بسم الله الرحمن الرحيم في حي ( اللاماب) بمدينة الخرطوم وبالقرب من بعض الفلل والعمارات باذخة الجمال ؛ تنطلق مع تقاسيم الليل آهات امرأة خمسينية مات عنها زوجها تاركاً خلفه ستة من الأبناء أربع بنات وولدين ، وتاركاً خلفه أيضاً الكثير من الفقر والكثير من التعفف. تلك الأرملة الخالة (آمنة ) تطوي آلامها وتعض على الجوع والصبر بإيمان عميق بأن الواهب السميع العليم لن ينسى عباده وأن أنينها وأوجاعها يعلمها ويسمعها وهو أقرب إليها من حبل الوريد . يقين وإيمان يقيم أودها ويطفئ ظمأها فتغدو وتروح وهي تذرع الغرفة البائسة ذهاباً وإياباً في رحلة البحث عن خبز وحطب لتطهو ماء"ساخناً به قطعة من بصل ثم ترش ما اعتقدت أنه حساء لأولئك اليتامى وهي تنظر إليهم بعطف وشفقة وتسأل الله أن يهيء لها في يوم الغد خبزاً وبصلاً . البيت الذي تقيم فيه الخالة آمنة هو عبارة عن غرفة من الجالوص آيلة للسقوط لا يسندها حجر ولا يقوي بنيانها أسمنت ولا يوجد بداخلها أي نوع من ما يعرف بالأثاث والأدوات المنزلية ، فقط غرفة بها أربعة أسرة ينام في كل سرير إثنان من أفراد الأسرة . لا يوجد مطبخ ولا حمام ولا أي شيء من أسباب الحياة ، فقط تلك الغرفة وسور خارجي يستند عليه باب من (الزنك) مثبت بخشبة في مايعرف بباب الشارع عن الآخرين . أوجاع الخالة آمنة و آلامها كان أبرزها أن ابنتها الكبرى والتي تدرس بالجامعة بعد أن تنهي درسها تعود للعمل مساء في أحد المصانع البعيدة بمنطقة نائية.......تحكي آمنة إنها تخاف على إبنتها من الطريق ومن الظلام ومن غدر الإنسان فهي فتاة صغيرة لم يقو عودها بعد لتجابه كل هذه الظروف السيئة من دراسة ودوام مسائي وعمل شاق . الخالة (آمنة) وأبناؤها اليتامى لا يعرفون معنى لكلمة الأمان والراحة والشبع كما لا يعرفون طعم الحليب ولا رائحة البرتقال . ربما يكون يوم غد أول أيام الشهر الكريم ماذا لو جمع كل منا رطل سكر وتمرات وشيئاً من الدقيق وذهب باتجاه حي اللاماب وقابل الخالة آمنة ، ماذا لو حمل كل منا سريراً زائداً من منزله لتلك الأسرة حتى يعلم أفراد الأسرة معنى لكلمة (تمدد على السرير) ، قطعاً لن ينقص ذلك من مؤونة الشهر الكريم شيئاً. خارج السور: لماذا لا ننفق ما نصرفه ببذخ في خم الرماد اليوم على بعض الفقراء في البيوت من حولنا لنبدأ الاستعداد للشهر الفضيل بصدقة مباركة. *نقلا عن التيار