يا لصوتك العميق الهادئ..! لكأنه يأتي من جب عميق، متجاوزا طبقات الأرض ليلف روحي بالحياة..! أراهن أن قدرتك الساحرة على الإقناع تعتمد بقدر كبير على تأثير صوتك على الآخر.. ومن الواضح أنك تعلم حجم قدراته فتمعن في التلاعب به على كل الحبال والترددات ليأتي بهذا الجمال والسحر! ترى.. كيف يمكن لحكاية عشق عظيمة أن تبدأ من مجرد صوت؟!!!وكيف يتسني فعليا للأذن أن تعشق قبل العين أحيانا؟ كيف لبضع كلمات أن تصفد إنسانا بالغا رشيدا فيختار طوعا الرزوح تحت وطأة صداها وهو يتردد في ذاكرة خاطره؟ يفتح صوتك براحات الخيال على آخرها، يرسم لي خميلة وارفة وجدولا رقراقا. ويسمح لي أن أركض حافية القدمين على العشب المبلل بالماء والعطر. يعلمني صوتك فن الإصغاء.. فأصبح ضليعة في علم ما وراء الطبيعة.. أصبح بإمكاني أن أسمع صوت النجوم والأزهار والأعشاب البرية والنسيم العليل ورذاذ المطر الخفيف! وحين تشق صدر السكون بضحكتك المجلجلة التي تضج بالصدق والحياة.. ينقشع وسن الرتابة العالق بأهداب أيامي.. ويستيقظ كل إحساس أنثوي رابض بأعماقي ليراودني عليك! فبربك اصمت قليلا حين أكون في حضرتك، امنحني القليل من الوقت لأسيطر على ذاتي وأستعيد رباطة جأشي وأواجهك ندا لند! إن صوتك يجردني من أسلحتي.. ينتهك خصوصية أفكاري.. يسلمني لحالة مزرية من التبلد والجمود.. فأكتفي بالإنصات لحديثك، وأعتنق كل وجهات نظرك وأظل إلى جانب ذلك ألاحق حركة شفتيك بعيني لأقرأهما بلغة أخرى! هل يعقل يا سيدي أن تحيلني لمجرد كائن منصت يمارس الاستماع بكل حواسه؟! أشعر أنني سأصاب بالاكتئاب حالما أرغمتني الظروف على البقاء خارج أثير صوتك يوما.. لذلك سأحاول أن أحفظ كلماتك في عبوات من الأقراص المهدئة وأضعها تحت وسادتي، حتى إذا ما شعرت ببعض الأرق ذات يوم سارعت بابتلاع واحد منها حتى أتمكن من النوم بعمق بينما يجلجل صوتك الدافئ في عروقي. تلويح: يااااا صوته.. لما سرى اليوم التالي