د.عبدالقادر الرفاعي حسن الطاهر زروق: السياسي,الأديب و الفيلسوف الساخر بقلم:حسن قسم الله لقد تابعت بإهتمام بالغ ما كتب عن حسن الطاهر زروق وعن دوره في حياتنا الأدبية والسياسية.. وهذا منحي حميد حتي لا يندثر تاريخه فلا تدرك منه الأجيال الحديثة الا النذر اليسير وأقول: لم تكن صفة الأديب والسياسي لديه صفة عارضة, إجتمعت إلي جانب صفاته الأساسية الأخري,وهي أنه سياسي من أعظم الساسة الذين جاد بهم شعبنا.كما إننا نقول ان صفه الفيلسوف هي أيضاً من صفاته,إذ لم يخل جانباً من تراثه الذي تركه من إشارات فلسفية ذات مغزي عميق علي أن "زروق" لم يكن أديباً و سياسياً وفيلسوفاً عادياً,يكتفي في فهم مقدراته بما ترك ورائه من مؤلفات يساعد إستعراضها,علي إبراز نتاجه السياسي والأدبي أو كلماته كأحكام تقبل الجدل علي حوادث عصره وعلي شخصيته,فقد عاش "زروق" في عصر فياض بالإضطرابات والأحداث المثيرة: عصر الإدارة الإستعمارية وما لازمها من كبت للحريات وخلال النظام الديمقراطي بعد الإستقلال الذي ساد فيه حكم النخب والطوائف و شهد الكثير من أحوال ذلك العصر وتقلباته, ومن تصرفات النخب الوطنية ومثالبها وتعثرها حتي إستهتر بقيم الديمقراطية مما أفضي إلي الإنقلابات العسكرية التي توالت و عشعشت فتعرضت بلدنا وآمال شعبنا للضياع.فهزت تلك الأحداث الدامية والصور مشاعره إلي الأعماق.من يصدق أن هذا الإنسان النبيل قد عاش مشرداً في وطنه محروماً من كسب العيش, متنقلاً بين المعتقلات والسجون في كل العهود.. من يصدق أنه كان يستأجر منزلاً في حي بانت بامدرمان داخل غرفة تتوسطها شبعة ترفع سقفها الآيل للسقوط, عارية تماماً من باب أو شباك. ربما يزداد العجب أن ذلك قد حدث بعد إنتصار ثورة أكتوبر, أو أن تجواله في أحياء القاهرة يستأجر دائماً غرفة وحيدة:في حي السيدة زينب, إلي غرفة في فندق مونتانا بشارع شريف ثم غرفة في العمارات الشرقية للتمليك بحي المنيل, ليغادر بعدها إلي بيروت ثم إلي بغداد ليلقي حتفه هناك.لقد ترك "زروق" إرثاً بالغ الثراء تمثل في كتابات ومؤلفات ومقالات يصعب معرفة إلي من آلت وكيف تبعثرت أو تبددت. الكتابة عن حسن الطاهر زروق محزنة والإسترسال فيها أليم.إنني أقترح أن نعكف جميعاً علي جمع آثاره:من مضابط البرلمان (1954)و(1965) فضلاً عن مقالاته النقدية في المجلات:الرسالة,الثقافة,النهضة,البلاغ و مجلة الخرطوم وفي صحف الصراحة والجهاد والميدان كما أحيلكم شاكراً إلي قصيدة الشاعر جيلي عبدالرحمن و عنوانها:(الطائف وزهرة الليل).