اطلعت علي إحصائية مبينة للتميز العلمي في الوطن العربي ، وتحديدا في مجال الكيمياء الحيوية والبيلوجيا الجزيئية (Biochemistry & Molecular Biology) ، وهي مبذولة علي الانترنت في موقع منظمة المجتمع العلمي العربي ، ويأتي فيها اسم السودان تحت الرقم 12 من 14، علي مستوي الإنتاج البحثي بالنسبة للدول ، ولا يوجد اسم باحث سوداني علي مستوي الافراد المتميزين ..!!! لماذا .. ؟ هذا هو السؤال .. للإجابة علي هذا السؤال ، دعونا ننظر للمسألة منذ بدايتها .. في مطلع أغسطس من كل عام ، تعلن نتيجة الشهادة السودانية ، وسرعان ما يعقبها الترشيح والقبول للجامعات والمعاهد العليا كلنا يذكر أول الشهادة السودانية سنة 1983 ، النابغة خالدة عباس رمزي علي بكار ، بنسبة نجاح غير مسبوقة ، كانت 90.5% ، وكأول طالبة تحرز هذه النسبة في خلال 50 عاما .. خالدة عباس ، تقدمت بطلب للالتحاق بكلية الزراعة بجامعة الجزيرة ، وقامت لجنة القبول بشطب اسمها من كشف كلية الزراعة ، وتمت أذاعتها ضمن طلاب كلية الطب ، بنفس الجامعة واستأنفت خالدة اللجنة وتم قبولها بكلية الزراعة حسب رغبتها وتخصصت في وقاية النباتات ، والتي تخرجت منها بمعدل غير عادي ، في العام 1989 ، في كلية الزراعة وربما في الجامعة بأكملها ، واسمها الان موجود ضمن لوحة الشرف بجامعة الجزيرة .. وذكرت خالدة ان من الأسباب التي دعتها لاختيار كلية الزراعة والإصرار عليها ، انها نشأت في بيت تحفه الأشجار .. ولاحظت أن بعض الأشجار تموت ..ولا تجد من يعالجها !! وذكرت أن حالة الأشجار للعلاج .. تماما مثل حاجة الانسان !! ذكرت هذه القصة ..، لان طلاب اليوم مساكين ، لا يعرفون ماذا يريدون ، ومعظمهم يقدمون حسب رغبات اهليهم وليس حسب رغباتهم هم .. وهذا بالتالي يؤدي الي عشوائية وعدم تنسيق في الدراسة في كثير من المجالات الهامة والتي تحتاج اليها البلاد بطبيعتها ، كتخصصات الزراعة والإنتاج الحيواني والبيطرة .. فالكل يريد ان يدرس الطب او الصيدلة او تقنية المعلومات ، حسب توجيه الاهل ورغبتهم .. والتبرير في ذلك انها التخصصات ( ال بعدين بتجيب القروش ) !! وهذا بالطبع مفهوم خاطئ ، يشارك فيه الكل ابتداء من الدولة ومرورا بمؤسسات التعليم العالي ( الباحثة عن المال ) ، وانتهاء بالطلاب وأسرهم .. ولربط الموضوع بالعنوان ..فتخصص الكيمياء الحيوية والاحياء الجزيئية (Biochemistry & Molecular Biology ) ، موجود بالسودان ، ببعض الجامعات ، وهو علم دراسة المواد الكيميائية والعمليات الحيوية داخل جسم الكائن الحي ، ويركز علي تركيز ووظيفة الجزء الحيوي .. ولا تكاد كلية للطب تخلو من قسم لهذا التخصص الهام .. بل ان الدول المتقدمة الان تركز عليه وتصرف الملايين علي ابحاثه ، باعتبار أنه العلم المستقبل لاستنباط علاجات الامراض وخاصة المستعصية منها .. فلماذا لا تنشط الجامعات في عمل برامج للطلاب الجدد واهليهم ، للتعريف بمثل هذا العلم .. لاستقطابهم لدراسته والبحث فيه ؟ بل من واجب القنوات الفضائية ، التي تستهلك ساعات طويلة من بثها في الغناء والطرب والمديح والمسلسلات والكلام الكثير ... وخاصة في الفترة التي تعقب اعلان نتيجة الشهادة أن تعمل علي استضافة الخبراء ومسؤولي القبول بالجامعات للتعريف بهذه البرامج وفائدتها المستقبلية للطلاب والبلاد باسرها ... فليس من الاخلاق في شيء ، ترك هؤلاء الطلاب وأسرهم ... يتسابقون في التقديم لتخصصات بعينها ، وترك مثل هذه العلوم المهمة مهملة ، وكذلك التخصصات التي تحتاج لها البلاد وذلك حتي نري اسم السودان وباحثيه ضمن قوائم التميز هذه ... حسين المتكسي - الرياض [email protected]