التصريح الأخير والخطير الذى صدر من الشيخ "الغنوشى" زعيم إخوان تونس وهوأحد أهم الشخصيات فى التنظيم العالمى للأخوان المسلمين الذى يضم أكثر من 90 دولة، يعد بمثابة الزلزال الحقيقى الذى واجه هذا التنظيم الماسونى منذ أن أسسه المرحوم حسن البنا الساعاتى عام 1928 والذى يهدد الأمن والسلم فى العالم كله، بعد زلزال إقتلاعهم من السلطة فى مصر - المهمة للغاية لهم - بواسطة ثورة شعبيه جارفة بعد عام واحد من حكمهم الذى اظهروا فيه كل قبح، مدعومة تلك الثورة بجيش وطنى يعرف جيدا مسئولياته الوطنيه مهما قدم من تضحيات. على اى ناحية أتجهت اراء وتحليلات الكتاوب المفكرين حول تصريح الغنوشى، فمن لا يثق فى الإخوان ويرى أنها خدعة إخوانية معه حق، ومن يرى أنها محاولة لإعادة التنظيم الذى واجه إنكسارا وتراجعا وإنحسارا جماهيرا فى بلد مثل تونس يتمتع أهله بثقافة عاليه، كذلك له حق. الطريف فى الأمر تذكرت هنا نكتة " من يقنع الديك"، فمن يقنع الرئيس الليبرالى السابق (المرزوقى)، بحقيقة الإخوان المسلمين الذين يدافع عنهم وعن ديمقراطيتهم، وحليفه (الغنوشى) يعترف صراحة أو ضمنا بعدم تمتع فكر الأخوان المتكئ على فتاوى إبن تيمية وسيد قطب، الإرهابية (بالديمقراطية) وعدم إعترافهم كذلك بمفهوم الدولة (الوطنية)، حينما قال بإنه (تونسى) أولا .. وأنه يعمل لتحويل الحزب الى كيان ديمقراطى، مما يعنى سقوط فكرة تنظيم (المرشد) عنده وسقوط فكرة دولة الخلافة، والرئيس الذى لا يعزل بحسب الفقه الإسلامى حتى لو بغى وفسد وفشل، وقبل ذلك يؤكد تصريحه أن الحزب لم يكن ديمقراطيا من قبل وبالتالى كل الأحزاب أو الحركات الإخوانية أو الشبيهة به. بل إعترف بما هو أخطر من ذلك موجها نقده وإتهامه الخطير "للتنظيم" العالمى وبأنه يمارس الإرهاب، فماذا ينتظر العالم بعد شهادة الغنوشى وهو من اهلهم، لكى يصنف هذا الفكر وهذه الجماعة بأنها "إرهابيه" وأن يحظر قادتها من السفر وأن تجمد حساباتهم البنكية وأن تمنع الأنظمه التى تحكم وفق فكرهم ومنهجهم من الحصول على السلاح؟ على كل حال تصريح "الغنوشى" غير مستغرب بناء على ما تقدم من فرضيات، يمكن أن تضاف اليها جوانب آخر مثل أن نائب الغنوشى رجل تثير الكثير من ارائه - المستنيرة - الإنتباه فقد سمعته مرة يتحدث على خلاف جميع الإسلاميين عن قناعته بمفهوم الدولة الوطنية ذات السيادة والحدود الجغرافية المعروفة طالما اصبحت لغة الغصر، الأمر الآخر ان الغنوشى قد بلغ مرحلة متقدمة من العمر، من المؤكد أنه راجع نفسه كثيرا قبل أن يلحق برفاقه الذين قبروا وهو يعلم بأنهم أجرموا كثيرا فى حق أوطانهم والإنسانية جمعاء، قتلا وتعذيبا وتهجيرا قسريا وأن قادة التنظيم وكوادره فى غالبيتهم غير وطنيين أو مخلصين لأوطانهم، ويمكن من أجل الوصول للسلطة وتحقيق أى (إنتصار) لا تدرى فى اى مجال، أن يتحالفوا مع الشيطان وان يلحقوا الضر والأذى بالبسطاء، الم يعترفوا فى السودان بأنهم كانوا يشترون المواد التموينية ويرمونها فى النيل خلال فترة حكم (النميرى)، لكى يحدثوا الأزمات؟ ثم عادوا بعد ذلك للتحالف مع معه وسنوا له القوانين التى تجلد وتعدم وتقطع الأوصال من خلاف؟ على كل حال الذى أقدم عليه "الغنوشى" وأقدمت عليه حركة النهضة التونسية سوف يكون له ما بعده وهو زلزال حقيقى داخل جسد التنظيم العالمى للإخوان بكلما تحمل الكلمة. أما بخصوص اللطمات المتتالية التى تلقاها النظام الذى يظن أنه اذكى من العالم كله وهو أجهل من (فراشة) فبعد المجهود المضنى الذى بذلوه من أجل التخلص من قوات اليونيميد فى دارفور والذى لا استبعد إستعانتهم فيه بالمال وبموظفهم الأممى (امبيكى) على الأقل لسحب قوات جنوب أفريقيا، ثم بعد الإبادة الجديدة التى أرتكبوها فى دارفور مستخدمين المليشيات التى أعلنوا بعدها خلو دارفور كلها من (التمرد) كما قالوا وكما أدعوا، صدرت إعلان مجلس الأمن رقم 2265 الذى يقع ضمن الفصل السابع والذى يتيح التدخل العسكرى كما حدث فى العراق وليبيا وإن رأى البعض أنه ناقص بسبب عدم فرض حظر جوى لا تستبعد إضافته لاحقا خاصة بعد المذبحة الدموية التى حدثت فى جبال النوبه. لكن اللطمه الحقيقة فى مجلس الأمن هى التى حدثت من الصين التى اربكهم موقفها بعد أن ظنوا انها لن تفعل ذلك لأنهم خصصوا لها مساعد رئيس جمهورية لا دور له غير شئون الصين مثلما أوكل لمساعد رئيس الجمهورية الذى يعانى أهله فى الشرق من الفقر والسل - موسى محمد أحمد - ملف المدينة الرياضية فى الخرطوم ولعبد الرحمن الصادق المهدى) - يا خسارة - ملف (منع التدخين) للإطباء فى مستشفى الخرطوم، ولإبن السيد/ محمد عثمان الميرغنى - يا للخسارتين - ملف لا أعرفه طبيعته ولا اريد أن اعرف، ويكفى انه يعمل لكى يرث زعامة حزب بعد والده يقترن إسمه (بالديمقراطية)، فهاهو الغنوشى يعترف بأن (الإخوان) لا علاقة لهم بالديمقراطية. لطمة أخرى قد لا يعرفون بسبب جهلهم وعدم قراءتهم للأمور على نحو جيد مدى أثرها فى المستقبل القريب وهى زيارة (نيتنياهو) لإثيوبيا وهم كانوا يظنون أنفسهم بأن أثيوبيا حليف لهم مثل أرتريا، دون قراءة حقيقية لموقف البلدين (الكاره) للنظام (سرا) والمتوجس منه (خيفة)، لكنهما مضطرين للتعامل معه من أجل مصالحهما، حيث يمثل السودان بموقعه الجغرافى عمقا إستراتيجيا، لكل منهما إذا إنحاز الى اى طرف من الطرفين شكل خطرا كبيرا على الطرف الآخر. أنها لطمات قوية وعنيفة ومتتالية وسوف تتبعها لطمات أخرى وكلما ظنوا أنهم خارجين من هذا النفق عادوا مرة أخرى الى جوفه العميق، لأنهم وهم يدعون علاقة بالإسلام لا يتأملون قول رب العزة وهو اصدق القائلين: "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين". الذى يحيرنى أن بعض المتهافتين على النظام والمسطحين للأمور، والمعارضين على طريقة مسك العصا من وسطها يتحدثون عن الخطر المحدق على الوطن وأن يتم التمييز بين معارضة النظام ومصلحة الوطن، بدلا من أن يوجهوا حديثهم ونصائحهم لنظام فاشل وفاسد، ويسألونه، لماذا من أجل مصلحة الوطن لا يحل مليشياته الخمس وأن يرحل غير مأسوف عليه لكى تحل جميع مشاكل هذا الوطن وأزماته وديونه وخلافاته مع الدول العظمى والصغرى، وأن تتم المحافظة على حدوده وما تبقت من خارطة الوطن وأن يعود أهله ومعهم الخبراء والعلماء والمخلصين للمساهمة فى حل مشاكله، هل (الوطنية) عندهم إستثناء؟ ختاما .. "فى الدولة الدينية - الإسلامويه - والطائفية، يقسم المواطنون على اساس مسلمين وكفار، وإسلاميين وعلمانيين وسنة وشيعة، أما فى دولة المواطنة مثل الهند، يعيش الهندوسى الذى يعبد البقر فى حب وإخاء ومساواة مع المسلم الذى يأكل لحمه"؟ تاج السر حسين [email protected]