سم الله الرحمن الرحيم ظلت تفاصيل الزواج السوداني على مر الأزمنة جميلة ومميزة بكل ما تحمله من موروثات ومعتقدات تناقلتها الأجيال جيلاً عن جيل، تفاصيل ظلت محفورة بذكريات محببة ابتداءً من ليلة الزفاف المشبعة بكمية الود والمحبة ، ومشاركة الأهل والأصدقاء، وليس انتهاء ب(الصبحية) أو ما يعرف اصطلاحاً بطقوس الجرتق. طقوس الجرتق نفسها ظلت وحتى اليوم ماركة سودانية خالصة، فلا يوجد شعب في العالم يقوم فيه العريس بشرب الحليب وإعادة بصقه في وجه العروس إلا الشعب السوداني!!! أما عملية سكب القمح والحلوى من يد العروس إلى يد العريس وبالعكس، فهي طقوس نجدها في بعض دول وجزر شرق آسيا، وهي تعطي دلالات التكاثر وكثرة الإنجاب. وفي كل مراحل الزواج السوداني وطقوسه ، ظلت هناك قداسة في تعامل العريس مع عروسه ، تلك القداسة ظلت تمنح العروس حصانة من اقتراب العريس نحوها بشكل مباشر ، اللهم إلا في (رقيص العروس) ومحاولة العريس التقاطها قبل أن تسقط وتسجل (قوون) لصالحها، وحتى هذه كان يطغى عليها أسلوب التشجيع بين أهل العروسين في من سيغلب الآخر دون أن تكون شكلاً لمشاهد إباحية . وفي ما عدا رقص العروس هذا، ظل العريس والعروس محتفظَيْن بوقارهما أمام الجميع. وحقيقةً ما دعاني للحديث عن طقوس الزواج السوداني، هو ظهور عدد من الممارسات الجديدة كلياً على مشهد الأفراح في السودان. وهنا لا أتحدث عن رقصة ال (سلو) أو غناء العروس للعريس، وغناء العريس أيضاً للعروس ؛ فهذا أمر أصبح جزءاً من بروتكول الزفة ، حتى وإن كانت تلك الزفة على إيقاع مصري أو أوروبي، ومؤخرا على إيقاع هندي بأغنية (تم هي هو)، للمغنية والممثلة (شرادها كابوور) ؛ كل هذا عادي وأصبح من الطقوس التي يمكن أن تندرج تحت حرية اختيار الأغنية والزفة، وحتى طقوس قطع قالب الجاتوه وتبادل العروسَيْن لإطعام بعضهما بعضاً ليس فيه غضاضة . ولكني أستغرب في بعض السلوكيات التي تندرج تحت بند ممارسة شهر العسل ابتداءً من الاستوديو أو من صالة الأفراح؛ فماذا يعني أن يقبل العريس عروسه ويحضنها بطريقة سافرة وفاضحة ومثيرة أمام الملأ دون أن يحس بالحرج أو تحمر وجنتا زوجته؟ على غرار الإخوة الأتراك في المسلسلات التركية. إن مسألة محاكاة الشعوب الأخرى في تفاصيل وطقوس تخص مجتمعاتهم تؤدي بالضرورة إلى رفضها داخل مجتمعنا ، خاصة عندما تأتي تلك التفاصيل مبتورة عن جسد مجتمعنا، فتبدو مثل النبت الشيطاني ، كما أنها تصبح (شترا) لأن مثل تلك التصرفات لها مقدمات ونهايات . فإذا أخذنا مثلاً تلك القبلة الشرعية في ليلة الزفاف، وفي الاستوديو وأمام المصور والأهل؛ سنجدها قد تحولت بعد شهر العسل مباشرة إلى صراخ وشجار ولعان.. فالرجل السوداني أبعد ما يكون عن الرومانسية وممارسة طقوسها عقب الزواج . وإذا كان مهند التركي قد قبل زوجته ليلة الزفاف فهو يقبلها يومياً حتى وإن كان ذلك في الذكرى العاشرة لزواجهما. خارج السور : بطلوا (شوبار). *نقلا عن السوداني