مُؤتمر الطُلاب المستقلين والروابط الأكاديمية والإقليمية (1) عندما كانت جامعة الجزيرة في كامل طاقتها الإستيعابية الطلابية كان العدد الإجمالي للطلاب يزيد عن الألف طالب وطالبة بقليل موزعين علي أربعة كُليات هي الزراعة والاقتصاد والتكنولوجيا والطب. جميع طُلاب السنة الاولي كانوا في السنة الإعدادية بغض النظر عن الكلية التى قُبلُوا فيها. طلاب الزراعة والإقتصاد والتكنولوجيا كان سكنهم ومقرهم النشيشيبة بينما الطب والطلاب الجُدد (البرالمة) فسكنهم ومقرهم الإعدادية جنوب مستشفي ودمدنى. نظرياً كانت الروابط الأكاديمية منضوية تحت مظلة دستور الإتحاد والجمعيات التخصصية الطلابية منضويةٌ تحت دستور الرابطة الأكاديمية. أما الروابط الإقليمية فلم يكن يحكمها دستور الاتحاد وليست تابعة له. توزيع الكليات بطريقة (جغرافيا المكان) جعلت الثُقل الطُلابي العددِي بالنِشيشِيبة بحوالي سبعين بالمائة مقابل ثلاثين بالمائة من إجمالي الطلاب بالإعدادية. تركزت قوة وثقل مؤتمر الطلاب المستقلين وخلايا عملهم السياسية في النشيشيبة. أما في الإعدادية فكنا في صراع دائم مع طلاب الإتجاه الإسلامي (الكيزان) وعلي عمل متواصل لإستقطاب أكبر عدد من الطلاب البرالمة. ففي النشيشيبة تُكتب الصحيفة الحائطية (المستقلة) بخط الراحل طارق أحمد علي (صبري) من كلية العلوم الزراعية، صلاح كمندِجُو من العلوم والتكنولوجيا، عادل علي صالح، كلية الاقتصاد وشخصي من كلية العلوم الزراعية..وفي النشيشيبة إجتماعات اللجنة السياسية التى تمتد حتى الساعات الأولي من صباح اليوم التالي وبتأمين خارج قاعة الإجتماعات..وفي النشيشيبة تُصاغُ خطابات رؤساء الإتحادات وخطابات نهاية الدورة لإتحاد الطلاب وبرامج ومواضيع أركان النقاش. هذا لا يعنى أنه لم يكن لمؤتمر المستقلين وجودا في الكلية الإعدادية، بالعكس فقد كان حِدةُ الصراعِ مع الاتجاه الإسلامي يتطلب دوما حِراكاً وتواجداً سياسياً في الكلية الإعدادية...كان ربان العمل السياسي بكلية الطب بقيادة الراحل الرشيد الشيخ الطيب، محمد علي مختار، كمال عثمان، حسين محمد حسين (شبونة)، هشام (الصيني)، الأمين سعيد، سُعود صالح سُلطان، الراحل أمير كمال، كمال الصادق دياب، دِينا توفيق، هالة سنهوري، محمد الشيخ الطيب، يحي محمد المهدي، مُتوكل الطيب، محمد عجيب، صلاح الجيلي عبد المحمود نور الدائم والقائمة تطول ولن نتمكن من حصر أسمائهم جميعا. كل تلك الكوكبة من الأسماء وغيرهم تمكنوا من نيل ثقة طلاب كلية الطب ونجحوا في انتزاع رابطة الطب من أيدي طلاب الاتجاه الإسلامي ليبدأ عهد من نشاط طلابي كان علي إرتباط وثيق مع المواطن من خلال القوافل الطبية تحت قيادة طلاب وطالبات مؤتمر الطلاب المستقلين.. كل ذلك وإنتخابات الروابط الأكاديمية لم تكن مسيسة في الظاهر كما إنتخابات إتحاد الطلاب. لكنها لم تسلم من صراع سياسي مبطن. فبجانب كسب ثقة الطلاب في قيادة الإتحاد نجح طلاب رابطة الطلاب المستقلين (وهي التسمية الرسمية لمؤتمر الطلاب المستقلين بجامعة الجزيرة) أيضا في قيادة غالبية الروابط الأكاديمية والإقليمية.. وبما أن الروابط الأكاديمية كانت تتمتع باستقلالية تامة من الاتحاد فكان من الضروري والمهم جدا أن تكون قيادة تلك الروابط تنتمي الي نفس الإتجاه السياسي الذي يسيطر علي قيادة اتحاد الطلاب. اختلاف الاتجاه السياسي بين الاتحاد والرابطة الأكاديمية كان يعنى وجود وضع منافس لا يخضع للتنسيق بين برامج اتحاد الطلاب و الرابطة الأكاديمية. حدثني الباشمهندس الوليد حاج الزاكي، رئيس رابطة طلاب كلية العلوم والتكنولوجيا، والذي قاد الرابطة خلال واحدة من أكبر أزمات جامعة الجزيرة وهي ما سمي "بمشكلة التكنولوجيا"، حدثني قائلا: "بحسب ما أذكر أن مناقاشات قد دارت بخصوص رابطة التكنولوجيا في العام 1985 ولم اكن حينها عضوا رسمياً في رابطة الطلاب المستقلين . وكان رأيي ألا نضعف الرابطة الأكاديمية بربطها بجهة سياسية. أي تبني سياسة عدم تسيس الروابط الأكاديمية. وفي نقاش أظنه مع يوسف صوصل ذكرت له أن وجودي خارج الإطار التنظيمي سيخدم الحركة المستقلة اكثر مما لو كنت عضو في رابطة الطلاب المستقلين في الوقت نفسه. وقد طلبت أن يتم اختيار القائمة على هذا الأساس وعليه دخلنا الرابطة في تلك الدورة 86-85 وكنت السكرتير العام. وأظن أن الاتجاه الاسلامي قد دعمونا أيضا باعتبار اننا "فلوترز" نصب في مصلحتهم. ولكن ما إن إنتهت تلك الدورة إلا وكانوا قد تيقنوا اننا لسنا منهم ولذلك حاولوا جاهدين إفشال إجتماع الجمعية العمومية أثناء مناقشة خطاب الدورة. وكان الرئيس هو اخونا نصرالدين محمد الحسن وكان هينا لينا معهم فوجدت نفسي ممسكا بالمايك ومديرا لدفة الاجتماع فأسكتهم بالمنطق ثم بالإنتهار حينما تمادوا . فسكتوا كأنما بُهتوا وصار على رؤوسهم الطير. ونزلنا بقائمة لا اذكر انها ضمت مستقلين منظمين. وكانت تلك الدورة التي استمرت لمدة عامين 86 و 87 وكنت رئيسا لها. وخلال هذه الدورة كان هناك تنسيق تام مع الاتحاد سواء في القضايا العامة التي تخص الجامعة أو التي تخص الكلية. وما أستطيع الجزم به ان إداراتنا لرابطة طلاب كلية العلوم والتكنولوجيا قد أسهمت بصورة مباشرة في تقوية التيار المستقل الداعم للحركة المستقلة بالجامعة وفي اضعاف الأتجاه الإسلامي في الوقت نفسه". في الجزء القادم نستعرض كيف أثرت أحداث الروابط الاكاديمية في مسيرة اتحاد مؤتمر الطلاب المستقلين؟ ماذا حدث في رابطة الاقتصاد والتكنولوجيا؟ سيف اليزل سعد عمر 26 مايو 2016 [email protected] - - - - - - - - - - - - - - - - - تم إضافة المرفق التالي : image.jpeg