شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالفيديو.. بشريات عودة الحياة لطبيعتها في أم درمان.. افتتاح مسجد جديد بأحد أحياء أم در العريقة والمئات من المواطنين يصلون فيه صلاة الجمعة    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منعم منصور .. وحلايب سودانية
نشر في الراكوبة يوم 04 - 05 - 2016

الاستاذ ابراهيم منعم منصور .. شخصية هامة فى المجتمع السوداني .. سياسيا .. واقتصاديا .. وهو شاهد عصر لقضية ظلت تؤرقنا منذ الاستقلال .. وحديثه للصحافة قبل أكثر من ثلاث سنوات .. يظل وثيقة مهمة .. خاصة هذة الايام .. حيث ظل الوطن يتعرض للعصف منذ الاستقلال .. وهذة قضية لا تنفع معها .. مصر يا أخت بلادي .. رصاص استقر فى صدور جنودنا أكثر من مرة .. وسمعنا .. عنجهية وصلافة .. وعنف لفظي من أعلى المستويات ..
وماذا قال السياسي الكبير ....؟؟؟؟؟
-1-
تم استقلال السودان بحدوده الجغرافية التي كانت في 1/1/1956م، وكان اول من
اعترف بذلك دولتا الحكم الثنائي: مصر وبريطانيا. وتعهد السودان باحترام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي ابرمتها الدولتان باسمه او ابرمتها حكومة السودان.
-2-
كان السودان
«الانجليزي المصري» كما كان يسمى يتولى ادارة مدينة «قمبيلا» الاثيوبية باتفاقية بين اثيوبيا والسودان تسهيلاً على المواطنين في الحدود بين الدولتين، ويقوم بمهام الادارة قبيل الاستقلال «جناب المأمور» بشرى حامد جبر الدار التابع لمكتب السكرتير الاداري «وزارة الداخلية فيما بعد». ومع تباشير استقلال السودان ابدت حكومة اثيوبيا الرغبة في ان تعود اليها «السيادة» على مدينتها «قمبيلا». ووفاءً لالتزام حكومة السودان برئاسة اسماعيل الازهري تمت الموافقة، وفي يوم 1/1/1956 تم انزال العلمين المصري والبريطاني من كل مدن السودان ورفع بدلاً منهما
علم السودان المستقل ذو الالوان الثلاثة: الاسمر او البني: يعلوه اللون الازرق وتحته اللون الاخضر بمساحات متساوية، ويوجد هذا العلم اليوم على سارية عالية في أم درمان بمنزل الزعيم الذي رفعه.
وفي
نفس اللحظة التي أُنزل فيها العلمان في كل انحاء السودان، انزل العلمان في «قمبيلا»
وارتفع علم السودان، ثم تم انزال علم السودان ورفع العلم الاثيوبي. واستلم المدينة مسؤول اثيوبي لادارتها، وبعد لحظات قدم له جناب المأمور بشرى حامد جبر الدار طلباً من حكومة السودان وصله مع العلم السوداني الذي ارتفع لحظات وانزل لكي يتم اعتماده «قنصل جمهورية السودان لدى بلاط جلالة الامبراطور، وهكذا أصبح بشرى أول دبلوماسي قنصلي سوداني قبل ان تتشكل وزارة الخارجية، وهكذا ايضاً استمرت مصالح المواطنين من الدولتين تجد الرعاية كأن لم يتم اي تغيير سياسي.
-3-
لم تتقدم اية دولة أخرى مصر او غيرها بطلب بأن تتسلم منطقة في داخل حدود السودان في 1/1/1956م كانت السيادة منها او تقوم بادارتها حكومة «السودان الانجليزي المصري او الحكم الثنائي
كما كان يسمى».
-4-
كانت خرائط الجغرافيا تظهر حدود السودان الشمالية مع مصر كالآتي:
الاراضي شمال حلفا وشمال خط عرض «22» غمرتها مياه السد العالي وامتدت بحيرة السد حتى داخل السودان جنوب خط العرض «22» وعرفت باسم بحيرة السد او بحيرة ناصر.
الأراضي شمال خط عرض «22» وغرب البحر الاحمر هي محل النزاع اليوم، ومنذ ان تفجر عام 8591م عندما ارسلت مصر بعثة انتخابية تدعمها قوة عسكرية لكي تقوم بتسجيل الناخبين للاستفتاء على الدستور ورئاسة الجمهورية
بمصر.
-5-
كنت بالصدفة في مأمورية موفداً من وزارة التجارة والصناعة والتموين الى مركز وادي حلفا
لإعداد تقرير عن مشكلات كل التجارة على الحدود بين مصر والسودان في تلك المنطقة، وكما هي
العادة فقد كنت ضيفاً على «مفتش المركز» وكان عبد السميع غندور «اعتقد انه اخ عبد الغني غندور وعم البروفيسور ابراهيم غندور القيادي بالمؤتمر الوطني الآن» عندما جاءته مكالمة من الخرطوم. ولما كانت التلفونات وقتها لا تسمع الا بصياح عال فقد استمعت الى كل كلمة صاح بها مفتش المركز، غير انه لاهمية المحادثة وتحرياً للدقة فقد كان يكرر ما يقال له من الخرطوم ويسجله في ورقة امامه قبل ان يصله تأكيد فيما بعد «بلاسلكي». وملخص المكالمة التي كانت من رئيس الوزراء ووزير الدفاع الاميرألاى «العميد» عبد الله بك خليل، هي ان لدى الحكومة معلومات مؤكدة
بأن قوات مصرية تحرس لجنة انتخابية سوف تدخل الحدود السودانية عند حلايب، وفي «جيب الحدود الشمالية، انظر الخريطة» في مركز وادي حلفا، وانه اي رئيس الوزراء ووزير الدفاع قد ارسل انذاراًَ شديداً الى الرئيس جمال عبد الناصر محذراً أن ذلك لن يتم الا على «جثتي» أي جثة عبد الله خليل.
أما في ما يختص بوادي حلفا فإنه قد تقرر بموافقة الشيخ علي عبد الرحمن صديق مصر وزير الداخلية «الذي يتبعه مفتش المركز ادارياً»، تقرر إعلان حالة الطوارئ في كل مركز وادي حلفا «حدود المركز تمتد جنوباً حتى مدينة ابو حمد».
وتعيين مفتش المركز عبد السميع
غندور حاكماً عسكرياً على كل المركز وتتبعه القوة العسكرية السودانية المرابطة في مركز وادي حلفا.
ان يقوم بالتقدم تسنده القوة العسكرية شمالاً حتى الحدود في نهر النيل، ويقدم إنذاراً للجيش المصري بأنه سوف يضرب
«في المليان» اذا اجتاز الحدود السودانية.
وبدون الدخول في تفاصيل ذلك الحدث التي جعلتني الصدفة وحدها وسوء الارسال التلفوني اطلع عليها واعيشها، فقد ابلغ عبد السميع غندور رؤساءه المباشرين «للعلم» فقط وهما مدير المديرية الشمالية في الدامر ميرغني الامين ووكيل وزارة الداخلية مكاوي سليمان اكرت بالخرطوم.
وتقدم عبد السميع بالقوة المتواضعة عدداً وعتاداً
والكبيرة تصميماً وحماساً واقترب من الجيش المصري، وقدم له الانذار بمكبرات الصوت ثم اتبعها بعدة «طلقات» في الهواء أحدثت دوياً عالياً بفعل «الصدى» من الجبال على ضفتي النيل، مما ادى الى استسلام القوة المصرية، وقد كانت بقيادة شخصية عسكرية معروفة في السياسة اثناء الفترة الانتقالية التي سبقت الاستقلال، الا وهو «الصاغ الرائد» محمد أبو نار الساعد الايمن للصاغ صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة المصري ومسؤول ملف السودان آنذاك.
وانتهت مأموريتي وعدت الى الخرطوم وتركت الصاغ ابو نار وقوته ولجنته الانتخابية في ضيافة عبد السميع غندور الذي اخلى لهم «فندق النيل بوادي حلفا وكانت تديره مصلحة السكة الحديد اسوة بالقراند هوتيل في الخرطوم وآخر في بورتسودان ورابع في جوبا»، وكان الموقف مختلفاً في «حلايب»، فبعد أن تحركت قوة عسكرية
سودانية من بورتسودان ومن القيادة الشرقية في القضارف قرر رئيس الوزراء ووزير
الدفاع زيارة المنطقة ومقابلة جنوده ليس فقط لرفع الروح المعنوية وانما كما اخبر المقربين اليه ومنهم عمنا زين العابدين ابو قاضي بانه «جاء» في تصريحه بان الجيش المصري لن يدخل حلايب الا على جثته. ونسبة لعامل الوقت كان لا بد ان يسافر جواً على احدى طائرتي الخطوط الجوية السودانية من طراز «داكوتا». ولم يكن هناك «مطار» في حلايب وإنما «مهبط» مهجور كان يستخدم قبل «51» عاماً اثناء الحرب العالمية الثانية لاستقبال طائرات صغيرة اغلبها من ذوات الجسم المصنع من الخشب. ولما كان الطيارون المدربون وقتها من البريطانيين يتقدمهم كبير الطيارين
البريطاني «كابتن جراهام» فقد صار لزاماً أن يقود الطائرة الداكوتا كبير الطيارين. وقد رأى الكابتن ان يقوم منفرداً برحلة الى المنطقة ويختبر المهبط وطوله وأرضيته ليتأكد من سلامة كل شيء قبل أن يعود ليقود السفرية التي سيكون الراكب الوحيد فيها «شخصية مهمةVIP » بل الاهم الا وهي رئيس الوزراء.
ولما علم عبد الله خليل بالأمر استدعى الكابتن جراهام وسأله عن جنسيته: وكيف انه «البريطاني» يود ان يتحمل مخاطرة قد تودي بحياته من اجل السودان ولا يقبل ان يشاركه المخاطرة رئيس وزراء السودان.
وسافر عبد الله بك الى حلايب مع كابتن
جراهام رغم المخاطرة وتفقد جنوده واطمأن عليهم وعلى احوالهم وعدتهم وعتادهم واطمأنوا هم به وعاد
سالماً في انتظار اللحظة الحاسمة.
وتغلبت الحكمة على عبد الناصر واوقف العملية كلها، غير انه نكاية في عبد الله خليل ارسل برقية الى الامام عبد الرحمن المهدي متجاهلاً رئيس الحكومة بأنه اي الامام عبد الرحمن يعلم ان
مصر لن تعتدي على السودان وانها في علاقاتها العربية «تحمي ولا
تهدد وتصون ولا تهدد» وهي العبارة التي اصبحت فيما بعد وبعد ان هدأت الخواطر يرددها دعاة القومية العربية وحفظها غيرهم ومازالوا يرددونها.
غير أن «الحكمة» التي تغلبت على عبد الناصر كان لها دافع خفي اقنع به
الزعيم المتحمسين من زملائه، وهذا الدافع هو أن عبد الله خليل قام
برد عملي بأن طلب من وزير الخارجية محمد احمد محجوب أن يتقدم بشكوى الى «مجلس الامن» ضد مصر بأنها تهدد حدود السودان الشمالية وتسعى للاعتداء عليه. واقنع الزعيم زملاءه بأنه في «حرب» مع اسرائيل وهي دولة معتدية، ولا يسمح بأن تفتح جبهة مع دولة عربية تعتبر مصر هي دولة معتدية، وهكذا ظلت المشكلة نائمة صاحية لم توقظها مصر مرة أخرى ولا ثورة 71 نوفمبر ولا ثورة مايو ولا الديمقراطية الثالثة ولا حكومة الانتفاضة ولا.. ولا.. الى ان جاء الاتهام باغتيال الرئيس حسني مبارك فأيقظها وايقظتها مصر.
غير أن السؤال الذي لم أجد له إجابة: هل سحب السودان عبر كل هذه الحكومات الشكوى التي تقدم بها الى مجلس الامن ام مازالت موجودة؟
وسحب عبد الناصر جنوده من
حلايب ومن منطقة حلفا.. وغمرت مياه السد العالي جيب الحدود شمال خط عرض «22». ولكن المشكلة وهي ترسيم الحدود السياسية لم يتم حسمها، بل ولم يتطرق اليها أحد حتى الآن، بل أكاد أجزم انه لا يتذكرها احد باعتبارها حدوداً او مياها اقليمية او اي شيء سوداني. وظل الحديث يدور فقط عن «حلايب» غير أنه يوما ما وعندما تقوم الدولتان او احداهما بتطوير استغلال أسماك بحيرة السد العالي سواء للاستهلاك الداخلي او للتصدير، سوف تتداخل المصالح وتتشابك وتظهر مسألة «المياه الاقليمية» لكل دولة. وقد اقول قد يحدث ما يحدث حالياً بين كل الدول من احتجاز
ولا اقول اعتقال لقوارب الصيد والصيادين لاحدى الدولتين بواسطة الاخرى. والاحتمال وارد ما دامت المشكلة موجودة ولم يتم حلها، بل ولم يفكر أحد في انها قد تحدث ذات يوم إلى ان يتفاجأ بها الجميع.
والمفاجأة قد تكون بسبب حدث سياسي أو عسكري أو أمني..أو .. أو... تماماً كما حدث عندما اتهمت مصر السودان بمحاولة اغتيال الرئيس محمد
حسني مبارك في إثيوبيا، فكان رد الفعل ان
اصدرت «قانوناً» بأن منطقة «حلايب وشلاتين» ارض مصرية وضمتها اليها، وعينت لها حكومة ادارية وحماية عسكرية دخلت في مناوشات مع القوة العسكرية السودانية إلى ان تدخلت هذه المرة «الحكمة» من جانب الحكومة السودانية وأوقفت المواجهة.
أهل شرق السودان وأهل حلايب لم يقبلوا
بالطبع «حكمة» حكومة الخرطوم، وظلوا في حالة غضب يعلو لدرجة اتهام حكومتهم بأنها لم تدافع عنهم وفرطت ليس في «شبر» بل في «اميال» هي كل ارضهم وارض الوطن.
هل من حلول
إذا كانت «مصر حسني
مبارك» رفضت «التفاوض» على جزء من ارض مصر فلن تجرؤ حكومة مصرية على أن تكون أقل وطنية» من حكومة «الفلول» فتفاوض السودان، فهذا الحل طريقه مسدود.
ورفضت حكومة «الفلول» قبول التحكيم على ارض مصرية. وبما أن «التحكيم» لا يتم الا بقبول «الطرفين» فإنه ليس من المتوقع
ان تقبله حكومة «الثورة» او اية حكومة بعدها. اذن هذا الحل أيضاً طريقه مسدود.
وبدأت المقترحات التي لا تؤدي إلى حلول، وسوف يثير تطبيقها على الواقع مشكلات جديدة: حلايب منطقة تكامل.. حسناً ما هي حلايب، المصرية ام السودانية، وما هي حدودها.. ومن يديرها وما هي جنسية سكانها ولمن السيادة عليها.. قضاء وحكماً.. وأمناً اقتراح
يؤجل المشكلة ويثير بدل المشكلة مشكلات.. إن
هاجس الأمن في مصر لن يسمح بالتكامل الذي يتحدث عنه البعض، اذ ان مصر تعيش دوماً مهما كان نوع الحكومة فيها على أن حدودها يحرسها «الأمن» قبل الجيش: خاصة أنها لا تثق في كفاءة أجهزة أمن اية دولة على حدودها.. ترى ما الذي ظل يؤجل اتفاق الحريات الاربع سوى هاجس الأمن.
لقد ظلت تعبئة الشعب السوداني منذ أن ظهرت مشكلة حلايب وعلى
مدى عشرات السنين بأنها «أرض سودانية»، وظل
موقف مصر الرافض للتفاوض والتحكيم بشأنها باعتبارها ارض مصرية داعماً قوياً لهذه التعبئة، وزاد من ذلك ضم المنطقة إلى مصر بقانون لا يلغيه او يعدل فيه الا قانون: وهو امر شبه مستحيل.. وقد تجاوزت هذه التعبئة الشعب ووصلت الى الجيش، ولم تكن هناك تعبئة شعبية تقارب تلك التي في السودان الا بعد الاتهام باغتيال رأس الدولة في مصر، ثم دعم القانون تدخل عسكري هو حرب طالت الحدود والوجود السوداني. وإذا لم يشعر المواطن العادي في الخرطوم وبالتالي في الاطراف بما يغلي في صدور أهل الشرق تماماً كما لم يشعر اهل الخرطوم بمعاناة اهل دارفور وجبال النوبة
وبقية الهوامش بما فيها الشرق نفسه، فإن «انفجار» الشرق قد لا قدر الله يفتح جبهة عسكرية رابعة كما يتوقع محللون وخبراء سودانيون وأجانب. وهذه المرة جبهة ذات اتجاهين: جنوبي نحو الدولة السودانية وشمالي نحو الدولة المصرية. وهو ما ظلت تتحاشاه الدولتان منذ 8591م.
- 01-
ما العمل.. لا فائدة من «تغطية النار بالشوك» فإنك قد تتخلص من وخز الشوك لحظة غير أن الدخان الذي يأتي من احتراقه قد
يؤدي الى «الاختناق»، كما انه في النهاية لا بد أن يلتهب ولا يقف لهيب الشوك عند حدود الشوك.
والقول بأن لدى مصر الآن «مشكلات» وعلينا ألا نضيف اليها مشكلة حلايب كمال قال د. نافع علي نافع، لا ينسينا أن لدى اهل الشرق الآن ايضا مشكلات وحلايب على رأسها، فهي البلد والاهل والارض، ثم ذكرت وسائل الاعلام المصرية في ابريل 3102م ان
وزير البيئةالسوداني «وأرجو الا يكون حسن هلال» قال في مصر «يا أخوانا سيبونا نديرها لكم ادارياً زي زمان» وهو حديث يوحي بأن السيادة السياسية على حلايب مصرية، ولم تعلق عليه الصحيفة المصرية بل وضعت فقط علامات تعجب اربع هكذا «!!!!» وكلا الحديثين «مجاملة في غير موضعها». وازاء هذا الموقف
فإن المواطن في السودان وبالاخص في الشرق والمواطن في مصر وبالاخص في الشارع، سيظل في حالة استنفار دائم، وقد تشعل «طلقة» عشوائية او مقصودة من هنا او هناك حرباً مهما كانت محدودة الموقع او الاثر فإنها سوف تترك جرحاً لن يندمل في جسد الدولتين مهما حاولت السياسة أن تداويه.
إذا كانت الدولتان تتحدثان «مايو 3102م» بأن
كلاهما دولة الإسلام، فإن قتال مواطني وجيش كل
منهما للآخر دمار في الدنيا ونار في الآخرة. وهكذا مصير المسلم اذا استل سيفه لقتال اخيه المسلم كما جاء في الأثر. ولا ندري عندئذٍ في صف اي منهما سوف تحارب الملائكة كما ذكر د. نافع علي نافع «الصحافة 22 مايو 3102م، محذرا الجبهة الثورية، اللهم الا اذا تغير النظام في مصر الى دولة مدنية.
الحل: أرى بكل تواضع انه في ظروف وجود دولتين متوافقتين في المنظور الديني السياسي أن تتفقا بإحالة الأمر الى محكمة العدل الدولية. وإذا رفضت مصر فالرأي هو ان يتجه السودان الى محكمة العدل الدولية، وليس في اللجوء الى المحكمة ما يسبب عداءً وخصومة او حتى عتاباً، لأن الطرفين أعضاء في تلك المحكمة، وقبول عضويتها يحمل الرضاء التام بأن العضو يقف امامها «مدعياً او مدعى عليه».
وبدون قرار من محكمة دولية ستظل المشكلة عالقة شوكة في حلق كل من مصر والسودان، وعلى كل طرف ان يقنع شعبه بأن يقبل الذهاب للمحكمة وأن يقبل الحكم. وهنا لا مجال لاتهام أية حكومة بأنها فرطت في حق شعبها.
وحتى إذا عادت مصر وقبلت «التحكيم» فإن نهايته هو أن تقره محكمة العدل الدولية ليكون ملزماً.
رجاء ثم رجاءً لا تتركوا المشكلات تنمو.. وتنمو.. حتى يستحيل حلها الا بالحرب والسلاح والقطيعة.. ثم
الاتهام بأننا مستهدفون في الهوية وفي المشروع الحضاري. إن «التصعيد» الذي حدث في الدولتين لن يقنع اية جهة في البلدين بأن الحل سيكون «اتفاقاً» بالمفاوضات التي تعني «التنازل» من طرف للآخر.
وخير للدولتين في حالة الصفاء الذي يسود العلاقات بينهما الآن وقبل أن «يتعكر» كما هو حال السياسة بين مصر والسودان، خير لهما أن
تحمل وسائل الاعلام في صدرها:
السودان ومصر يتفقان على رفع مشكلة حلايب والحدود الشمالية الى محكمة العدل الدولية.
هذا خير من أن يكون الخبر في صدر وسائل الاعلام:
السودان يشكو مصر إلى محكمة العدل الدولية بشأن حلايب والحدود الشمالية.
إن محكمة العدل الدولية هي البديل السلمي الأوحد في نظري لحل المشكلة، وأرجو ونحن نتقدم بالشكوى ألا ننسى جيب الحدود الشمالية. وبعد أن يصدر الحكم وتعرف
كل دولة حدودها ويعرف كل مواطن من الطرفين ارضه وبلده وبعد أن يحمل كل شخص جنسيته.. بعدها يمكن أن نتحدث عن التكامل والتعاون والجوار وتجارة الحدود.. وهلمجرا.
وهناك موضوع آخر وفي سياق متسق كما يقول الإعلاميون وهو «مثلث اليمي»، وهو ارض سودانية ويقع على الحدود السودانية الإثيوبية
الكينية، ويعتبر منطقة مقدسة تتعبد فيها قبائل من الدول
الثلاث، وقد عهدت الحكومة السودانية منذ عهد الحكم الثنائي قبل الاستقلال بإدارتها الى «كينيا وهي مستعمرة بريطانية ثم وهي دولة مستقلة»، وذلك تسهيلاً لقبائل الدولة الثلاث.. وكان أول مدير للمديرية الإستوائية بعد الاستقلال علي بلدو ومن جاء بعده يبحثون باتفاق مع وزارة الخارجية السودانية رسائل سنوية إلى حكومة كينيا يذكرونها بأنهم يسمحون لها بالاستمرار في ادارة المنطقة «السودانية».. ترى هل تتذكرها الآن حكومة جنوب السودان: أرجو ذلك، فالعشم مازل في ان يعود «السودان «السودان» مرة اخرى، ويظل المثلث أرضاً سودانية إن لم تكن للسودان
فلجنوب السودان.
ونسأل الله التوفيق.
الصحافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.