هذه المرة الموضوع مختلف عن المواضيع السابقة، التى ظللت أتناولها فى مجال الرياضة، إذا كانت تحتوى على حقائق تاريخية أو مماحكات ومكائدات .. مثل الذى حدث بعد خسارة الهلال من إتحاد العاصمة الجزائرى التى انفجرت بعدها (شماتة) مريخابية لم تحدث من قبل، فلعب المريخ بعد اسبوع من تلك المباراة فخسر من (مازيبمى) الكنغولى خسارة مذلة ومهينة جعلت جماهير الهلال تبادل المريخاب شماتة لا تقل عن شماتتهم، إذا لم تكن اشد منها. الموضوع هذه المرة (رياضى/ سياسى)، لأن الشخصية التى يتحدث عنها (رياضية) و(سياسية) .. وهو بالأساس عن إستقالة رئيس نادى المريخ (جمال الوالى) التى وصلت خلال الثلاث عشر سنة التى قضاها حاكما مطلقا للمريخ، الى عدد إقترب من فوز المريخ ببطولة الدورى العام فى السودان، طيلة تاريخه أى منذ عام 1933. فى حقيقة الأمر تحولت المسألة من إستقالة الى (ثقالة) .. واصبح المجتمع الرياضى لا يهتم بها كثيرا، لأنها أصبحت لا تصدق وغالبا ما يرجع عنها كعادته، للأمانة ليس لرغبته فى المواصلة، كما هواضح وليس إستجابة منه لمطالب جماهير (المريخ) كما يدعى البعض أو نتيجة لنداءات (الإعلام السالب) المستفيد .. وأنما بضغط من (النظام) الديكتاتورى الحاكم و(المؤتمر الوطنى) الذى يهيمن على كل شئ فى السودان ولم يتبق له غير أن يهمين على انفاس الناس. الدليل على ذلك ان (عصابة) المؤتمر الوطنى التى لم تع الدرس بعد فشل (الوثبة) رشحت فورا، بديلا للوالى إذا اصرعلى أستقالته، وأقتنع بها النظام، ثلاث شخصيات لا تقل عنه إنتماء للنظام (الفاشل) .. هم مصطفى عثمان إسماعيل وصلاح قوش .. لا أدرى ما هى علاقتهم السابقه بمجال كرة القدم؟ لقد ذكرت فى أكثر من مرة أن (النظام) لا يمكن أن يفرط فى ناديين مثل (الهلال) و(المريخ) حيث تبلغ جماهيرتهم على الأقل حوالى 25 مليون سودانيا لو خرج للشارع فى إنتفاضة ومظاهرات خلال وقت واحد وفى كآفة مدن السودان 10% منهم، فلن تقدر على مواجهتهم قوات النظام ومليشياته وسوف يسقط النظام، بل سوف يضيق طريق المطار (بجرذان) النظام بالهاربين حتى الدرجة الثالثة. خوفا من غضبة الجماهير المشحونة منذ أكثر من 25 سنة، ولتمنى كل واحد منهم لو أنه كان معتقلا فى سجون (لاهاى) المكندشه والتى تتفوق على الفنادق ذات الخمسة نجوم. حتى لا أتهم بالتحيز فى موضوع (وطنى) أكثر منه رياضى، فالهلال الذى عشقناه لم يسلم 100% من قبضة النظام والهيمنة عليه وذكرت بأنه لا يمكن أن يسمح لهلالابى بالوصول الى رئاسة النادى إذا لم يرض عنه المؤتمر الوطنى وإذا لم يوافق عليه رئيس (عصابة) الوثبة الفاشلة. ولابد أن يتأكد النظام بأن من يدير الناديين لا يسبب له إزعاجا وفى نفس الوقت قادر على الصرف الخرافى الذى يجعل تلك الجماهير (مستكينة) وسعيدة بإنتصارات فى بطولات (الكاف) الكبيرة حتى لو لم يحصل أحد الناديين على كاسها وبالعدم يكون البديل فى (سيكافا) وإذا لم تتحق تلك البطولة وفاتها (القطار)، أن يتقاسم الناديان بطولة الدورى الممتاز وكأس السودان. صراحة (الهلال) يريح (النظام) بصورة أفضل من المريخ، فكلما ذهب رئيس ظهر له رئيس آخر قادر على الصرف ولا يحتاج من (النظام) الا دعما (شكلى)، لكى لا تغضب جماهير الهلال وتشعر بأن (التظام) يدعم ويهتم بنديدها (المريخ) أكثر من ناديها. وهنا لا يفرق فى الأمر ميول رئيس النظام أو أحد من اشقائه، فالمهم أن ترضى جماهير الناديين وتستكين و(تتخدر) وتنام بعد كل مباراة لتقرا ما فى الصحف الرياضية، وأن تعتبر المجال السياسى وما يدور فى البلد من قتل وقمع وفشل وفساد لا يهمهم. أما (المريخ) فهو يرهق (النظام) بصورة أكثر من (الهلال) لأنه لا يوجد بديل (للوالى) الا (جمال الوالى) .. فهو يدعم (المريخ) بما لديه من امكانات حصل عليها من خلال علاقته القوية بالنظام، حتى أصبح أهم شخصية إقتصادية فى السودان خلال العشر سنوات الأخيره، بل ربما قبل ذلك ، رغم ذلك لا يقصر (النظام) فى دعم (المريخ) سرا وعلنا، فعلى الأقل يديره أحد أبناء النظام المخلصين 100%. يعنى فى نهاية الأمر فالداعم الأساسى (للمريخ) هو النظام وهو المؤتمر الوطنى، ولولا ذلك فكيف يدير (مصطفى عثمان إسماعيل) المريخ فى حالة قبول إستقالة (جمال الوالى) – إذا قبلت - وهل لديه كذلك (حزائن) مجهولة وغير معروفة، أم أن (المؤتمر الوطنى) جاهز لدعمه بصورة أكبر مما كان يدعم (جمال الوالى) و(الحاج عطا المنان) خلال فترة لم تطل فى رئاسته (للهلال)؟ النظام (بوعى) خبيث يتحمل تلك الأعباء ويهتم (بالناديين) على خلاف باقى الأندية السودانية، حتى لا تتردى نتائج (المريخ) مثلا ويبدأ جمهوره فى الثورة والتململ والغليان ، الذى يمكن أن يتبعهم تحرك سياسى، حتى لو كان فى شكل (مظاهرات) تبدأ رياضية وتنتهى بهتاف مثل يسقط .. يسقط حكم الطاغية. فالجماهير الرياضية خاصة فى الناديين الكبيرين، طالما أعتصمت مجموعة منهم ذات مرة داخل نادى (الهلال) من أجل عودة اللاعب (هيثم مصطفى) للملعب ولكشف لاعبى نادى الهلال، مما جعل النظام يشعر بالضيق والقلق وسعى للمخارجة من تلك الأزمة بأى صورة، يقال أن رئيس (النظام) هو الذى فرض على (المريخاب ) تسجيل (هيثم مصطفى) بعد أن شطبه البرير. الشاهد فى الأمر تلك الجماهير لن يمنعها من الخروج للشارع تهتف ضد النظام وتطالب بإسقاطه، إذا أدركت انها تستغل و(تخدر) وتنوم مغناطيسيا، بالدعم الذى يحظى به الناديان، تجنيسا يزيد عن حدود المعقول وأموالا باهظة ينعكس فى شكل (قوة) الناديين وتقدمهمها فى البطولات الأفريقية. والرياضة ليست بعيدة عن (السياسة) والمأساة التى وقعت فى مدينة (بورسعيد) فى مصر وقتل فيها حوالى 73 شابا من جماهير النادى الأهلى، بفعل الشحن والإساءات المتبادلة بين (التراس) الناديين ولعدد من السنوات ونظام (مبارك) صامت، كان لها دور قوى وهام فى تفجر الثورة المصرية الأولى فى يناير 2011، التى اجهضها (الأخوان المسلمون) بغطرستهم وديكتاتوريتهم التى تفوقت على ديكتاتورية (مبارك) مما أستدعى قيام ثورة ثانية فى 30 يونيو 2013، أطاحت بهم وأرسلتهم الى مزبلة التاريخ وأكدت أن (منهج) الأخوان المسلمين وفكرهم وسلوكياتهم لا تصلح لحكم دولة فى العصر الحديث ولا يمكن أن تستطيع دولة يحكمونها، من تحقيق نظام حكم (ديمقراطى) أو أن تنجو من (الهيمنة) والإحتكار حتى فى مجال كرة القدم. أحد البسطاء والسذج – معذور - فهم موضوع الأمس على أنه كلام عن وظائف فى سفارات تمنح (للمعارضين) بينما هو يصب فى نفس المواضيع التى اتناولها دائما بأن يكون للسودانيين الحق فى تقلد كآفة الوظائف من رئيس الجمهورية وحتى أدنى وظيفة وفى كآفة المجالات وفى مساواة تامة. أخيرا .. يبقى الهلال صنو الجمال وتبقى المتعة هلالابية متوشحة باللون الأزرق. تاج السر حسين – [email protected]