*بذات الهدوء اللطيف الذى يخفى بركاناً من التمرد والسيل الانساني المنساب دفئاً وشعراً وتغني ، إنسل من حياتنا الأستاذ / سعدالدين ابراهيم إنسلالاً شفيفاً ومضى لجوار ربه مرضياً عنه من شعبه ونسال الله ان يكون مرضياً عند ربه ، كان كما النسمة بابتسامته المضيئة على الوجه الوضيئ ، قلب طفل يسكنه وطن بكل جراحاته ومعاناته وأزماته فكان يتقاسمه الشاعر والصحفي والثائر والدرامي ومالايعرفه الناس المحلل السياسي وأكثر من كل هذا الإنسان السوداني العادي البسيط المشهور ، يمتلئ قلبه بحب الناس بكل سحناتهم واختلافاتهم ومشاربهم المتباينة يظلهم بظله بلا أحقاد وبلاسابق احكام يعلمهم ويتعلم منهم وهو المعلم ، يحمل فى جيناته خصائص الأولياء الأنقياء .. برهافة حس الشاعر ، وقيم الإنسان السوداني وظرف النوبي القح..ومضى مسيرته كبصمة متفردة لاتتكرر..فرحل خفيفاً كما عاش لطيفاً.. * بدأ سعد طريقه الإعلامي من مجلة "الإذاعة والتلفزيون والمسرح"، ثم مجلة "الملتقى"، و"الحياة والناس" رئيساً لتحريرها، فرئيساً لتحرير "ظلال"، وصحيفة "الدار"، كما ترأس تحرير صحيفتي "الحرية" و"دنيا" والجريدة ، كما عمل كاتبا في صحف "الصحافة" و"الرأي العام" و"حكايات". وقد مثلت رئاسته لصحيفة الحرية التى غدرت بها الخطة الجهنمية لما اطلقوا عليها وقتها (الشراكة الذكية )وهى فى حقيقتها حيلة خبيثة للتضييق على المناهضة وتدجين الأقلام ، المهم ان تجربة صحيفة الحرية قد كانت علامة فارقة فى مسيرة فقيدنا الكبير السياسية ، فلقد جاء اليها من رئاسة تحرير صحيفة الدار ليجلس على سدة منبر يضم الأستاذة امال عباس وأبوبكر الأمين والحاج وراق وصلاح عووضة وامل هباني ونزار ايوب عليه الرحمة وشخصي الضعيف وكثر من المدارس السياسية المختلفة يجمعهم مناهضة هذا النظام ، ظل سعدالدين يعاونه مدير التحرير الأستاذ ادريس الدومة .. *كان الفقيد كأنه يجلس على فوهة بركان هادر من المعارضة الشرسة التى جعلت يومه بين النيابات ومكاتب الأمن والاستدعاءات وغضب الكتاب من الخطوط الحمراء وظل بطبيعة شخصيته المحببة وأفقه السياسي يواصل التطور وأدار تجربته الرائدة بحنكة يحسد عليها وسيأتي يوم يسجل فيه التاريخ أن سعدالدين ابراهيم كان أمهر ربان صحيفة معارضة فى تاريخ الصحافة السودانية الحديث حتى اغتالت يد الغدر صحيفة الحرية فاغتالت مسيرة وطن نحو غد بلاقيود ، فقامت صحيفة دنيا التى سرعان ماتم التآمر عليها ويوما ما سيعرف الشعب كيف الموؤدة وئدت !! ثم عاد الرجل كأول رئيس لتحرير صحيفة الجريدة الحالية فوضع لمسته التى لاتخطؤها العين المجردة .. *وأرشيف الجريدة يحفظ للراحل الكبير الوجه الخفي وهو يكتب أرفع التحاليل السياسية عبر كلمة الجريدة والتى لم يكن يمهرها باسمه إنما فقط كلمة الجريدة فهذا الرصيد السياسي لم يكن يخفيه جبناً او تردداً انما هو التواضع المحض ، وعندما اختار اسم عموده (النشوف اخرتا) جلسنا سوياً نستعرض عددا ًمن مقترحات الأسماء ، فصمت طويلاً وهو يقول هسي انتو اتلميتوا علي شيوعيين وجمهوريين وكيزان وناشطين دى آخرتا شنو وضحك بطفولته البريئة وكتب النشوف آخرتا.. وكان ميلاد العمود الشهير وبالأمس قد شاف آخرتا .. وجعل رحيله دموعنا تخرج من المآقي .. فهل كنا نبكي سعدالدين ، ابداً سعدالدين حي فى ابتسامات الطفولة وفى مواقف نبل الإنسان وفى التعبير عن هموم الحزانى وفى ابنائه محمد وابراهيم وسارة ومرح ووهج ووالدتهم البازخة الاستاذة / سعاد فمثل سعدالدين لايبكى عليه انما كنا نبكي إفتقادنا لمن كان يظلنا بالمحبة .. كنا نبكي انفسنا التى لم يتسنى لها ان(تشوف آخرتها ) .. اخي سعدالدين ابراهيم سلام عليك فى الخالدين.. وسلام ياوطن.. سلام يا قد أخذت هذه الزاوية استجمامة قسرية بايقاف قاهر ، وسنواصل معكم المسيرة عبر هذا الفضاء الإسفيري المفتوح ، شعارنا ان قلم الظلم مكسور ..وسلام يا.. الجمعة /13/5/2016