التاريخ لا يعيد نفسه، لكن بعض الحوادث قد تتشابه في طريقة حدوثها ونتائجها، ودائماً الأحداث الدامية تظل غصّتها حتى آخر العمر. حدثين وقعا علي فترات متباعدة وفي مكانين مختلفين ولكن تبدو واضحة للعيان تشابه الفعل والمخرجات، وهما حادثة المنشية بمصر(محاولة إغتيال جمال عبد الناصر)، وحادثة(إنقلاب هاشم العطا )بالسودان...الحادثة الاولى: حادثة المنشية: حدثت بمصر في الخمسينات بمنشية البكري حيث كان الرئيس المصري جمال عبد الناصر يلقي إحدى خطبه علي الجماهير، وفجأة سمع دوي رصاص، وأنفض السامر و تم القبض على الفاعل وبدأت تتضح خيوط الحادثة وكان مما ذكر: (إتهام واضح لحركة الإخوان المسلمون المصرية بالتخطيط وتنفيذ محاولة الإغتيال، وتم القبض على الفاعل ويدعى محمود عبد اللطيف، من ضمن أفراد التنظيم، شعبة إمبابة، وتم القبض أيضاً على الآمر المباشر بالعملية، المحامي/ هنداوي دوير، رئيسس شعبة إمبابة). كانت مخرجات الحادثة إلتحام الجماهير حول جمال عبد الناصر، وتكتل الشعب ضد الإخوان المسلمون وأفرز ذلك إجراءات صارمة جداً ضد حركة الإخوان ترتب عليها إعدام ستة من قادة الجماعة ومفكريهاعلى رأسهم المرشد( الهضيبي)،و(سيد قطب)و(فرغلي) وتم القبض علي حوالى (ستة آلآف) من أعضاء التنظيم وزج بهم في السجون المصرية، وتعرضوا لأصناف من العذاب على يد جلادي السجون (حازم الببلاوي)و (شمس بدران)، ومن بعدها تمت مصادرة ممتلكات الجماعة بمصر وإغلاق لدورها وإفول نجمها بمصر ولم تقم لها قائمة حتى الآن.الحادثة الثانية: إنقلاب هاشم العطا: حدث في العام 1971م، حيث قام به نفر من الضباط وإستولوا علي السلطة في وضح النهار، ولكن لم يستطيعوا المحافظة علي السلطة وفقدوها بعد ثلاثة أيام بعد أن فرّ النميري من محبسه وإستعان بقوات المدرعات وعاد مستلماً للسلطة صاباً كأس عذاب على (الحُّمُر). تم إتهام الحزب الشيوعي السوداني بتنفيذ الإنقلاب، تم القبض علي جميع قادته والكثير من أعضاء الحزب وجرت لهم محاكمات مستعجلة وتم إعدام كل من( عبد الخالق محجوب)، (الشفيع أحمد الشيخ)، (جوزيف قرنق)، وهم من قادة الحزب ومفكريه، وكذلك تم إعدام( هاشم العطا)، (بابكر النور)، ( فاروق حمدالله)وتم القبض على كثير من كوادر الحزب الشيوعي وتمت مصادرة دوره وأيضاً تم القضاء عليه قضاءاً مبرماً وإنتهت أسطورة الحزب الشيوعي مارد إفريقيا ولم تقم له قائمة حتى الآن. سأحاول أن أبرزنقاط التشابه بين الحادثتين ومخرجاتهما كما يلي: الإخوان المسلمون بمصرنفوا نفياً باتاً علاقتهم بالحادثة، وإعتبروا أنها تصرف شخصي يتحمل وزر العواقب الشخص لوحده لا التنظيم،،. وروي عن المرشد الهضيبي قوله أنه ليس مع أي فعل إجرامي وانه برئ من كل قطرة دم، وكان ذلك قبل الحادثة، وهنا في السودان نفى كبارات الحزب الشيوعي علاقتهم بالإنقلاب وذكر كثيرون أن عبد الخالق محجوب لم يوافق على فكرة الإنقلاب عندما طرحت في إجتماعات الحزب، وذكر المرحوم غازي سليمان أنه عندما ذهب للشفيع احمد الشيخ ليكتب بيان الإنقلاب، قال له الشفيع(كان هاشم ماقادر يكتب بيان قالبه لي شنو)، وهذا فيه دلالة على عدم خوض قادة الحزب الشيوعي في السودان في شأن الإنقلاب. تم إعدام قادة ومفكري الإخوان المسلمون بمصر كذلك تم إعدام قادة ومفكري الحزب الشيوعي بالسودان. لم تقم للأخوان المسلمون بمصر قائمة بعدها، كذلك لم تقم قائمة للحزب الشيوعي حتى الآن. _ لازال الحديث يدور في مصر حول وجود مؤامرة لتصفية الأخوان المسلمون، ولا زالت هنا في السودان الصورة غير واضحة تماماً في ملابسات مجزرة بيت الضيافة التي تلت إنقلاب هاشم العطا،وحقيقة الدور الأجنبي بالرغم من المحاولات العديدة في هذا الشأن. المشتركات بين السودانيون والمصريون عديدة وهكذا في الشأن السياسي، دروس وعبر لعنتبر بها والتاريخ لا يعيد نفسه. [email protected]