شاعران من وادى النيل الطيب السراج وعباس محمود العقاد تأليف بروف/ حدديد الطيب السراج إستعراض د.فائز إبراهيم سوميت ( 5 ) صلة الماضى : فى الحلقات السابقة التى سردها على القراء بروف/حديد السراج مؤلف كتاب , شاعران من وادى النيل , هما الطيب عبد المجيد السراج والنابغة عباس محمود العقاد , حيث إستعرض فى مقدمته الآثار التى تركاها لنا النابغتان فى مجال الأدي والشعر والبلاغة والفكر , فضلا عن مواقفهما الوطنية فى مواجهة الإستعمار إنهما قد تركا فينا تراثا علميا وثقافيا ولغويا ثريا , وجديرا بالوقوف عنده بتمعن , تمثل فى شعر وافر عالجا فيه كثيرا من القضايا الحياتية لنفسيهما ولشعبى وادى وللأمة العربية جمعاء .. حيث تناولا موضوعات متنوعة وصفا وفخرا ومدحا وتعبيرا عاطفيا وسياسيا ووطنيا وإعتزاز بتاريخ الأمة العربية الإسلامية . وفى هذه الحلقة : هولاء والسراج : بعد تلك الجولات الشاعرية والإبداعية فى تراث شاعرى وادى النيل نتوقف لنبدأ فصلا جديدا حيث فيه تناول الكثير من الكتاب والأدباء بالقلم سيرة الشاعر السودانى الطيب السراج محددين خصاله ونزعاته الإبداعية وتمكن فكره وبلاغة وصفه وقدرته الفائقة فى تطويع الكلم الذى يميل حيث تميل جملته النثرية أو لزمته الشعرية , فكان فريد زمانه لايقارعه أو يدانيه دانى .. ومن هولاء الكتاب الذين اجادوا الوصف فى السراج نقدا وتحليلا الستاذ سعد ميخائيل فى كتابه " شعراء السودان " حيث جاء تحت عنوان – الشيخ الطيب السراجى كتب يقول : ( هو الطيب عبد المجيد المعروف " برفعت " بن محمد السراجى , ولد عام 1310 هجرية بأمدرمان , حيث أتم الدراسة الإبتدائية بمدرستها الأميرية – فلما كانت سنة 1912 م إنتظم فى سلك الحكومة كاتبا بالقلم الأفرنجى بمصلحة قسم الأشغال فترجمانا فى الجيش الإنجليزى فبنحو ذلك بمصلحة الوابورات حتى ضمت إلى مصلحة السكك الحديدية .. ما برح منذ تخرج من المدرسة يشتغل باللغة الإنجليزية حتى عام 1916 م فأجادها .. على أنه كان فى هذه المدة , ومذ هو بالمدرسة يعنى بحفظ لغة العرب , فولع بها ولوعا قد خالط لحمه دمه فإلتفت إليها , ورغل فى مطالعة كتبها , فحاز فيها قسطا وافرا من النحو والصرف واللغة والبلاغة والشعر والنقد , ومن السير والنوادر والأمثال – هذا وليس سهمه فى الفقه بمنيح , ولا فى التاريخ والحديث بوغد او سفيح – كل ذلك دون الإ ستعانة بأستاذ – وإلى ذلك يشير فى قوله مخاطبا اهل العداوة والحسد : ويلمهم أين هم مما حبيت به من البيان الذى بعنو له الخطفى " 1" هو الشاعر جرير من العلوم التى ما لإمرئ منن بها على ولكن خلفة السلف " 2 " أى ما ورثه عن الآباءو الاجداد فهو يتناول بنفسه حاجة منها – والحق يقال أن الشيخ الطيب شاعر من الشعراء المعددوين فى السودان , وكاتب فاضل قوى الذاكرة , سريع الخاطر فإنه يسرد عليك من المسائل اللغوية الدقيقة فى ساعة , ما يعجز على سردها غيره فى ساعات طوال وهو بديع النظم والنثر , تأخذ كتاباته على جميع انواعها بمجامع القلوب فهو عدا ذ لك ورع تقى تفخر به التقوى وتتيه به الفضيلة إن قعد فبذكر إسم الله وإن مشى فبالإتكال على مولاه , وحسبه وكفى . قال : هل من تجافى الهوى عن طبعه بشر ليس الهوى من فؤاد السمح ينحدر إن الهوى كرم فى الطبع مثله لفظ رقيق وأخلاق لها غرر هو الحياة ومن بعد الممات له عند الأديب الذى آخى النهى ذكر عنى إليك فلا بلغت من وطر با عازلى يا غليظ القلب يا حجر إنى إمرؤ إن دعانى الحب أنصته كذلك إنى إلى الخيرات إبتدر ماللقب من دونه إلا كبلقعة من البلاقع لا ماء ولا شجر أو سرحة نزل التقدير ساحتها عجفاء جرداء لاظل ولا ثمر أو قد يحل الهوى بالقلب غير رشا كمن هويت هوى فى طرفه حور كل المحاسن حارت فى محاسنه فما كثيب وما غصن وما قمر مهفهف القد يخشى فى تبختره عليه من ثقل الأرداف ينبتر يهتز فى مشيه كالغصن حركه مر النسيم وذاك الغصن منفطر منعم خفر , ألفاظه درر فى ثغره أشر من ريقه سكر ينكل عن درر أو حصي برد أو عن أقاح وطلع شافه المطر مبتل خنث فى وعده حنث بصبه عبث ما خانه قدر سود غدائره بلج محاجره دعغج نواظره فى طبعه خفر وقال أيضا : من ذا يلوم على الصبابة صاح إن الصبابة شيمة الجحجاح إن الهوى يدعو إلى بذل الندى وحمى الحقائق كل يوم كفاح وكذلك يدعو إلى الفصاحة أن ترى اهل الهوى فى الناس غير فصاح ثم بقول السراج : متعطف فى مشيه من ثقل ما هو حامل كتعطف الأرماح فكأنه نشوان من خمر وجلة خمر اللمى عصر من التفاح يفتر عن رتل أغر مؤشر كنظيم در أو نظيم اقاحى يحبو مضاجعه سلاف مدامة مختومة بمعنبر الأرواح فى الحلقة القادمة صحبفة الشرق : ( السراج إمام اللغويين فى السودان ) [email protected]