بسم الله الرحمن الرحيم في العام 2014 وفي حفل استقبال نظّمته محافظة الإسكندرية وبحضور عدد من الدبلوماسيين منهم القنصل الأمريكي والفرنسي واللبناني والفلسطيني والبريطاني، كان من بين الحضور القنصل السوداني المكلف في ذلك الوقت الشاب (محمد حمد) وأثناء حديث محافظ الإسكندرية في ذلك الوقت عن الأعباء الأمنية التي تواجه محافظته باعتبارها محافظة ساحلية تعاني من الهجرة غير الشرعية، استدرك المحافظ لواء طارق المهدي مُخاطباً القنصل السوداني آنذاك قائلاً: (يا محمد حمد عندك 65 سودانيا ممسوكين في قسم كفر الشيخ....!!!) . ابتلع القنصل السوداني ريقه وغادر بعدها العشاء على عجل لإكمال إجراءات ترحيلهم من القسم الى الخرطوم ... هذه الحادثة ورغم مرور عامين عليها إلا أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية لم تتوقف ولكنها انخفضت نسبياً عن سواحل الإسكندرية في العام 2015 عن العام 2014 إلاّ أنّ الانخفاض نفسه لم يكن بسبب انعدام الرغبة في الهجرة أو بسبب انفراج الضائقة المعيشية في السودان أو زوال أسباب الهجرة، بل كان بسبب أنّ المُهاجرين قد وجدوا منافذ أخرى أقل رقابةً من السواحل المصرية يُمكنهم الولوج عبرها الى أوروبا.... (ليبيا) تحديداً . وما غرق القارب الأخير في عرض البحر الأبيض وقبالة السواحل الليبية إلا دليلٌ يؤكد على أن حلم الهجرة مازال حاضراً في أذهان الشباب . عند زيارتنا قبل فترة للإسكندرية وقفنا على عدد السودانيين الذين يتم ترحيلهم الى السودان، الأعداد لم تكن بالشئ القليل، فهناك ما بين 150 - 160 سودانياً يتم ترحيلهم أسبوعياً، في حين أنّ الذين قضوا نحبهم غرقاً واستلمت أُسرهم جثامينهم حوالي 50 . إنّ مسألة الهجرة خارج حدود الوطن في حد ذااتها مبررة مافي ذلك شك مع الظروف المعيشية السيئة وأحوال الاقتصاد المتقلبة والتي جعلت الوطن طارداً لأهله، ولكن تبقى مشاكل الهجرة غير الشرعية تعني تجربة اللهو واللعب بسلك كهربائي قبل مجئ التيار، ففي أية لحظة يمكن مثلاً لتلك القوارب سيئة الصنع أن تنقلب في عرض البحر، خاصة وإنّها غير مصممة لتناسب الأمواج العاتية في البحر الأبيض المتوسط، كما أنّ السعر الباهظ والذي يدفعه المهاجرون للسماسرة على كل (رأس) 4000 ألف دولار هو مبلغ كبير يمكن أن يعينهم على الهجرة بطريقة قانونية وشرعية. طبعاً هذه الأيام تعتبر موسماً للهجرة غير الشرعية، فمغامرات البحار تنشط عادةً ما بين شهرى مايو ونوفمبر لاعتبارات كثيرة أهمها أن البحر يكون هادئاً والطقس مُستقراً، وهذا يعني إننا على موعد مع كثير من الأخبار عن القبض على سودانيين في عرض البحر وعن غرق آخرين . أغلب المهاجرين غير الشرعيين هم من دول الصومال وأريتريا وجزر القمر وفلسطين وسوريا والسودان...... سبحان الله..... بعد أن كنا نأوى اللاجئين أصبحنا الآن نحن ذااااتنا لاجئين. خارج السور: لسان حال المهاجرين السودانيين يقول تجربة الموت ولا صُمة الخشم. *نقلا عن التيار