تصاعدت الخلافات بين قيادات دولة جنوب السودان بالتزامن مع الذكرى الثانية لاستقلال البلاد اليوم، الأمر الذي جعل كثيرين من المراقبين والنشطاء يتخوفون من مصير الدولة التي استقلت حديثا، حيث كرر الأمين العام للحركة الشعبية الحاكمة باقان أموم أوكيج تأكيده على فشل حزبه في تجربة حكم البلاد في العامين الماضيين، مما دفع الحزب الشيوعي في جنوب السودان للمطالبة بتشكيل حكومة خلاص وطني. وقال أموم في ندوة تحت عنوان «استقلال جنوب السودان.. القصة والتحديات» إن حزبه فشل في تجربة حكم البلاد في العامين الماضيين، وأضاف أن ضعف البرامج الاقتصادية والأمنية والخدمية هي التي ساهمت وبصورة كبيرة في فشل التجربة الماضية. مشيرا إلى أن حزبه يسعى إلى تفعيل البرامج ومحاربة الفساد والقبلية والمحسوبية في الفترة القادمة، ومناشدا الأحزاب السياسية الجنوبية بأن تلعب دورا أكبر بطرح البرامج الجادة والفعالة لتحقيق التنمية في البلاد. وكشف أموم وهو يعتبر من النافذين في الدولة الجديدة، ويحمل ملف المفاوضات مع دولة السودان، عن عدم رضائه بأداء حزبه، قائلا: «في اعتقادي الشخصي لزاما علينا كحركة شعبية مراجعة أنفسنا، ولا بد من التقييم لأننا فشلنا في كثير من الأشياء»، مؤكدا أن شعب بلاده كانت لديه توقعات وآمال كبيرة، لكن الإحباط تسرب إليهم وأصبح هو المسيطر على كل شيء. وتابع: «لدينا ضعف في برامج الحكم، ولكي ننجح لا بد من التطوير والوقوف مع الذات»، مشيرا إلى أن تحديات كثيرة قد واجهت حركته قبل استقلال البلاد، متهما حزب المؤتمر الوطني (الحاكم بالسودان) بالتعاون مع بعض الأحزاب الجنوبية ممن كانت وراء العراقيل خلال الفترة الانتقالية التي استمرت لستة أعوام. وقال إن «عملية الاستفتاء لم تأتي سلما، لأننا دخلنا في معارك بعضها هزمنا فيها.. وهذا لا يعني الاستسلام بأية حال»، مقللا من قدرة الأحزاب السياسية الأخرى على هزيمة حزبه في الانتخابات المقبلة. من جهة أخرى انتقد أموم، في مؤتمر صحافي عقده في جوبا، رئيس بلاده سلفاكير لقراره تقديم كوستا مانيبى وزير المالية الموقوف بسبب التحقيقات لشبهة فساد مالي، ومعه وزير مجلس الوزراء دينق ألور. وقال إن «دوافع الرئيس في اتهام مانيبى وألور كانت سياسة»، محذرا من أن هذا الطريق قد يقود إلى كوارث للدولة الجديدة. وقال إن ذلك سيقود إلى صراعات قبلية وبين قيادات الحركة الشعبية، معتبرا أن الذين قدمهم كير إلى التحقيقات هم من معارضيه البارزين في مسألة نيته الترشح مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية. موضحا أن هناك شخصا آخر يفترض أن يتم تقديمه إلى المحاكمة في القضية وليس مانيبي والور، وقال إن ذلك الشخص - دون أن يسميه - هو الذي قام بتصديق الأموال وتحويلها. وفي تطور لافت، أقال رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير ميارديت أول من أمس تعبان دينق قاي حاكم ولاية الوحدة، الغنية بالنفط، والتي لها حدود مشتركة مع دولة السودان. وفوجئت الأوساط الجنوبية بالقرار باعتبار أن قاي من المقربين إلى كير منذ الحرب الأهلية التي خاضتها الحركة الشعبية ضد الحكومات المركزية في السودان. وشغل قاي منصب حاكم ولاية الوحدة منذ تعيينه في عام 2005، وتم انتخابه ضمن الانتخابات العامة التي أجريت في أبريل (نيسان) من عام 2010، ورشحته الحركة الشعبية في مواجهة أنجلينا تنج زوجة نائب رئيس جنوب السودان رياك مشار، رغم أنهما ينتميان إلى قبيلة واحدة وهي «النوير»، ثاني أكبر قبائل الجنوب بعد قبيلة «الدينكا» التي ينتمي إليها رئيس البلاد سلفا كير ميارديت. وتم تعيين جوزيف منتويل حاكما مؤقتا للولاية، وجاء المرسوم مقتضبا لم يوضح أسباب إعفاء تعبان من منصبه. وكان منتويل رئيسا للحركة في الولاية، وشغل منصب وزير الصحة، ثم مستشارا لكير في القصر الرئاسي. إلى ذلك طالب الحزب الشيوعي في جنوب السودان حزب الحركة الشعبية الحاكم بتشكيل حكومة خلاص وطني لإنقاذ البلاد من أزماتها المتلاحقة. وقال الحزب الشيوعي في بيان له بمناسبة الذكرى الثانية للاستقلال أن الحركة الشعبية بإمكانها الخروج من الأزمة عبر تشكيل حكومة خلاص وطني بمشاركة كل القوى السياسية وببرنامج يتم التوافق عليه. وأضاف أن الحكومة تفتقر إلى برنامج جاد، وهي تدير الأوضاع «بسياسة رزق اليوم باليوم»، مشددا على أن الشعب لم يشعر بأي تغيير في حياته بعد الاستقلال. وقال البيان إن قضايا المجاعة والبطالة والأمية وتوفير الأمن والخدمات الأساسية ما زالت تتناول من قبل المسؤولين عبر التصريحات والخطب، دون إنزالها إلى أرض الواقع. من جانبه هاجم الأمين العام لحزب جبهة الإنقاذ الديمقراطية المتحدة ديفيد بيل الحركة الشعبية الحاكمة، وقال إن الحزب الحاكم يعيش صراعا داخليا وسط قياداته وأهمل واجباته الأساسية في تقديم الخدمات إلى الشعب. وأضاف أن الحركة ورثت تقسيم الأقاليم على أساس قبلي من حكومات السودان السابقة حتى بعد استقلال الدولة الجديدة. الشرق الاوسط