هذا الشهر شهد تصعيدا خطيرا في الاحداث حيث استشهد طالبين من طلاب الجامعات ما جعل التوتر يصل مداه في الجامعات وفي الشارع على حد سواء – وقد تضاربت البيانات من وزارة الداخلية والجامعات والحزب الحاكم والمعارضة وكلها تنفي صلتها بالاغتيالات والقتل وتتهم الحكومة عناصر المعارضة بخلق الازمة وبقتل الطلبة سعيا وراء اسقاط النظام وهذه النغمة تعودنا علي سماعها في كل حالة قتل تحدث لطالب ووصل الحال بأحدهم للقول بان غالب الطلبة القتلى من عضوية الحزب الحاكم وكانه يقول ان هناك حربا بين طلبة المعارضة وطلبة المؤتمر الوطني وهذا في الواقع غير حادث فطلبة الجامعات امتداد طبيعي لجماهير الشعب السوداني ويحملون في جوانبهم ما يحدث في البيوت ، يعرفون تماما الظروف المعيشية الصعبة التي يقتلع اهاليهم منها مصاريف الجامعات وقد عبرت عن ذلك والدة الشهيد محمد الصادق حيث قالت "كنت ببيع الشاي وبتمرمط في الشارع عشان اوفر ليهو مصاريف الجامعة وكان بقول لي يا امي اصبري قربت " هذا هو حال طلبة الجامعة يحملون هموم اسرهم - امهاتهم وابائهم - فهل من الممكن لمثل هؤلاء الطلبة وفي هكذا ظروف ان يضيعوا وقتهم في حياكة المؤامرات او استخدام العنف داخل اسوار الجامعة . - تاريخيا الجامعات السودانية ودونا عن اغلب جامعات دول العالم الثالث عامة وجامعات الدول العربية بالأخص هي منارات تمارس فيها الانشطة الثقافية والاجتماعية والسياسية وتنشا فيها الروابط القبلية والاسرية والعلمية ما يقود بالفعل الي رفع مستوي وعي الطلاب بما يدور حولهم وتهيئتهم ليكونوا عناصر فعالة في المجتمع بعد التخرج – لذلك كانت من اهم المنظمات داخل الجامعات اتحادات الطلبة والتي كانت تنتخب ديمقراطيا وتفتح وعي الطلاب علي العملية الانتخابية نفسها والخطوات المتبعة فيها كتمرين مهم لممارسة الحياة السياسية فيما بعد . - - لما كان طلبة الجامعة في كل عهود الدولة السودانية هم طليعة المجتمع ومؤشره عن مدي الرضاء او عدم رضاء الشعب عن النظام السياسي كانت الحكومات تسعي الي استرضاء الطلبة او استقطابهم لدعم مشروعها السياسي – لذلك انتبهت الانقاذ مبكرا الي ضرورة تدجين اتحادات الطلبة بكافة الطرق التقليدية من اغراء وتهديد الطلبة وحل الاتحادات والتسويف في قيام الانتخابات والتزوير في نتائجها وغيرها من الاساليب التي تعرفها جيدا قيادات الانقاذ حيث كان اغلبهم من قيادات الطلبة في الجامعات السودانية ولكنهم لم يكتفوا بتلك الاساليب القديمة فقط لقد ادخلوا اساليب جديدة لتدجين الحركة الطلابية وصل حد تخريب العملية التعليمية نفسها وذلك بتسهيل دخول عناصرها للجامعات من خلال الاستثناءات التي ادخلوها علي نظم القبول – فهناك امتحانات للمجاهدين في مناطق العمليات وبتسهيلات كبيرة وهناك القبول لأبناء واسر الشهداء بتخفيض نسب الدخول والمنافسة وهناك المنح المجانية التي تقدم لأبناء قيادات المؤتمر الوطني وهناك القبول الخاص بدفع رسوم مقابل تخفيض نسبة الدخول للجامعات كل هذه الفئات من الطلبة تعتبر رصيد للسلطة داخل الجامعات واصبحت هذه الفئات كالجزر المعزولة داخل الجامعات فالإحساس بانك متميز عن الاخرين في مثل هذه السن الصغيرة تؤدي الي عواقب سلبية وقد ظهرت اعراض لهذه العواقب وبدعم مباشر من السلطات ففي كل جامعة هناك مكتب يسمي بمكتب المجاهدين مهمته قمع المعارضين السياسيين بالقوة والعنف وظهرت حالات ضرب للأساتذة داخل الجامعات ولأول مرة نسمع بان الطلبة يحتجون علي نتائج الامتحانات ويطالبون اما بإعادتها وتسهيلها او اعطائهم عناية خاصة لانهم كانوا في مناطق العمليات ؟ وسمحت السلطات لأجهزة الامن والشرطة بالدخول للحرم الجامعي ومساندة عناصر المؤتمر الوطني وتم تعين الحرس الجامعي من عناصر الامن واصبح التعامل القبيح مع الطلبة ومع الاساتذة علي قدم المساواة وبنفس السوء - اذن نحن امام وضع شاذ داخل الجامعات حيث هناك فئة من الطلاب مميزون بواسطة السلطات ولا يسالون عما يفعلون – فان يقبل طالب بمجموع اقل لأنه مجاهد او ابن مجاهد او ابن قيادى بالحزب الحاكم او بالقبول الخاص لان اهله عندهم قروش او ان يسمح بوجود مكتب للمجاهدين داخل الجامعات والا يعاقب طالب لتعديه بالضرب علي استاذه كل هذه الفئات من الطلبة المميزين لا يمكن ان يكونوا من نوع الشهيد محمد الصادق التي تتمرمط والدته في الشمس لتدفع له مصاريف الدراسة ومثله الغالبية العظمى من الطلبة . - بناء على كل ما تفدم تكون المعادلة - ان الذي يدخل الجامعة بدون استحقاق اكاديمي ويسمح له بافتتاح مكتب باسم المجاهدين ولا يعاقب عند تعديه علي اساتذته ويسمح له بان يعترض علي نتائج الامتحانات ويمارس العنف ضد زملائه بحماية من اجهزة الامن ويفوز بمقاعد الاتحاد بدعم من السلطة هو نفسه الذي يسمح له بحمل السلاح الناري او الابيض مثل هذا الطالب السوبر لا يرعوى فى قتل زملائه المعترضين لمثل هذا الخمج حتى لا يحرموا من مثل هذه النعم . شاكر شريف سيد [email protected]