قبل ثلاثة عام عندما اندلعت احتجاجات سبتمبر العظيمة في تلك المرحلة الحرجة لاحظت إنقسام القوى السياسية في السودان آلى مجموعتين " مع - ضد " التظاهرات. هذا التقسيم كان داخل المعارضة السودانية . تساءلت حينها ما هي الأسباب الحقيقة ؟ . لأن كان من المفترض أن تقف كل القوى السياسية السودانية مع تظاهرات الطلاب و الشباب السوداني الذين خرجوا من المدارس ،و الجامعات ،و المنازل ،و المساجد ، و الأسواق أي كل " الفئات " و في كل ولايات السودان و قدم الشعب شهدا في كل السودان . و أظن ان هذا المشهد يتكرر كل عام عندما يحدث احتجاجاً في السودان، و نعتبر هذه مشكلة تقف أمام التغيير السياسي المنشود . و يمكن أن نحلل هذا الموقف السلبي كالاتى : ■ التنظيمات التى تشارك بطريقة ما هي تنظيمات ليس لديها ما تخسره اذا سقط هذا النظام " الان " . إذن هي تهدف لإسقاط نظام الانقاذ و الوسيلة هي الثورة . أما التنظيمات التى ضد التغيير أو الإحتجاج هي تنظيمات { ديناصورات } تنظر إلى إسقاط النظام عبر ثورة على انه خطر على مصالحها الشخصية إذ كانت مادية أو أيديولوجية . و أنها تصنع مجموعة من الحجج الكاذبة أكثرها : [ الخوف من حدوث فوضى كما حصل في ليبيا و سوريا أو يمكن أن يأتي نظام أكثر بطش بالشعب السوداني ] . ناسياً بأن أزمة السودان الآن هي ليس فقط في التدهور الاقتصادي أو الأمنى بل انه ازمة وجود و كرامة و حرية و بإن ما صنع و أوجد هذه الأزمات هو نظام الإنقاذ و بعضها موروثة منذ الإستغلال . و لكن أن الثورة التى يمكنها إسقاط نظام ديكتاتوري مثل نظام الإنقاذ هي ثورة لا يمكنها أن تحدث إلا عندما يصل الشعب السودان لدرجة معينة من الوعى و النضج السياسي و الأمنى و الثقافي و وجود قاسم مشترك . و هنا تتلاشى تكل الأمراض مثلا القبلية، أو الإثنية، و العنصرية . و كذلك لابد أن نوضح أن الثورة لا يمكنها أن تصنع و لا تصنع من قبل أي حزب سياسي مما يضمن خلوها من أي موجه ايديولوجي أو طائفي أو اثني . اذن هذا الوهم يمكن أن نقول بسبب ضعف هذه التنظيمات على المستوى السياسي و الأستراتيجية و مستوى البنية التنظيمية . لانها لا تسطيع أن تقود الثورة إذا حصلت و لا تسطيع التنبؤ بما يحدث في لحظة الثورة و ما بعد الثورة و هذا يتمثل في معظم التنظيمات اليسار السوداني " الاثرية " لانها لا تضمن من سوف يأتى للسلطة و لانها تعرف جيداً ليس هي بتلك القوة التى تمكنها بصنع رأى عام و تسويق أفكارها في الساحة السياسية السودانية . ■ اما الوهم الآخر فينظر للثورة بأنها باب للجحم من حيث الحروب الأهلية و الإثنية، و الطائفة، المذهب الديني ، و تقسيم جغرافية السودان . و هذه هي التنظيمات التى مجال عملها يتركز على خطاب ايديولوجي ديني لتسويق برامجها السياسي . هذا التنظيمات {المقدس } 0 نقطة مخاوفها ليس من يحكم أي " السلطة "، بل تخاف من وعى الشعب السوداني بحقيقة القضية أو الأزمة السودانية فعندما يفهم الإنسان السوداني بأن أزمة السودان مثلاً الاقتصادية هي ليس غضب من الله بل بسبب سوء التخطيط الإقتصادي وعدم استخدام موارد السودان بطريقة علمية تدخل، و الغرب ليس من أجل تدمير الدين و الثقافة بل من أجل مصلحتهم الإقتصادية و الأمنية و السياسية . فهنا يسقط رأس مال تلك التنظيمات السياسية لأنها تعتمد على مخاطبة العاطفة الدينية { ملكة التجربة الدينية } و هذه هي الحقيقة . إذن أزمة التغيير في السودان بسبب هذه النازعات داخل البيت السياسي المعارض . و التغيير أصبح رهن هذه الأزمة و لكن لابد أن نوضح ليس الثورة أو إسقاط نظام الإنقاذ مرهون بحل أو معالجة هذه الأزمة و لا بوجود هذه التنظيمات السياسية بل متجاوز لها ■ ان الثورة درجة من الوعى الشعبي و أن دور التنظيمات إذ وجد هي المؤسسات التى يمكنها تنظيم الثورة في ما بعد أو تعمل مؤسسات للإرشاد و نشر الوعى هذ الأزمة توضح لماذا لا يتفاعل الشعب السوداني " الشارع " بمعظم الأحداث السياسية و الأقتصادية التى تمر يومياً في السودان .؟ و لماذا تفقد يوميًا القوى السياسية و النظام الحاضنة الأجتماعية. .؟ إذن هل لا يوجد دور الآن للتنظيمات السياسية السودانية .؟ يوجد دور منوط بهذه التنظيمات كالأتي ■ أولا هو أحدث تغير في داخلها و تطور آلياتها السياسية و الفكرية بحيث تصبح ديموقراطية لأن لا يوجد لديموقراطية بلا ديمقراطيون. ■ ثانيًا هو وضع برامج توعى للشعب السودان لمعرفة حق الشعب و حقيقة الوضع السياسي و الاقتصادى و الأمنى و هذا يتطلب درجة عالية من الصدق و الاخلاق . اخيراً نقول بأن التغيير قادم و نظام الأنقاذ الديكتاتوري ذاهب إلى السقوط إذا شاركت هذه الأحزاب { المستنقعات } أو لم تشارك و حتى لا تتلاشى بعد التغيير و من أجل أن يكتب اسمها في التاريخ بصورة إيجابية لابد أن تعمل من أجل مصلحة الشعب السوداني و الوطن ليس من أجل مصالحها السياسية أو الايديولوجية. [email protected]