برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    افتتاح المعرض الصيني بالروصيرص    أنا وعادل إمام    القمة العربية تصدر بيانها الختامي.. والأمم المتحدة ترد سريعا "السودان"    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الترابي
نشر في الراكوبة يوم 16 - 03 - 2016


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، ولا عدوان إلا على الظالمين:
استدعاني الأمن للاستجواب مرتين في بداية التسعينيات، وكان المحقق معي هادئًا ورزينًا، إلا عندما سألني عن رأيي في (الشيخ حسن الترابي)، فقلت له: حسن الترابي ليس شيخًا ولا علاقة له بالشريعة! فحينذاك لم يستطع الرجل أن يضبط نفسه! فأخرج مكنونات تقديسه ومبثوثات تعظيمه لذلك المخلوق، الموسوم بحسن الترابي!! مع أنه لم يُصَب بالدهشة ولا اللوعة لما قلت له أن قتالهم في جنوب السودان ليس بجهاد! إذ الجهاد يكون لإعلاء كلمة الله، وكلمةُ الله ليست العليا في الخرطوم التي تحت أيديهم، فكيف يعلونها في الجنوب؟!!!
والعجيب أن شيخهم بعد أن كان يقول: عرس الشهيد، وعرس في الأرض، وعرس في السماء، أصبح ينكر شهادتهم وجهادهم! وهذا يدل على اضطراب الرجل الفكري، واستخفافه بالسامع والتابع!
ثم دارت الأيام فلقيني شاب عام 2006، فسلَّم عليَّ بحرارة، فلما أحس أني لم أعرفه قال لي باستحياءٍ: أنا فلان الفلاني، من منطقة كذا، -وأشار إلى لحيته المحلوقة-، نحن كنا مسلطين عليكم في (مسجد الصافية) قبل مفاصلة الترابي سنة 1999، فالرجل كان تابعًا لأمن الترابي، وأخبرني أنه أُقِيل تبعًا للترابي، وطلب مني العفو والمسامحة، فسامحته فورًا!، فلما لقيتُ بعض إخواننا من منطقته سألتهم: أتعرفون فلانًا؟ فقالوا: نعم، ولكنه ترك الدعوة والالتزام! فقلت لهم: الرجل كان مُخبِرًا أمنيًّا، ولم يرجع إلى قواعده سالمًا! وتذكرت حديث (الإمام مسلم – الذي يطعن فيه الترابي) عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه فِي الْمَسْجِدِ، فَجَاءَ رَجُلٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْنَا فَقِيلَ لِحُذَيْفَةَ: إِنَّ هَذَا يَرْفَعُ إِلَى السُّلْطَانِ أَشْيَاءَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ إِرَادَةَ أَنْ يُسْمِعَهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ»، وهذا الحديث فيه ردٌّ على رجال الأمن، الذين يُفسدون ما بين السلطان والرعية!
وفي القصة عبرة، فالترابي ما كان يتحمل رأيًا مُخَالِفًا؛ إذ هو يسير على سنة فرعون: (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) [غافر: 29].
وأذكر أن جارنا سابقًا حمور محمد زيادة أخبرني أنه رفض مصافحة الترابي لما مد له هذا الأخير يده في عقد قران في مكان ما، وكان إذ ذاك لا يتعدى العشرين عامًا!
أمَّا أن يمدح الترابي تلاميذه و(مُسْتَخَفٌّوهُ) فالشيء من معدنه لا يُستغرب! و(مُستَخَفُّوه) هذه اقتباسًا عن قول الحق جل وعلا عن فرعون: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54].
وأما أن يُنَافِق بمدحه الآفك شانِئوه! ويرتزق بتأبينه المُبتَدَعِ كارهوه! ويقال لنا: ابكوه وأبِّنُوه، فلا وألف لا! {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) [الدخان]}.
ولعل بعضهم بدروشته الفقهية! وورعه البارد! وأدبه الكاسد! أراد أن يخرج من المولد ببعض حمص!!
أما شهادة الزور التي قاءها ولا أقول قالها ممثل (أنصار السنة)، ذلك العاسر الخاسر، فأقول له: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: 19].
فاشدُدْ للسؤال حيازيمك، واثبُتْ إن ملأ التُّرْبُ خياشيمك، ولن ينفعك يومئذ إنقاذ ولا تُرَابِيٌّ، واحذَرْ أن يكونَ خصمُك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، الذي طالما سخر (تُرَابِيُّكَ) من سنته، ولَعِب طول زمانه بشريعته، «فَاعْلَمْ أَنَّ الضَّلَالَةَ حَقَّ الضَّلَالَةِ أَنْ تَعْرِفَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ، وَأَنْ تُنْكِرَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ، وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنَ، فَإِنَّ دِينَ اللهِ وَاحِدٌ» كما قال حذيفة رضي الله عنه، أخرجه البيهقي، وابن الجعد، وابن بطة.
واعلم أن مؤسس جماعتك الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله، كان لا يصف الإخوان المسلمين إلا بوصف: (خُوَّان المسلمين)، فلتخرج عن جماعته، أو تحذو حذوه!
فإنا لله وإنا إليه راجعون، أي سنة ينصرها هذا المأفون.
والغريب أن الترابي أكثر من تكلم عن الموتى بالسوء، بل واستهزأ بأفضل الموتى، أنبياء الله تعالى وصحابة نبيه صلى الله عليه وسلم، فأين غيرة الموارِق؟! بل أين غضبة البوارق؟! يا داعية داعش المائق!!!
أما حديث: (اذكروا محاسن موتاكم) فحديث ضعيف، بشهادة راويه الإمام الترمذي رحمه الله، فقد قال: (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ (عِمْرَانَ بْنِ أَنَسٍ الْمَكِّيِّ)، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ، وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِئِهِمْ. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: عِمْرَانُ بْنُ أَنَسٍ الْمَكِّيُّ مُنْكَرُ الحَدِيثِ)، و(محمدًا) هنا هو الإمام البخاري رحمه الله –الذي يطعن فيه الترابي- وهو شيخ الإمام الترمذي. وكذلك ضعف الحديثَ الإمامُ الألباني رحمه الله.
لكن صحَّ (في البخاري) –الذي يطعن فيه الترابي- عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا».
بل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كما في صحيح البخاري –الذي يطعن فيه الترابي- عن لعن بعض اليهود، الذين دعوا عليه بالموت! فعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: (دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ» [والسام هو الموت في لغة العرب].
فشتَّان ما بينَ سبِّ الأموات المنهي عنه، والذي لا فائدة فيه ابتداءً، وبين التحذير من عقيدة رجلٍ ما زال فكرُهُ وضلالُه قائِمًا بعدَ موتِه! وما زال تلاميذُه يقدِّمونه على أنبياء الله ورسله بزعمهم!!
ولو كان الترابي شاربَ خمرٍ، أو آكلَ مَكْسٍ، أو ضاربَ دفٍّ، لسكتنا عنه بل ولترحمنا عليه، أمَا والرجل سليلُ ضلالة، ووريثُ عمالة؛ فلن نسكتَ عن آرائِه الزُّبالة!
ففي (صحيح الإمام البخاري الذي يطعن فيه الترابي): عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (ما علمت: (ما) مصدرية وليست نافية، والمعنى: علمي به أنه يحب الله ورسوله).
فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة رضي الله عنهم، عن لعن شارب خمرٍ لأنه يحب الله ورسوله، فهل الترابي يحب الله ورسوله؟ قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].
والإمام البخاري الذي يطعن فيه الترابي، وفَّق بين ما أشْكَلَ على بعض الناس من النهي عن سب الموتى من باب، وذكر مساوئهم من بابٍ آخَر، وذلك أن من كان ضرره لازمًا على نفسه، كشارب الخمر والزاني، فلا فائدة من سبه، ولما سَبَّ خالد بن الوليد رضي الله عنه المرأة التي زنت –بعد موتها-، سَمِعَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: «مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ» [صحيح مسلم].
أما صاحب الفكر الضال فيُذكر ليُحذر!! ولو مات قبل ألف سنة!
أما توفيق الإمام الفذّ البخاري –الذي يطعن فيه الترابي- بين الأمرين، فهو في تبويباته الفقهية الماتعة، التي يدِقُّ فهمها على عُبَّاد الهوى والضلالة، بأن بوَّب بباب (مَا يُنْهَى مِنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ) ثم أتبعه بباب (ذِكْر شِرَارِ المَوْتَى)؛ ليعلم الناس أن شرار الموتى من أصحاب الفكر الضال، يُحذر من فكرهم، ما دام موجودًا في الأنام! وإلا فعلى الدنيا السلام!
وفي صحيحي البخاري ومسلم -اللذين يطعن فيهما الترابي- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: «مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: «العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ وَالبِلاَدُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ».
فقد روى الإمام البخاري رحمه الله – الذي يطعن فيه الترابي- حديثًا فيه جواز ذكر أهل الضلال والنفاق بما فيهم، فعن أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجَبَتْ» ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: «وَجَبَتْ» فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ».
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا، فكان من خطبته أن قال: ((ألا إني أوشك أن أُدعَى فأُجِيب، فيليكم عُمَّاٌل من بعدي، يقولون ما يعلَمُون ويعمَلون بما يعرِفون، وطاعةُ أولئك طاعة، فتلبثون كذلك دهرًا، ثم يليكم عُمالٌ من بعدِهم يقولون ما لا يعلمون، ويعمَلون ما لا يعرفون فمن ناصَحَهم ووازَرَهم وشَدَّ على أعضادهم فأولئك قد هلكوا وأهلكوا، خالِطُوهم بأجسادِكم وزَايِلُوهم بأعمالِكم، واشهدوا على المحسن بأنه محسنٌ وعلى المسيءِ بأنه مُسيءٌ)). رواه الطبراني والبيهقي وصححه الألباني رحمهم الله. فها نحن نشهد أنَّ الترابيَّ كان مسيئًا أيما سوءٍ.
وبما أننا من شهداء الله في الأرض، فالترابي انطبق عليه حديث البخاري –الذي يطعن فيه الترابي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ" وفي رواية: " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا (خَالِصًا)، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ "، فما أكذبَ الترابي، وما أخلفه للوعد، وما أغدرَه بالعهد، وما أفجره في الخصام، وما أضيعه للأمانة.
وقد شهد على الهالكِ أقرب الناس إليه، عمر البشير، بوصفه له: «بالكذب والنفاق والغش باسم الدين»، وقال: «إن الترابي قضى عمره كله يغش في الناس باسم الشريعة واسم الدين» وقال: «كان ينادي بتطبيق الشريعة الإسلامية واليوم يرفضها وينادي بفتح البارات في الخرطوم والتي أغلقها الرئيس الأسبق النميري»، وقال: «الترابي كان شيخنا نثق به ولكن وجدناه رجلاً كذاباً ومنافقاً ويغش باسم الدين»، وقال: «ألم تقرؤوا بيانَه الذي وزعه يحرض فيه أبناءَ دارفور ليقتتلوا فيما بينهم».
ولا يدَّعِيَنَّ أحدٌ أنهم اصطلحوا فتنسخ هذه الشهادة؛ والشهادات من باب الأخبار لا من باب الأحكام التي يجوز نسخُها، والأخبار نسخُها تكذيب لمُخْبِرِها!
اللهم بلغنا اللهم اشهد
مختار بدري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.