الهلال يرفض السقوط.. والنصر يخدش كبرياء البطل    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الجيش ينفذ عمليات إنزال جوي للإمدادات العسكرية بالفاشر    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالفيديو.. تاجر خشب سوداني يرمي أموال "طائلة" من النقطة على الفنانة مرورة الدولية وهو "متربع" على "كرسي" جوار المسرح وساخرون: (دا الكلام الجاب لينا الحرب والضرب وبيوت تنخرب)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    عصار تكرم عصام الدحيش بمهرجان كبير عصر الغد    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل بدأ التحليق حول مدرج الهبوط الناعم؟
نشر في الراكوبة يوم 26 - 10 - 2015

هل هي المصادفات وحدها ما جعل هذا الشهر عاصفا بالنسبة لقوى الثورة السياسية المسلحة والتي يمثلها تحالف الجبهة الثورية السودانية , ذلك التحالف الذي شكّل بارقة أمل كبيرة وسط مجموعات واسعة من المواطنين السودانيين الذين ينشدون التغيير وينطبق عليهم المثل (العين بصيرة والليد قصيرة),
ثمّ أنّه شكّل نقلة نوعية عميقة الدلالة لكون أنّه ضمّ قوى سياسية قوامها الأساسي مما يطلق عليها مصطلح الجنوب الجديد , باعتبار المظالم التاريخية التي حلّت بتلك الأصقاع الشاسعة من القطر السوداني في حزام ممتد من أقاصي دارفور الى تخوم حدود اثيوبيا من جهة الجنوب الشرقي للسودان , والناظر لهذا الحزام العريض يلحظ أنّه يضم أخصب أراضي السودان , وأغزرها في معدلات هطول الأمطار , وأغناها بالثروات الطبيعية الزراعية والحيوانية (أليفة وبرية ), والغابية , والمائية , والمعالم السياحية الطبيعية والخضرة معظم فترات العام , وأضخم مشروعات الزراعة المطرية الآلية , كما يمتاز هذا الحزام عن بقية أرجاء القطر بثراء ثقافي واجتماعي باذخ , من حيث التعددية العرقية والثقافية واللغوية والدينية , وإذا نًظر للتعددية ككنز (وهنا استخدم تعبير الأب خورخي , الاسباني ,عميد كلية كمبوني لعلوم الكمبيوتر بالخرطوم, ضمن كلمة له منشورة ومذاعة إبّان الموسم الثقافي الذي أقامته كليته أواخر أغسطس الماضي ), نقول إذا تم إعادة الإعتبار للتعددية في السودان بعد أكثر من ربع القرن من محاولات محوها وإلغائها قسرا بوساطة السلطة الاسلامية الحاكمة , فإنّ الجنوب الجديد يحتوي على ذلك الكنز مثلما تحتوي باطن أراضيه المعادن والنفط .
ظلّ العشم قويا في أنّ بزوغ الثورة في هذه الأجزاء الغالية بشرا ومواردا , سيعيد رسم خارطة المستقبل الوطني في البلاد على هدى وكتاب منير من حقائق التنوع والتعدد السوداني المشهود , ولن يصلح لنسج ذلك التعدد والتنوع على نول الوحدة غير الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية ,فقد فشل الاسلام السياسي بما لا يحتاج الى ضوء يكشفه ,وليس أبلغ في الفشل من انفصال الجنوب القديم بإرثه البشري والمادي المهول , ولم يزرف الاسلاميون عليه دمعة واحدة باعتباره _اي الجنوب _كان عبئا على الشمال حسبما روّج الاسلامي العنصري المهووس الطيب مصطفى , وجاء ابن أخته , الرئيس البشير متما لموّال الشؤم بترديد ذات العبارة .
هذه كانت مقومات البشارة والترقّب لميلاد تلك الجبهة الثورية الوطنية , وقد ضمّت حركات سياسية , يقول الواقع أنّ رصيدها من الخبرة السياسية والتجربة الميدانية العسكرية , بل حتى التجربة الادارية الحكومية ليس باليسير , إضافة الى قياداتها الذين يمتلكون نسبا عالية من الكاريزما القيادية , يسندهم كادر عسكري كفء ومؤهل , فجيوش الحركات السياسية المسلحة ليست ضمن وسائل وسبل كسب العيش على كل حال , هنالك تربية سياسية وتدريب معنوي مختلف , وبطبيعة الحال في مرحلة النضال يتوقّع أنّ معظم إنْ لم يكن كلّ المجندين ضمن هذه القوى السياسية التي تخوض الكفاح المسلّح ممن تنطبق عليهم نظريا على الأقل شروط وقيم التضحية وروح البذل والعطاء والجود بالروح , والزهد في المكاسب العاجلة طمعا في سيادة المبادئ والمُثل النبيلة التي من أجلها يحاربون , ضباط وجنود هذه الجيوش ليس من السهل دمغهم بالمرتزقة أو (المكريين النظاميين) مثل رصفائهم في الجيوش الحكومية وما يتبع لها من مليشيات عسكرية , وهنا زاد الأمل والرجاء بصورة أكبر وتوقع مفتوح المجال للتغيير والنهوض والوثبة الحقيقية بالبلاد وشعبها من مستنقع الهوان والتفريط الوطني والمرمغة المشينة التي أودت اليها حركة الاسلام السياسي البلاد وشعبها حتى صار السودان مرتبطا في المخيلة الشعبية والرسمية لدول وشعوب العالم بأنّه مكب لكل الرزايا من حرب وفقر وجوع ومرض وفساد وجرائم ضد الانسانية وانتهاكات لا حدّ لها لأبسط حقوق الانسان, وارهاب ونزوح ولجؤ . هذه المعطيات لا أعتقد أنّها غابت عن أفق الثوار , كما أنّ تجاربهم المريرة والكثيرة لفترات طويلة لابد أنّها قد علّمتهم التعامل مع المعطيات بصورة أفضل , هذا كان العشم , إضافة الى أنّ الثورة والثوار لم تنطلق من فراغ ولم تكن نزهة صيد بل هي تعبير حقيقي عن مطالب مشروعة بدون تلبيتها لا يستقيم أي بنيان وطني ومن هذه الزاوية اكتسبت تلك الثورة مشروعيتها وانضم اليها الشباب زرافات ووحدانا يحدوهم الأمل الكبير في انقشاع الغمّة الوطنية الجاثمة على الصدور , وأيّدها كثير من السودانيين شيبا وشبابا من الذين ينشدون التغيير ويتوقون اليه , بمختلف صور التأييد المعنوي وحتى المادي بالانضمام لرهط الثوار من مختلف بقاع السودان , لذلك يصعب على المرء تصور مفردات مثل الخيانة في قاموس الثورة والثوار خاصة بين الرفاق المجربين , يمكن أن يكون هناك اختلافات في طرائق التفكير أو خطط العمل الثوري أو سير التنفيذ لها , فهذا وارد بكل تأكيد , ولكن هل تبدو الصورة الراهنة على ما يرام ؟ هذا هو السؤال المقلق حقّا , فمكونات الجبهة الثورية تعاني فيما يبدو من عسر في علاقاتها بعضها ببعض , مثلما تبدو وتائر الخلافات متصاعدة وسط كل مكون من مكوناتها منفردا . فالحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال ) تعاني من خلافات قوية وسط صفّها القيادي ووسط ضباط الجيش الشعبي , ولعل أبلغ دليل على ذلك ما يلحظه المراقب من تداول اعلامي سالب بين هذه القيادات عبر الوسائط الاعلامية , فقد مهر 8ضباط كبار في الجيش الشعبي بيانا , لم يحو كثيرا من التفاصيل لكنه أعطى عنوانا لوجود صراع ما وسط قيادات الحركة /الجيش الشعبي , ولم تخلُ لغة البيان من غمز في قناة رئيس الحركة نفسه باعتبار بعض الممارسات التي فسّرت بالانحياز والمحسوبية , كما لم يسلم الأمين العام للحركة , من انتقادات عنيفة وجهها له الكادر الفكري القيادي في الحركة د. أبكر آدم اسماعيل في مقالات منشورة على الفيس بوك مثلما وجّه مثلها لرئيس الحركة مالك أقار , وبالطبع لا يمكن استساغة أي تبريرات سطحية لمثل هذه الخلافات , فالواضح أنّ خللا كبيرا يسود كابينة قيادة الحركة مما يتطلب الشجاعة في مواجهته بالتصويب والتصحيح والاصلاح عوضا عن الهروب الى الأمام بتناسي العطب , ومثلما تعاني الحركة الشعبية من تصاعد الخلافات لا تخفى بالطبع خلافات حركات جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة , والشواهد عديدة إذ يكفي وجود ثلاث حركات بذات المسمى ضمن تكوين الجبهة الثورية , بينما حركة العدل والمساواة تتشقق كل صباح جديد عن مسمى جديد وزعيم جديد , ومسمى الحركة التي وقّعت اتفاق الدوحة مع سلطة الاسلامين مشتق في الحقيقة من شظايا وانقسامات حركتي (التحرير والعدل والمساواة ) وهذه الاخيرة لم تسلم هي الأخرى من داء الانقسام فصارت الى فلقتين (تجاني السيسي , وبحر ادريس أبو قردة ) . ثمّ جاءت الخلافات الأخيرة بين فصائل الجبهة حول تبادل منصب الرئيس , وما صحبها من وضع مختلّ تماما , فهناك الآن رئيسان للجبهة الثورية يبدو أنّ أيا منهما لا يعترف برئاسة الآخر . الكاسب الأكبر مما يدور بكل تأكيد هو سلطة القهر والقمع السائدة , والرابح هو برنامج الاستعلاء العنصري السائر على قدم وساق , يسنده مع الأسف مثل هذه الصراعات والخلافات بين الثوّار , فتراهم الآن يمدون ألسنة حداد يشيرون بإزدراء وسخرية ونبرة تحقير الى الثوّار , وهم بكل تأكيد أسعد الناس بخلافات الثوّار لأنّ ذلك يجعلهم في موقف القوة بالمنطق , فإذا تشددوا مثلا في مسألة التفاوض تحت زعم أنّهم سيتفاوضون ولكنهم عند التوقيع على أي اتفاق فإنّهم سيطالبون بتوقيع رئيس الجبهة الثورية , وفي الغالب سيلعبون على ورقة الشد والجذب هذه لشهور أو سنوات , ومعهم منطق معقول في هذه الحالة فمن هو رئيس الجبهة الثورية الآن ؟ الرفيق مالك أقار أم د. جبريل ابراهيم ؟ فكلاهما صدر بيان يؤكد على زعامته . بينما أنفاس الثكالى وتنهداتهن في صناقير الجبال وفيافي النزوح تتقطّع ألما رهيبا , دموع الأطفال اليتامى على المآقي يبست كما يبست منهم الجلود تكسو الضلوع , أرواح الشهداء من الثوّار تحلّق فوق روؤس الجميع تتضور حزنا وأسى , وشعب عظيم مهاب الجانب قوي الشكيمة يتلفت حسرة وضياع , هذه هي الوقائع , وما يدور يشي بشئ من حقيقة عن أنّ التحليق قد بدأ حول مدرج الهبوط الناعم , تلك الخطة التي وإن نجحت في هدنة إلاّ أنّها لن توفر الحل الشامل والجذري لمأساة وطن وشعب .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.